برويز مشرّف... قصة أول رئيس عسكري لباكستان يُحكَم عليه بالإعدام

الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرّف (إ.ب.أ)
الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرّف (إ.ب.أ)
TT

برويز مشرّف... قصة أول رئيس عسكري لباكستان يُحكَم عليه بالإعدام

الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرّف (إ.ب.أ)
الرئيس الباكستاني الأسبق برويز مشرّف (إ.ب.أ)

حكمت محكمة باكستانية اليوم (الثلاثاء)، غيابياً بالإعدام على الرئيس الأسبق برويز مشرّف بعد إدانته بـ«الخيانة العظمى»، في خطوة غير مسبوقة في بلد يتمتع العسكريون فيه بحصانة من الملاحقة القضائية، ما دفع الجيش إلى إدانة الحكم.
وهي المرة الأولى التي يصدر فيها حكم بالإعدام بحق قائد سابق للقوات المسلحة في باكستان، التي حكمها الجيش لعقود ولا يزال يحتفظ بنفوذه في البلاد، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويقيم مشرّف في منفاه الاختياري منذ رفع حظر السفر الذي كان مفروضاً عليه في 2016، ما سمح له بتلقي العلاج في الخارج. وأمضى الرئيس الأسبق البالغ 76 عاماً الجزء الأكبر من وقته مؤخراً بين دبي ولندن.
ولكن من هو برويز مشرّف... وكيف وصل إلى الحكم في باكستان؟
وُلد برويز مشرّف في دلهي بالهند في 11 أغسطس (آب) 1943، لأبوين ناطقين باللغة الأوردية هاجرا إلى باكستان بعد تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وبعد مسيرة طويلة في الجيش عُيِّن مشرّف رئيساً لهيئة الأركان عام 1998 قبل عام من الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء نواز شريف.
ونُظر وقتها إلى تعيين مشرّف رئيساً للأركان على أنه «مقامرة» من رئيس الحكومة نواز شريف، الذي فضَّله على عدد من كبار القادة العسكريين، في مسعى منه للسيطرة على الجيش.
وكانت شعبية نواز شريف، آنذاك، في أدنى درجاتها، في ظل حالة من الركود الاقتصادي، ووسط تداعيات أزمة في كشمير، عقب محاولة عسكرية باكستانية فاشلة لاستعادة أراضٍ متنازع عليها مع الهند.
وحينما كان شريف بصدد عزل مشرّف عن رئاسة أركان الجيش، بعد فشل العملية العسكرية في كشمير، تحرك الأخير للإطاحة برئيس الحكومة، مستغلاً الفرصة التي سنحت له لتولي السلطة في البلاد.
دور مشرّف في الحرب الأميركية على الإرهاب
قرر مشرّف دعم «الحرب على الإرهاب» التي شنها الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، في أعقاب هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول) عام 2001.
ولكن قرار مشرّف دعم الحرب الأميركية كان يعني، ضمنياً، أنه في طريقه إلى الصدام مع العسكريين المتعاطفين مع تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» التي لطالما اتُّهم الجيش الباكستاني بأنه على صلة بها، حسب «بي بي سي».
وشُبهت سياسات مشرّف بالسير على سلك شائك، خلال محاولته الحفاظ على التوازن بين الاستجابة للضغوط الأميركية الداعية لكبح التطرف في باكستان، وبين مطالب الدوائر المعادية للولايات المتحدة في بلاده.
واتهم كل من حلف شمال الأطلسي «الناتو» والحكومة الأفغانية مشرّف، مراراً، بعدم بذل ما يكفي من الجهود لوقف تدفق المسلحين المتعاطفين مع «القاعدة» و«طالبان» من المناطق القبلية الباكستانية إلى أفغانستان.
وأُثيرت تساؤلات حول مشرّف مرة أخرى عام 2011، حينما تبين أن الزعيم السابق لتنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن عاش لسنوات في باكستان، غير بعيد عن مقر أكاديمية عسكرية.
صراعات واضطرابات... وهزيمة أدت إلى الاستقالة
شهدت فترة حكم مشرّف صراعات عدة مع السلطة القضائية، بما في ذلك الخلافات المطوَّلة التي أثارتها رغبة مشرّف المعلنة في البقاء على رأس الجيش والدولة معاً.
وفي أوائل عام 2007، أقال مشرّف كبير القضاة أفتخار محمد شودري، في خطوة أشعلت احتجاجات واسعة وشهوراً من الاضطرابات.
وبعد عدة أشهر، أمر مشرّف قوات الأمن بمحاصرة المسجد الأحمر والمدرسة الإسلامية الملحقة به، بعد اتهام طلاب ورجال الدين بشن حملة عنف لفرض تفسير متشدد للشريعة في إسلام آباد؛ ما أسفر عن مقتل 100 شخص.
كما أدى الغضب الشعبي المتصاعد من حملة مشرّف على المساجد إلى ظهور حركة «طالبان» الباكستانية، وشن حملة من التفجيرات والهجمات خلَّفت آلاف القتلى.
وحاول مشرّف تمديد فترة ولايته عبر فرض حالة الطوارئ في البلاد، ولكن حزبه مُني بهزمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في فبراير (شباط) عام 2008، ما اضطره إلى الاستقالة بعد 6 أشهر، لتجنب إجراءات عزله التي أطلقها الائتلاف الجديد الحاكم آنذاك.
وعاش مشرَّف منذ ذلك الحين بين لندن ودبي، لكنه لم يخفِ مطلقاً طموحه للعودة للحكم في بلاده. وعاد إلى باكستان عام 2013 في محاولة لخوض الانتخابات لكنه مُنع من المشاركة ومن مغادرة باكستان، كما واجه سلسلة من القضايا القانونية.
وواجه مشرَّف عدة اتهامات، من بينها تهم بالفشل في توفير الأمن اللازم لرئيسة الوزراء الباكستانية بنظير بوتو، التي اغتالتها حركة «طالبان» عام 2007. كما اتهم تحقيق أجرته الأمم المتحدة في جريمة اغتيال بوتو، عام 2010 حكومة مشرّف بـ«الإخفاق المتعمد» في حماية رئيسة الوزراء.
وفي العام نفسه، اتُّهم مشرّف بـ«الخيانة العظمى»، بسبب قراره تعليق الدستور عام 2007، ولكن مشرّف لم يكن لقمة سهلة في البلد الذي يتمتع فيه العسكريون بحصانة من الملاحقة القضائية؛ الأمر الذي اضطر السلطات الباكستانية إلى إنشاء محكمة خاصة لمحاكمته.
واستغرقت مُحاكمته أكثر من 5 سنوات، قبل أن تُصدر المحكمة حكماً اليوم بإعدامه بعد إدانته بـ«الخيانة العظمى».



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.