أُضيف المزيد من التوتر إلى العلاقات بين أنقرة وواشنطن بسبب قرارات اتخذها الكونغرس الأميركي في إطار مشروع موازنة الدفاع لعام 2020 الذي ينصّ على عدم تسليم تركيا مقاتلات «إف - 35» الأميركية لشرائها منظومات «إس - 400» الروسية للدفاع الجوي، ورفع حظر السلاح عن قبرص.
وتعهدت تركيا بالرد على هذه القرارات. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، إن «مشروع القانون احتوى مرة أخرى على بنود مناهضة لتركيا... أعضاء الكونغرس الساعون لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، تحت تأثير أوساط معادية لتركيا، يواصلون إلحاق الضرر برؤيتنا لتحسين العلاقات مع الولايات المتحدة».
وأقر مجلس الشيوخ الأميركي، أول من أمس، مشروع قانون الموازنة الدفاعية الأميركية لعام 2020 بحجم 738 مليار دولار بعد أسابيع من المفاوضات. وينتظر المشروع عرضه على الرئيس دونالد ترمب للمصادقة عليه.
وقالت الخارجية التركية في بيانها إن «محاولات رفع حظر السلاح الأميركي المفروض على قبرص(جزئياً)، لن يتمخض عنها سوى تعطيل جهود إيجاد حل في الجزيرة وفتح الطريق لتصعيد خطير فيها»، مضيفةً أنه «لا يمكن للغة التهديد أن تُثني تركيا إطلاقاً عن عزمها على اتخاذ التدابير الضرورية لضمان أمنها القومي. نذكّر مرة أخرى، بأنه لا يساور أحد الشك بأن تركيا ستتخذ التدابير اللازمة حيال الخطوات المتخذة ضدها».
وفرضت الولايات المتحدة حظر أسلحة على الجزيرة بأكملها عام 1987، بهدف منع حصول سباق تسلّح فيها، وتشجيع الغالبية اليونانية والأقلية التركية على التوصل إلى تسوية سلمية. ويقول مراقبون إن الخطوة الأميركية لم تكن مجدية، إذ إنّها دفعت بقبرص إلى البحث عن شركاء آخرين، بينما تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لديها جنود متمركزون في شمال قبرص منذ غزا الجيش التركي هذه المنطقة في 1974 رداً على انقلاب نفّذه قبارصة يونانيون قوميون بقصد ضمّ الجزيرة إلى اليونان.
وقاد جهود رفع الحظر السيناتوران الديمقراطي روبرت مينانديز والجمهوري ماركو روبيو، اللذان قالا إنّهما يريدان أيضاً تشجيع التعاون المتنامي بين قبرص واليونان وإسرائيل. وقال مينانديز بعد الموافقة المبدئية على رفع الحظر إنّه «مع سعي قبرص لتعميق الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، من مصلحتنا الأمنية والاقتصادية رفع قيود قديمة تعود لعقود ولم تعد صالحة ولا تساعد الأهداف الأمنية الأميركية».
وفي حين أحرز القبارصة اليونانيون والأتراك في الجزيرة المنقسمة تقدّماً على صعيد تحسين العلاقات بينهما، تصاعد التوتر بعد توقيع تركيا وليبيا مذكرة تفاهم حول تحديد مناطق السيادة البحرية في شرق المتوسط تقف حائلاً أمام مطالب اليونان وجمهورية قبرص، المعترف بها دولياً، في هذه المنطقة.
ويخشى مسؤولون أميركيون من أن يؤدي الحظر إلى التقريب بين قبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي، وروسيا التي بات بإمكانها استخدام موانئ الجزيرة بموجب اتفاق معها تم توقيعه عام 2015. وبموجب القانون الجديد، ستستمر الولايات المتحدة بوضع قيود على بعض التقنيات الحسّاسة في قبرص إلى أن تمنع الجزيرة السفن الحربية الروسية من الوصول إلى موانئها للتزوّد بالوقود والخدمات.
كانت تركيا قد هدّدت عام 1997 بشن هجوم على قبرص إذا مضت قدماً في تثبيت نظام الدفاع الصاروخي «إس - 300» الروسي، لكنها اليوم تواجه خطر فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها لشرائها نظام «إس - 400» المتطور من روسيا.
ومارس ممثلو تركيا وجمهورية شمال قبرص التركية ضغوطاً عبر جماعات الضغط لعرقلة رفع الحظر بحجة أن الكونغرس يعطي بذلك الضوء الأخضر لسباق تسلح. وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قد هدد، منذ أيام، بإغلاق قاعدتي «إنجرليك» الجوية الأميركية (في ولاية أضنة جنوب البلاد) و«كورجيك» للرادارات، الواقعة في ولاية مالطيا شرق البلاد، بسبب مشروع قرار تبنته لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي الأسبوع الماضي يفرض عقوبات على تركيا من بينها عقوبات تطول إردوغان نفسه وعائلته، بسبب العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا المعروفة بـ«نبع السلام»، وشراء صواريخ «إس - 400» من روسيا.
وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، ولي آغبابا، إن الحكومة برئاسة إردوغان، لا تملك القدرة على إغلاق القواعد العسكرية الأميركية الموجودة على الأراضي التركية. وأضاف: «لا يمكن للنواب الأتراك دخول هذه القاعدة ولا يمكن الاقتراب منها من على بُعد 6 كيلومترات. وقلنا مرات عدة أغلقوا قاعدة (كورجيك) وأرسلوا الجنود الأميركيين إلى بلادهم. لكن ما حدث هو تأسيس قاعدة أميركية (كورجيك) في وسط الأناضول دون علم الشعب والبرلمان»، واصفاً السماح بإنشاء قواعد أميركية على الأراضي التركية بـ«ارتداء قميص من النار».
على صعيد منفصل، أكد فيسيل أوك محامي النائب الألماني السابق عن حزب الخضر محمد كيليتش، أن محكمة تركية أصدرت أمراً بتوقيف النائب على خلفية اتهامه بـ«إهانة إردوغان». والنائب الألماني السابق (52 عاماً) من أصل تركي، وسبق أن شغل عضوية البرلمان الألماني «بوندستاغ» في الفترة من 2009 إلى 2013 عن حزب الخضر، ولا يزال يعمل محامياً في هايدلبرغ جنوب غربي ألمانيا وهو ناشط سياسي.
ويواجه كيليتش اتهاماً بإهانة إردوغان خلال مقابلة أجراها مع موقع «إيه بي سي» الإخباري التركي عام 2017، تحدث فيها عن جرائم حرب، ووصف إردوغان بأنه «خائن للوطن»، وفق لائحة الاتهام. وتركزت المقابلة بصورة أساسية على سياسات إردوغان في سوريا.
ووفقاً للمحامي أوك، فإن الادعاء أوضح أن الاتهامات لا تمثل جريمة في ألمانيا، وأنه يعتزم الطعن على قرار المحكمة حتى يتمكن موكله من الإدلاء بشهادته من ألمانيا، وتم إرجاء الجلسة إلى 26 فبراير (شباط) المقبل.
زيادة التوتر بين واشنطن وأنقرة بعد حظر الكونغرس «إف ـ 35»
المعارضة تستبعد إغلاق القواعد الأميركية رغم تهديد إردوغان
زيادة التوتر بين واشنطن وأنقرة بعد حظر الكونغرس «إف ـ 35»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة