أعمال فوضى في طرابلس... واعتداء على منزل المفتي مالك الشعار

اعتراض واسع في المدينة والجيش أوقف أربعة منفذين

TT

أعمال فوضى في طرابلس... واعتداء على منزل المفتي مالك الشعار

عاشت مدينة طرابلس في شمال لبنان، فجر أمس، ساعات طويلة من الفوضى، بدأت الثانية والنصف، واستمرت حتى السادسة صباحاً، قبل أن يتمكن الجيش والقوى الأمنية من السيطرة على الوضع، وتخللها اعتداء على منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار، وإحراق شجرة الميلاد في منطقة المعرض في المدينة.
ولفتت مصادر ميدانية طرابلسية لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «عدداً كبيراً من الشبان، عمدوا إلى تكسير وإحراق الغرفة الخشبية المخصصة لحرس منزل المفتي الشعّار، ثم انتقلوا إلى منطقة الميناء وأحرقوا شجرة الميلاد المثبتة أمام مستشفى النيني، وحاولوا الدخول إلى بعض المؤسسات الرسمية وإطلاق النار في الهواء وقطع عدد من الطرق داخل المدينة».
وخرقت هذه الأفعال أجواء الهدوء التي امتازت بها طرابلس، وخصوصاً في ساحة النور، التي ظل يقصدها الآلاف من طرابلس والشمال وباقي المناطق طيلة أيام الانتفاضة. وأوضحت المصادر الطرابلسية أن «منفذي هذه الأفعال تذرعوا بوجود تسجيلات جرى توزيعها على وسائل التواصل الاجتماعي، تحمل إساءات دينية».
ورغم سيطرة الجيش على الوضع، بقيت طرابلس شبه مشلولة طوال يوم أمس، بسبب استمرار قطع عدد من الطرق الرئيسية فيها، احتجاجاً على توقيف 4 أشخاص ممن نفذوا الاعتداءات، وكشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن «أعمال الشغب والاعتداءات نفذها بضعة غوغائيين ممن لديهم أسبقيات جرمية ومخالفة القانون». وقال: «لقد حددت الأجهزة الأمنية أسماء 8 ممن شاركوا في هذه الأعمال، جرى توقيف 4 منهم، ويجري مطاردة الآخرين لتوقيفهم».
وبرر المعتدون هجومهم على منزل المفتي الشعار، وإحراق غرفة خشبية يقف فيها حراسه، بالقول إنه جاء «ردّاً على الاتصال الذي أجراه الشعار برئيس مجلس النواب نبيه بري (أول من أمس)، والإدلاء بتصريح عبر قناة (إن بي إن) التابعة لبري». وأكد المصدر الأمني أن «لا انتماءات سياسية لمنفذي الاعتداءات»، مشيراً إلى أن «المفتي الشعار اتصل بمديرية المخابرات في الجيش اللبناني، وأعلن أنه يسامح من اعتدوا على منزله، متمنياً الإفراج عن الموقوفين».
ولاقت هذه الاضطرابات حالة اعتراض واسعة من مرجعيات مدينة طرابلس وفاعلياتها، واتهم الوزير السابق رشيد درباس، مفتعلي الفوضى بـ«محاولة اختراق الثورة والإساءة لمفهوم ثورة طرابلس المستمرة بنفس الزخم منذ أكثر من 55 يوماً». ورأى درباس في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوى الأمنية لا تستطيع أن تمارس دور المراقب، لأن كلّ مخرب تجب ملاحقته»، معتبراً أن «الذين أحرقوا شجرة الميلاد نسوا أو تناسوا أن منازل غالبية المسلمين في طرابلس، تحتوي على شجرة ميلاد». وقال درباس: «ستقام في ساحة النور شجرة ميلاد أكبر من التي أحرقت وفي المكان نفسه، وأخرى في الساحة (النور) التي شارك فيها رجال دين مسيحيون في احتفالات المولد النبوي الشريف».
إلى ذلك، أعلنت قيادة الجيش اللبناني في بيان، أنه «نحو الساعة الرابعة من فجر اليوم (أمس)، أقدم عدد من الأشخاص يستقلّون دراجات نارية على التجمع أمام منزل مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، وقاموا بارتكاب أعمال شغب وتحطيم للأملاك، مطلقين شعارات نابية، ثمّ أقدموا على إلقاء زجاجات حارقة على شجرة الميلاد في مستديرة مستشفى النيني، ما أدى إلى اشتعالها». وقال البيان: «على الفور، دهمت دورية من مديرية المخابرات أماكن وجود هؤلاء الأشخاص في مدينة طرابلس، وأوقفت 4 أشخاص مع دراجاتهم». وأكد البيان أن «قوة من الجيش تدخلت وعالجت توتراً في منطقتي كورنيش المزرعة وبربور (بيروت) على خلفية نزع صور، وأعادت الوضع إلى ما كان عليه، وقد بوشر التحقيق مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.