قيادة «داعش» غاضبة من أتباعها بسبب تسريبهم معلومات

كتاب إرشادي وزع على المسلحين ينصحهم بعدم تبادل رسائل على «تويتر»

قيادة «داعش» غاضبة من أتباعها بسبب تسريبهم معلومات
TT

قيادة «داعش» غاضبة من أتباعها بسبب تسريبهم معلومات

قيادة «داعش» غاضبة من أتباعها بسبب تسريبهم معلومات

منذ بدء الضربات الجوية بقيادة الولايات المتحدة في أغسطس (آب) الماضي، يسعى «داعش» بدأب لتجنب التعرض لها. وتكشف وثائق خاصة بالتنظيم المتطرف وشهادات من مقاتلين تابعين له وسوريين بالمناطق الخاضعة لسيطرته كيف يعمل على الاختباء من أعدائه.
المعروف أن التنظيم تميز بإنتاج غزير عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لكن مقاتليه تسببوا من دون قصد في تسريب بعض المعلومات عبر نشاطاتهم على شبكة الإنترنت، مما أمد وكالات الاستخبارات الغربية بثروة من المعلومات القيمة.
الآن، بدأ «داعش» في التحرك نحو وقف هذه التسريبات، حيث قام بتوزيع كتاب إرشادي باللغة العربية على مقاتليه، اطلعت «فاينانشيال تايمز» على نسخة منه، يتضمن تعليمات مفصلة حول كيفية التخلص من البيانات الخلفية من المحتويات التي تنشر عبر الإنترنت. ونوه الكتاب بأن الأمر لا يتعلق بالصور فحسب، بل يمتد إلى ملفات «بي دي إف» وملفات «وورد» والملفات المصورة.
ويعد التخلص من البيانات الخلفية مجرد واحد من الإجراءات التي يفرضها «داعش» لوقف عمليات تسريب المعلومات. من بين الإجراءات الأخرى ظهور «هاشتاغ» بعنوان «حملة التكتيم الإعلامي» في الأسابيع الأخيرة نال شهرة واسعة بجانب «الهاشتاغات» الأخرى المؤيدة لعمليات التنظيم. ويوجه «الهاشتاغ» الجديد المقاتلين لعدم تبادل رسائل عبر موقع «تويتر» تتضمن أسماء أو مواقع، والحرص على عدم نشر صور لأفراد يمكن تحديد هويتهم من خلالها.
وأحيانا، تتخذ الإجراءات الأمنية الجديدة طابعا أكثر صرامة مع صدور تعليمات لبعض المقاتلين بالابتعاد عن شبكات التواصل الاجتماعي تماما. وذكر صاحب مقهى إنترنت بإحدى المناطق السورية الخاضعة لسيطرة «داعش»، يرتاده مقاتلو الجماعة، أن هناك تراجعا شديدا في أعداد المقاتلين الذين يستخدمون مواقع تواصل مثل «تويتر». وقال «القليل منهم يبقى على اتصال عبر شبكة الإنترنت، لكن لم يعد أحد ينشر صورا ذاتية له بجوار رؤوس مقطوعة».
الواضح أن الضربات الجوية أعادت لأذهان «داعش» الدروس القديمة المستفادة من أسلافه مثل «القاعدة في العراق» بخصوص الدعاية، ذلك أنه خلال ذروة الجهود الأميركية للقضاء على «القاعدة في العراق» تراجع متوسط العمر المتوقع لقادة الجماعة إلى عامين فقط.
والآن، تبدو الشرطة الدينية التابعة لـ«داعش» والمعروفة باسم «الحسبة» أكثر اهتماما بنشاطات الأفراد عبر الإنترنت وهواتفهم النقالة عن اهتمامها باستقامتهم الأخلاقية. وقد تسببت الحملة الأمنية الأخيرة في تصاعد حاد في حالات الإعدام.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجماعة قتلت ما يصل إلى 20 من أعضائها خلال الشهور الثلاثة الماضية للاشتباه في تورطهم بأعمال تجسس. وعن ذلك، قال مسؤول بالاستخبارات البريطانية «هذا الأمر يعكس ما سبق أن جرى بـ(القاعدة)، فكلما زادت فاعلية الضربات ضد الجماعة، زادت مشاعر البارانويا بداخلها، وينتاب أعضاءها القلق من أن كل من حولهم جواسيس».
ورغم أن مثل هذه الإجراءات قد تحفظ القوة العسكرية للتنظيم، فإنها تحمل في طياتها تكلفة كبيرة، حيث خفت التألق الآيديولوجي للجماعة الجهادية بعض الشيء.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».