انتهت اليوم المهلة الدستورية التي يتعين على الرئيس العراقي برهم صالح، خلالها تكليف مرشح لتشكيل الحكومة المقبلة بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، قبل أسبوعين، فيما خيمت ظلال مشكلة عدم تحديد الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً المخولة تقديم مرشح لرئاسة الحكومة، على المشهد السياسي بكامله. واختير عبد المهدي العام الماضي عبر التوافق السياسي لا بتسمية الكتلة الأكبر. وتنازلت الكتلة الفائزة بأعلى الأصوات في البرلمان وهي كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، عن حق تسمية المرشح لرئاسة الوزراء لصالح ساحات التظاهر.
وطُرح مرشحون غير رسميين عدة نُشرت أسماؤهم وصورهم في ساحة التحرير، لكن من دون أن يتم ذلك عبر كتاب رسمي يقدَّم إلى رئيس الجمهورية لأغراض التكليف، ناهيك بصعوبة الإجماع على اسم يقدَّم بصفته معبّراً عن جموع المتظاهرين.
وعملت الكتل السياسية خلال الفترة الماضية حتى نهاية المهلة الدستورية بطريقة جس النبض، لمعرفة رد فعل الشارع والكتل السياسية على طرح أسماء بعينها. ورفعت ساحات التظاهر شعار «نريد مستقلاً لا مستقيلاً» عندما تم تداول اسم وزير العمل والشؤون الاجتماعية السابق محمد شياع السوداني، مرشحاً لرئاسة الوزراء من قِبل «كتلة البناء» التي طرحت نفسها بوصفها الكتلة الأكبر. كما برز اسم وزير التعليم العالي والبحث العلمي الحالي قصي السهيل، مرشحاً لرئاسة الحكومة، مدعوماً من كتل بارزة.
مرسوم التكليف الذي يُفترض أن يصدر اليوم، يواجه صعوبات جمّة في ظل انقسام حاد في المشهد السياسي. الكتل التي وافقت على رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ترشيح السهيل هي: «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، و«الفتح» بزعامة هادي العامري، و«عصائب أهل الحق» بزعامة قيس الخزعلي، إضافة إلى «تحالف القوى العراقية» بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، و«المحور الوطني» بزعامة خميس الخنجر.أما الكتل المعترضة فهي: «سائرون» المدعومة من الصدر، و«الحكمة» بزعامة عمار الحكيم، و«النصر» بزعامة مقتدى الصدر، بينما لم تعلن الكتل الكردية موقفها من الترشيح من عدمه.
وقال رئيس كتلة «بيارق الخير» محمد الخالدي، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يجري الحديث عنه على صعيد تقديم هذا الاسم أو ذاك غير صحيح من الناحية الرسمية»، مبيناً أن نحو 170 نائباً في البرلمان، هو أحدهم، اتفقوا على مرشح للمنصب لطرحه خلال لقاء مع ممثل لرئيس الجمهورية أمس، «لأننا كنواب نمثل كتلاً ومكونات مختلفة ونحن نملك الأغلبية في تمرير أي مرشح أو رفضه».
وأضاف الخالدي أن «رئيس الجمهورية لن يرشح من دون أن يأخذ رأي المتظاهرين والـ170 نائباً، وبالتالي فإننا سنرشح من هو مطابق للمواصفات»، لافتاً إلى أنه «حتى لو رشحت كتل أخرى مرشحاً آخر فإنه لا يمكن أن يمضي داخل قبة البرلمان من دون موافقة هذا العدد الكبير من النواب».
وأعلن النائب المثير للجدل فائق الشيخ، عن ترشيح نفسه لمنصب رئيس الوزراء، بتغريدة على حسابه في «تويتر»، بعد استفتاء أجراه عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال: «تم تسليم كتاب الترشح لتشكيل الحكومة إلى السيد رئيس الجمهورية قبل قليل».
وقال رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري، لـ«الشرق الأوسط» إن «ترشيح رئيس الوزراء المقبل لا بد أن يأتي وفقاً للسياقات الدستورية، خصوصاً بعد استقالة عبد المهدي، إذ أصبح لزاماً على الكتل السياسية تفعيل الآليات الدستورية الخاصة بذلك».
وأضاف أن «هناك متغيراً في عملية الترشيح، بوجود معادلة جديدة هي معادلة التغيير التي فرضها الشارع. وهذه المعادلة تأتي بخلاف رغبة الكتل السياسية لا سيما (البناء، ودولة القانون، والفتح)، بحيث يدفعون اختيار شخصيات من داخل المنظومة السياسية نفسها أو قريبة منها».
وأوضح أن «هذا يؤشر إلى عدم إدراك حقيقة المتغير الذي نتج عن المظاهرات وعدم التعاطي بجدية بشأن دفع شخصية مقبولة، علماً بأن هذه الترشيحات بهذه الطريقة ستعني عملية تقاسم جديدة للدولة ومناصبها، وهو ما لم يخدم عملية الإصلاح التي ينتظرها الشارع العراقي ويؤكد أن البون ما زال شاسعاً بين هذه الطبقة السياسية والشارع الذي يريد الانفلات من المنظومة الحزبية».
إلى ذلك، اعتبر «ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، أن «حمى التنافس الحزبي وعقلية الاستحواذ ستجهض الأمل بمرحلة انتقالية إصلاحية». وقال في بيان أمس، إنه «لم يطرح أي مرشح لرئاسة الوزراء ولا يدعم أحداً بعينه، وما يهمه ويعمل عليه هو وطنية واستقلالية ومهنية المرشح والمقبولية لدى الشعب». وشدد على أن «إصلاح النظام السياسي وتحقيق طموحات الشعب يتطلبان تغييراً جوهرياً بمعادلة الحكم، ويجب ألا يخضع الإصلاح لسوق المصالح الضيقة».
تضارب حول خلافة عبد المهدي مع انتهاء مهلة التكليف
تضارب حول خلافة عبد المهدي مع انتهاء مهلة التكليف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة