جبايات حوثية جديدة في صنعاء تهدد بنسف القطاع الطبي

تضييق الخناق على المستشفيات... وفرض إتاوات على العمليات الجراحية

تلقيح رضع في مركز طبي بالعاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
تلقيح رضع في مركز طبي بالعاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
TT

جبايات حوثية جديدة في صنعاء تهدد بنسف القطاع الطبي

تلقيح رضع في مركز طبي بالعاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)
تلقيح رضع في مركز طبي بالعاصمة اليمنية صنعاء (إ.ب.أ)

استمراراً لمسلسلها الذي كانت بدأته قبل أشهر قليلة ماضية، عاودت الميليشيات الحوثية الانقلابية استهدافها المباشر والممنهج لما تبقى من المنشآت الطبية والصحية في العاصمة اليمنية صنعاء وتحت ذريعة «ضرائب الدخل» هذه المرة.
وكشفت مصادر طبية في صنعاء عن تنفيذ الميليشيات الموالية لإيران الأسبوع الحالي حملات ابتزاز ونهب طالت أكثر من 13 مستشفى خاصاً في العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرتها، بهدف فرض جبايات وإتاوات جديدة وغير قانونية. وعدّت المصادر أن الهدف من الحملة الحوثية هو التضييق على من تبقوا من منتسبي القطاع الخاص الطبي في أمانة العاصمة، واستفزاز الناس وحرمانهم من التداوي وتلقي العلاج في تلك المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى، وتوفير بيئة لتفشي الأمراض والأوبئة.
وبحسب المصادر، فإن التدابير الحوثية القمعية التي طالت المؤسسات الصحية الخاصة في العاصمة لم تشمل في الوقت نفسه المستشفيات الأخرى الخاصة التي تعود ملكيتها لقيادات حوثية بارزة. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «ميليشيات الحوثي فرضت من خلال حملتها الجديدة على المستشفيات المستهدفة دفع مبالغ مالية ضرائب عن كل عملية جراحية يجريها كل مشفى».
وكشف أطباء وعاملون صحيون بعدد من المستشفيات المستهدفة عن تلقيهم أثناء نزول الميليشيات المسلحة إليهم الأسبوع الحالي أوامر تفرض ضريبة على كل عملية يجريها أي طبيب في المستشفى بنسبة 4 في المائة إذا كان لدى كادر المستشفى رقم ضريبي، أما إذا لم يكن لديه رقم ضريبي فتتم مضاعفة النسبة إلى 15 في المائة.
وأصدر مكتب ضرائب في العاصمة صنعاء خاضع للجماعة وبالتعاون مع مكتب الصحة الخاضع لها أيضاً، تعميماً تم خلاله تكليف شخصين أحدهما شقيق القيادي الحوثي حمود عباد المعين، من قبل الجماعة، الذي عُين أميناً للعاصمة لتحصيل ضرائب إضافية من 13 مستشفى في صنعاء، بحيث يتم خصم مبالغ عن كل عملية تجرى في المستشفيات وتخصم من حسابات المستشفيات ومرتبات الأطباء الذين يجرون تلك العمليات.
وطبقا للتعميم الحوثي، فإن المستشفيات الخاصة التي استهدفتها الميليشيات في حملتها وتعميمها الأخير شملت مستشفيات: «الأم»، و«اليمني الألماني»، و«المستشفى الاستشاري»، و«مستشفى المودة»، و«المستشفى الأوروبي»، و«مستشفى الدكتور هاشم العراقي»، و«مستشفى لبنان»، و«المستشفى اليمني الفرنسي»، و«مستشفى عز الدين الشيباني»، و«الأهلي»، و«المدينة»، و«الألماني الحديث»، و«مستشفى الوسام».
وحذر الأطباء والعاملون بالمستشفيات التي تستهدفها الجماعة بحملات الابتزاز، من استمرار الميليشيات في نهجها المتمثل في النهب والتعسف والإغلاق والمصادرة للمنشآت الطبية والصحية الخاصة في صنعاء.
وأشاروا إلى أن «معاودة الميليشيات استهداف المنشآت الصحية الخاصة عموماً، والمستشفيات على وجه العموم بصنعاء، وفي هذا الظرف الحرج بالذات، سيزيد من تدهور الخدمات الصحية، ويتسبب في مضاعفة معاناة المرضى، وزيادة نسبة الوفيات، وتفشي الأمراض والأوبئة في تلك المناطق». وعدّوا أن «الممارسات الحوثية الحالية، تأتي تتويجاً لسلسلة من الانتهاكات المتواصلة وغير المبررة التي تنفذها الجماعة منذ انقلابها، ضد المنشآت والمؤسسات الطبية والصحية سواء الحكومية والأهلية».
وأكد العاملون بالقطاع الطبي في صنعاء أن الاستهداف الحوثي الأخير لأكثر من 13 مستشفى خاصة هو «وسيلة حوثية قديمة - جديدة لابتزاز مالكي المستشفيات وفرض جبايات مالية باهظة عليهم». وتوقع العاملون أن «تساهم التدابير الحوثية المتكررة في مضاعفة رسوم إجراء العمليات الجراحية المرتفعة أصلاً على المرضى وتثقل كواهل ذويهم؛ إذ إنهم المتضررون الفعليون من هذه الإجراءات».
وعلق سكان في العاصمة صنعاء، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، على الانتهاكات الحوثية الجديدة، وأكدوا أن «مالكي المنشآت والمؤسسات الطبية عندما تستهدفهم الميليشيات بفرض جبايات وغيرها، يضطرون من جهة ثانية إلى تعويض الضرر من خلال رفع أسعار الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، الأمر الذي يعمل على زيادة معاناة المواطنين الذين يعانون أساساً من أوضاع معيشية صعبة للغاية».
وفي حين أفاد السكان بأن «الميليشيات تسعى من خلال أساليبها تلك لتضييق الخناق على المستثمرين في القطاع الخاص بشكل عام، وعلى المواطنين في نطاق سيطرتها»، فقد طالبوا «بضرورة وضع حد لممارسات الميليشيات وانتهاكاتها ضد القطاع الصحي والدوائي الخاص والحكومي».
وكانت الميليشيات المدعومة إيرانياً، عملت منذ اقتحامها صنعاء ومدناً يمنية أخرى، على فرض إتاوات وجبايات غير قانونية على عدد كبير من المنشآت الصحية والدوائية، وكان آخرها إغلاقها قبل فترة أكثر من 8 مستشفيات منها الأهلي ومنها الخاص، وسحب تراخيصها، وكذا إغلاق قسمي العمليات والعناية المركزة في 25 مستشفى أهلياً وحكومياً، جميعها واقعة بالعاصمة صنعاء.
وأعقب ذلك انتقال الميليشيات لتنفيذ حملات نهب وابتزاز عدة طالت المئات من المؤسسات الصحية والدوائية في مديريات ومحافظات خاضعة لسيطرتها، حيث استهدفت في محافظة عمران أكثر من 180 منشأة طبية خاصة، وخضعت أكثر من 550 منشأة صحية وطبية في محافظتي إب وذمار لعمليات النهب والتعسف والاستهداف الحوثي المنظم. كما أقدمت الجماعة في مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على إغلاق أكثر من 432 صيدلية بذريعة عدم التزامها بدفع الإتاوات في استهداف ممنهج للقطاع الدوائي في اليمن.
وعلى مدى الأشهر القليلة الماضية، كثفت الميليشيات حملات النهب والابتزاز والتعسف ضد هذا القطاع، واستهدفت في البداية جميع الصيدليات ومخازن الدواء في العاصمة صنعاء تحت ذرائع وأسماء واهية وغير قانونية، ثم وسعتها لتشمل محافظات يمنية أخرى قابعة تحت سيطرتها.
وتأتي هذه الانتهاكات بحق القطاع الصحي، في وقت شن فيه مسؤولون نقابيون بصنعاء هجوماً شديداً على القيادي الحوثي طه المتوكل المعين وزيراً للصحة بحكومة الانقلابيين، متهمين إياه بتعمد تدمير القطاع الصحي بشكل عام.
وقدمت المصادر النقابية شرحاً مفصلاً مدعوماً بالوثائق حول الاختلالات كافة التي طالت قطاعات الدولة؛ بما فيها القطاع الصحي بمناطق سيطرة الحوثيين، والطرد المنظم والممنهج للموظفين وإحلال آخرين بدلاء دائمين، «وأغلبهم لم يكونوا موظفين رسميين سابقين، والبعض الآخر من دون شهادات تتناسب والوظائف التي عينوا بها، وليس لديهم أي خبرة سابقة في أي من مجالات الصحة».


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة بالشرق الأوسط... من هي؟

المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط سيغريد كاغ (رويترز)
المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط سيغريد كاغ (رويترز)
TT

سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للأمم المتحدة بالشرق الأوسط... من هي؟

المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط سيغريد كاغ (رويترز)
المبعوثة الجديدة للأمم المتحدة في الشرق الأوسط سيغريد كاغ (رويترز)

قال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام أنطونيو غوتيريش عيّن، اليوم الجمعة، وزيرة الخارجية الهولندية السابقة سيغريد كاغ مبعوثة جديدة للمنظمة الدولية في الشرق الأوسط، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، إن كاغ ستواصل أيضاً دورها الحالي بوصفها كبيرة منسقي المنظمة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.

وأضاف حق أن تعيين كاغ مبعوثة للشرق الأوسط مؤقت، بينماً لا يزال غوتيريش يبحث عن بديل دائم لتور وينسلاند الذي استقال نهاية العام الماضي بعد أربع سنوات في منصبه.

تور وينسلاند (الأمم المتحدة)

من هي سيغريد كاغ؟

وفق الموقع الرسمي للأمم المتحدة، تتمتع كاغ بخبرة واسعة في الشؤون السياسية والإنسانية والتنموية، وكذلك في الشؤون الدبلوماسية.

تم تعيينها في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2023 في منصب كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2720 لسنة 2023.

وتقوم كاغ من خلال هذا الدور بتسهيل وتنسيق ومراقبة والتحقق من شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة. كما تقوم أيضاً بإنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة معنية بتسريع إرسال شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة من خلال الدول التي ليست طرفاً في الصراع.

قبلها، شغلت منصب النائبة الأولى لرئيس الوزراء وأول وزيرة للمالية في الحكومة الهولندية منذ يناير (كانون الثاني) 2022. وقبل ذلك، شغلت منصب وزيرة التجارة والتعاون الإنمائي في هولندا في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) 2017 حتى مايو (أيار) 2021، ووزيرة للشؤون الخارجية حتى سبتمبر (أيلول) 2021.

تم انتخاب سيغريد كاغ زعيمة للحزب الاشتراكي الليبرالي في هولندا في سبتمبر 2020، ثم استقالت من هذا المنصب في أغسطس (آب) 2023. وقادت حزبها للفوز في انتخابات مارس (آذار) 2021.

سيغريد كاغ تعمل حالياً كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة (رويترز)

شغلت كاغ مجموعة واسعة من المناصب الرفيعة في منظومة الأمم المتحدة. فقد كانت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، في الفترة بين عام 2015 إلى عام 2017. ومن عام 2013 إلى عام 2015، عملت منسقة خاصة مشتركة لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية وبعثة الأمم المتحدة في سوريا.

كما شغلت منصب مساعدة الأمين لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في الفترة بين 2010 إلى 2013، ومنصب المديرة الإقليمية لمنظمة «اليونيسف» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الأردن في الفترة بين 2007 إلى 2010.

قبل ذلك، عملت كاغ في العديد من المناصب العليا لدى «اليونيسف»، والمنظمة الدولية للهجرة، ووكالة «الأونروا».

كاغ حاصلة على درجة الماجستير في الآداب في دراسات الشرق الأوسط من جامعة إكستر البريطانية، وماجستير الفلسفة في العلاقات الدولية من جامعة أكسفورد، وبكالوريوس الآداب في دراسات الشرق الأوسط من الجامعة الأميركية بالقاهرة.

وتتحدث كاغ الهولندية والألمانية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والعربية.