الجيش المصري يقوم بالمناورة الاستراتيجية الأكبر في تاريخه

المتحدث العسكري: «بدر 14» تعكس قدرتنا على الردع وليست موجهة ضد أحد

الجيش المصري يقوم بالمناورة الاستراتيجية الأكبر في تاريخه
TT

الجيش المصري يقوم بالمناورة الاستراتيجية الأكبر في تاريخه

الجيش المصري يقوم بالمناورة الاستراتيجية الأكبر في تاريخه

أعلن الجيش المصري أمس عن قيامه بأكبر مناورة استراتيجية في تاريخه على مستوى كل التشكيلات التعبوية والأفرع الرئيسة للقوات المسلحة، وهي المناورة التي يبلغ عدد القوات المشاركة فيها ضعف تلك التي شاركت في مناورة «بدر 1996»، التي تعد الأكبر في تاريخ الجيش المصري. وقال الجيش المصري إن «المناورة تأتي في إطار التخطيط التعبوي لعام 2014، وإنها ليست موجهة ضد أحد، أو مرتبطة بظروف وأحداث تجري في المنطقة، بل الهدف منها هو عكس قدرة الجيش المصري على الردع».
وأوضح العميد محمد سمير، المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري العسكري، في مؤتمر صحافي أمس، إن المناورة «بدر 2014» مدتها 27 يوما كاملة بدأت، منذ يوم 11 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي وتنتهي يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. مشيرا إلى أنها تعد أكثر المناورات تطورا من حيث التخطيط والتدريب وحجم القوات المشاركة، ولافتا إلى أن حجم القوات التي اشتركت في المناورة «بدر 14» ضعف القوات التي اشتركت في مناورة عام 1996.
ويذكر أن المرحلة الرئيسة لمناورة «بدر 1996»، والتي تعد الأضخم في تاريخ العسكرية المصرية، جرت في سبتمبر (أيلول) من ذات العام، وقام الجيش المصري خلالها بعمل أضخم مناورة على الإطلاق حيث قامت قوات الجيشين الثاني والثالث بتنفيذ لعملية عبور لقناة السويس ونجحت في نقل 60 في المائة من معدات الجيش المصري إلى داخل سيناء في زمن قدره 6 ساعات، ونجح الجيش المصري في الوصول إلى حالة الاستنفار القصوى في مدة لم تتجاوز 11 دقيقة فقط بخلاف أنها تضمنت التعامل مع والتصدي للضربات من أسلحة الدمار الشامل. وتناولت مراكز الدراسات الاستراتيجية الأميركية 10 دراسات خاصة عن هذه المناورة.
وأكد العميد سمير أن المناورة «بدر 14» تأتي في إطار خطة التدريب العامة للقوات المسلحة، وليست موجهة ضد أحد أو مرتبطة بظروف وأحداث تجري في المنطقة، خصوصا أنها تجري داخل الحدود والمياه الإقليمية المصرية. مشيرا إلى أن المناورة تهدف إلى قياس الكفاءة القتالية للقوات المسلحة كإحدى قوى الدولة الشاملة، وتحديد إمكانيات الردع في حالة أي تهديد للدولة من خلال الوصول إلى أعلى معدلات التدريب، وكيفية إدارة عملية دفاعية لصد العدو ومنعه عن الوصول لأهدافه.
وأفاد أن القوات تدير عملية دفاعية استراتيجية لصد هجمات العدو مع استمرار تأمين المنشآت الحيوية، لافتا إلى أن الأهداف التدريبية لها تتمثل في التخطيط للكثير من الأنشطة وعرض أهداف عملياتية مفاجئة وزيادة خبرة القادة والضباط وتنفيذ إجراءات الفتح الاستراتيجي والتعبوي للقوات على كل الاتجاهات الاستراتيجية.
وأوضح المتحدث العسكري أن هدف المناورة التأكيد على الكفاءة القتالية للقادة والضباط، في الدفاع عن الوطن برا وبحرا وجوا مع الاستعداد الدائم لتأمين الجبهة الداخلية. مشيرا إلى أن قرار القيادة العامة للقوات المسلحة بإقامة المناورة جاء بعد استعادة الشرطة لمكانتها ومهامها كاملة وتحسن الأوضاع الأمنية في البلاد، لافتا إلى أن الهدف الأساسي من المناورة هو حماية الأهداف والمصالح القومية وتحقيق الردع لكل التهديدات المنتظرة، والوصول إلى أعلى درجات الاستعدادات القتالي.
وأكد المتحدث العسكري عدم تأثر العمل داخل المجرى الملاحي لقناة السويس خلال أعمال المناورة التي تجري في أجزاء منها داخل نطاق الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، مضيفا أنها لن تؤثر أيضا على عمل القوات المسلحة في مكافحة الإرهاب داخل سيناء.
كما أوضح العميد سمير أن مراحل تنفيذ «بدر» تتم من خلال مرحلتين رئيستين، وهما الافتتاحية، وتشمل الاستعداد والتجهيز والفتح الاستراتيجي، أما المرحلة الثانية، فتشمل استكمال أعمال بناء الدفاعات وإدارة عملية دفاعية استراتيجية. لافتا إلى أن القوات الخاصة سوف تشارك في أعمال الإبرار الجوي وتنفيذ أعمال الإغارة الخاصة بالمناورة وكذلك إقامة الكمائن في عمق العدو.
كما أفاد بأن القوات البحرية تنفذ مناورة «ذات الصواري» في إطار عمليات المناورة، ويتم خلالها تنفيذ كل المراحل في البحرين المتوسط والأحمر، وإبرار بحري لإحدى الوحدات البحرية، بالإضافة إلى قيام القوات الخاصة البحرية بتنفيذ إغارات في عمق العدو. مضيفا أن القوات الجوية سوف تؤمن أعمال الفتح الاستراتيجي والتعبوي بالتعاون مع الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، لتدمير العدائيات وتقديم الدعم والمعاونة للوحدات البحرية. موضحا أن الطائرات المقاتلة سوف تؤمن كافة مراحل المناورة، وتنفذ رمايات جوية، بالإضافة إلى دورها في تأمين وحماية القوات البرية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.