يتوقع مسؤولون مصريون، وخبراء عقارات، أن تساهم إعادة طرح الأراضي المملوكة للدولة والمستردة من «واضعي اليد المخالفين»، مرة أخرى، أمام المستثمرين والمطورين العقاريين في انتعاشة السوق العقارية في محافظات مصر، بجانب ضخ موارد كبيرة لخزينة الدولة.
وأعلنت «اللجنة العليا لاسترداد أراضي الدولة» في بيان صحافي الأسبوع الماضي نجاحها في استرداد نحو 420 ألف فدان من الأراضي الزراعية، و37 مليون متر مربع من أراضي البناء المعتدى عليها ضمن أعمال الموجة الرابعة عشرة لإزالة التعديات، بجانب معاينة 53 ألف حالة تعد، من بينها نحو 13 ألف حالة تم تسعيرها كمرحلة أخيرة قبل إصدار العقود. وبحسب أحمد أيوب، المتحدث الرسمي باسم لجنة استرداد الأراضي، فإن «اللجنة أصدرت أكثر من 7800 عقد لمن توافرت لديهم شروط التقنين في 24 محافظة حتى الآن».
وعن كيفية استفادة الدولة من الأراضي المستردة. يقول أيوب لـ«الشرق الأوسط»: «استفادة الدولة من أملاكها المستردة يسير عبر 3 اتجاهات، الأول: طرحها استثمارياً بمعرفة وزارة الاستثمار المصرية، والثاني من خلال إنشاء مشروعات تنموية وقومية عليها مثل مشروعات الإسكان الحكومية، أو المستشفيات أو المدارس، والثالث طرحها لمزاد علني إن لم تصلح للمشروعات القومية أو الفرص الاستثمارية»، مضيفاً «كانت تواجهنا في البداية بعض الصعوبات، لكن مع وجود إرادة سياسية قوية تم حل معظم الأزمات التي كانت تواجه عمل اللجنة على غرار بعض القوانين القديمة».
وتهدف حملات الإزالة إلى إنهاء ظاهرة «وضع اليد» على أراضي الدولة التي كان يستحوذ عليها عدد كبير من «رجال الأعمال» المصريين في مختلف المحافظات المصرية والتي تقدر بمئات الآلاف من الأفدنة وعشرات المليارات من الجنيهات، والتي لم يصدر بعددها حصر نهائي رسمي حتى الآن.
وأصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قراراً رئاسياً في عام 2016 بتشكيل لجنة لاسترداد أراضي الدولة المنهوبة، وحصر كل الديون المستحقة للجهات صاحبة الولاية على الأرض وتصنيف المدينين بهذه المستحقات، والتنسيق مع الجهات صاحبة الولاية بشأن الإجراءات القانونية والإدارية المتبعة لاسترداد الأرض المستولى عليها ومتابعتها.
خالد سالم، خبير عقارات، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «استرداد الأراضي المملوكة للدولة يمكن الحكومة المصرية من إعادة تخطيطها مرة أخرى لتنفيذ مشروعات جديدة تخدم الاقتصاد الوطني، وتلبي احتياجات المواطنين والشباب العقارية والسكنية». مشيراً إلى أن «بعض المخالفين عكفوا على إنشاء منتجعات سكنية لا تناسب متطلبات الجزء الأعظم من المواطنين، لكن باستعادة الدولة تلك الأراضي، يمكن طرحها لتنفيذ مشروعات عقارية للإسكان منخفض ومتوسط التكلفة، ما يؤدي إلى انتعاشة عقارية في مناطق عدة».
وتواصل السلطات المصرية أعمال الإزالة للمباني المنشأة على أراضي الدولة، بما فيها الأراضي التي تقدم البعض بطلبات تقنينها ولم تستكمل تسويتها أو التصالح بشأنها، للتأكيد على جدية الدولة في استرداد حقوقها وعدم السماح بأي حالات مماطلة أو بقاء أوضاع غير قانونية وفق بيان اللجنة العليا لاسترداد الأراضي أخيراً.
وقال اللواء عبد الله عبد الغني، رئيس الأمانة الفنية للجنة استرداد الأراضي، إنه «تم رصد عدد من طلبات التقنين غير الجادة، من بينها الطلبات الوهمية، أو من تقدموا بطلبات تقنين لأراض لا يجوز تقنينها، أو من قٍبل مواطنين اعتقدوا أن الدولة غير جادة في تقنين الأوضاع»، مشيراً إلى أن «اللجنة تتعامل بكل حسم مع كل الحالات التي يثبت عدم جديتها وضمها لموجات الإزالة، لا سيما بعد تقديم تسهيلات كثيرة لتشجيع المواطنين على تقنين أوضاعهم، ومنح المحافظين الصلاحية في حالات الضرورة التي يقدرونها بالسماح لغير القادرين على سداد قيمة التقنين بتخفيض المقدم إلى 15 في المائة، بدلاً من 25 في المائة وتقسيط باقي المبلغ على 7 سنوات بدلاً من 3 سنوات، مع إعفاء كل من يسدد قيمة التقنين نقداً مرة واحدة بالإعفاء من 10 في المائة من الثمن».
ويقول خبير الاقتصاد، شريف هنري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «استرداد أراضي الدولة من المخالفين حق شرعي للحكومة، لأنها تستردها من فئة قليلة لا تستحق، تتمتع بنفوذ كبير لتعود ملكية الأرض في النهاية إلى ملكية الشعب وهذا جزء من القضاء على الفساد».
وتوقع هنري «انتعاشه خزينة الدولة بأموال بيع الأراضي المستردة أو التي تم توفيق أوضاعها، وتوجيه تلك الأموال لمشروعات الإسكان أو التعليم أو الصحة»، موضحاً أن «استراتيجية الحكومة المصرية الحالية تعمل باستراتيجية جديدة مغايرة للحكومات التي سبقت ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، عبر شروعها في شق الطرق، وتوصيل المرافق بنفسها ثم طرح الأرض للبيع بأسعار مرتفعة للمطورين العقاريين وهذا توجه جيد، لأنها كانت تبيع في السابق قطع كبيرة بمبالغ زهيدة لصالح مطورين ينشئون بأنفسهم الطرق والمرافق العامة بجانب المباني والخدمات الأساسية».
وبلغت حصيلة تقنين وضع الأراضي المملوكة حتى الآن نحو 8 مليارات و500 مليون جنيه (531 مليون دولار)، وفق تصريحات شريف إسماعيل، رئيس الوزراء المصري السابق، رئيس اللجنة الحالي، والذي أكد قائلاً إن «الإسراع في الانتهاء من كافة الطلبات التي ثبت استيفاء شروط تقنين أوضاعها سوف يحقق نقلة كبيرة في عدد العقود، مع التأكيد أيضا على عدم المبالغة في التسعير، وربط تسعير الأراضي المطلوب تقنينها بالسعر السائد بالمنطقة».
استرداد «أراضي الدولة» يمهد لانتعاشة عقارية في مصر
531 مليون دولار حصيلة التقنين حتى الآن
استرداد «أراضي الدولة» يمهد لانتعاشة عقارية في مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة