دعوة أممية للتحقيق في «القوة المفرطة» ضد المحتجين اللبنانيين

القوى الأمنية تدافع عن تعاملها مع أحداث وسط بيروت... ووزيرة الداخلية تطلب «المحافظة على أمن المتظاهرين والممتلكات العامة»

جانب من المواجهات بالقرب من البرلمان وسط بيروت مساء أول من أمس (أ.ب)
جانب من المواجهات بالقرب من البرلمان وسط بيروت مساء أول من أمس (أ.ب)
TT

دعوة أممية للتحقيق في «القوة المفرطة» ضد المحتجين اللبنانيين

جانب من المواجهات بالقرب من البرلمان وسط بيروت مساء أول من أمس (أ.ب)
جانب من المواجهات بالقرب من البرلمان وسط بيروت مساء أول من أمس (أ.ب)

دعا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش، السلطات اللبنانية إلى «التحقيق في لجوء قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين» المطالبين برحيل الطبقة السياسية في عطلة نهاية الأسبوع، فيما أصدرت وزيرة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال ريا الحسن توجيهات بالمحافظة على أمن المتظاهرين السلميين والممتلكات العامة.
وعمّ الهدوء مناطق وسط بيروت، أمس، بعد ليلة شهدت مواجهات عنيفة بين القوى الأمنية ومتظاهرين، ودخل على أثرها «مندسون» على خط المواجهات، وأسفرت عن سقوط عشرات الجرحى، بينهم 27 في صفوف القوى الأمنية. وانطلقت مسيرة إلى «بيت الوسط»، أمس، بعد تأجيل الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، إلى الخميس رفضاً لتسمية سعد الحريري رئيساً للحكومة. ووصل المتظاهرون إلى أمام أحد مداخل «بيت الوسط» وسط انتشار أمني كثيف.
وتحدثت مصادر أمنية إلى «الشرق الأوسط» عن أحداث ليل الأحد، قائلة إن «المتظاهرين السلميين انسحبوا من الساحات في الساعة الثامنة والربع ليلاً، قبل أن تدخل عناصر أخرى على الخط، بينها مندسون، واختلط الحابل بالنابل عندها».
وأضافت أن «القوى الأمنية تعرضت للرشق بالحجارة والمفرقعات النارية»، مشيرة إلى أن «المتظاهرين السلميين انسحبوا من الساحات بعدما خاطبتهم وزيرة الداخلية ومدير عام قوى الأمن الداخلي، لكن الذين شاركوا في المواجهات هم الأشخاص الذين حضروا بالحافلات، وهم خليط من أشخاص حضروا من طرابلس وآخرين مقربين من قوى 8 آذار، كانوا يوجهون رسالة عبر الشارع لمساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل» الذي سيصل إلى بيروت يوم الجمعة المقبل، على أن يبدأ جولاته على المسؤولين اللبنانيين يوم السبت، بحسب ما علمت «الشرق الأوسط».
وغداة المواجهات العنيفة بين المتظاهرين في وسط بيروت وعناصر شرطة وفوج مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي عبر «تويتر» عن إصابة 27 عنصراً وضابطين منها «نتيجة الاعتداءات عليهم بالحجارة والمفرقعات النارية وغيرها من الأدوات الحادة ليل الأحد».
وأعلنت قيادة الجيش في بيان أنه «نتيجة الفوضى العارمة التي شهدها وسط مدينة بيروت والتي تخللتها أعمال شغب وتعدٍّ على الأملاك العامة والخاصة ورمي المفرقعات باتجاه القوى الأمنية من قبل عدد من الأشخاص، عملت وحدات الجيش المنتشرة في المنطقة على مؤازرة قوى الأمن الداخلي للحفاظ على الاستقرار ووقف التعديات وتمكنت من إعادة الوضع إلى ما كان عليه».
وتفقدت وزيرة الداخلية غرفة مركز القيادة والسيطرة في شرطة بيروت أمس، في حضور المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وقائد شرطة بيروت العميد محمد الأيوبي وكبار الضباط. واطلعت الوزيرة الحسن خلال زيارتها على الإجراءات المتخذة لمواكبة الأحداث على الأرض، «وأعطت التوجيهات اللازمة للمحافظة على أمن المتظاهرين السلميين وعلى الممتلكات العامة».
إلى ذلك، دعا المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان السلطات اللبنانية إلى «التحقيق في لجوء قوات الأمن» إلى استخدام «القوة المفرطة» ضد المتظاهرين. وكتب كوبيش على «تويتر»: «يظهر العنف والمواجهات في نهاية الأسبوع أن تأجيل الحل السياسي للأزمة الراهنة يوفر أرضاً خصبة للاستفزازات والمناورة السياسية». وشدد على أن «تحديد هوية المحرضين على العنف، والتحقيق في الحوادث، كما في استخدام القوى الأمنية القوة المفرطة هو أمر ضروري»، محذراً من انزلاق الجهات كافة إلى «سلوك أكثر عنفاً».
واعتبر كوبيش أن التأجيل الجديد للاستشارات النيابية في ظل انهيار اقتصادي، «هو مجازفة خطيرة للسياسيين وأيضاً للبنان وشعبه، وهو إما علامة على أنه بعد أحداث وبيانات الأيام الأخيرة، بدأ السياسيون بالإدراك أنهم لا يستطيعون إهمال صوت الناس، أو أنه محاولة أخرى لشراء الوقت للعمل كالمعتاد».
وكانت الحسن اعتبرت في مقال لها في مجلة «الأمن» أن الحراك «أتاح للبنانيين جميعاً اكتشاف طريقة تصرف قوى الأمن الداخلي على الأرض، ومراقبة تفاعلها ميدانياً مع مختلف التطورات والأوضاع. فكل أنواع مهام قوى الأمن اجتمعت بشكل مكثف ويومي في الساحات وعلى الطرق، وكان عليها، في كل وقت ومكان، نهاراً وليلاً، أن تكون حاضرة لتطبق مهامها، بأبعادها كافة».
وإذ أقرت بأن «بعض الأخطاء حصلت حين كان عناصر قوى الأمن الداخلي يؤدون مهمتهم في الحفاظ على أمن المواطنين»، شددت على أن «هذا لا يلغي حقيقة التزام هذه القوى بتطبيق مدونة السلوك التي تحدد واجبها المهني في حفظ الأمن والنظام، وحماية الحريات العامة، والسهر على تطبيق القوانين والأنظمة، وتأمين الراحة العامة، والمحافظة على الممتلكات العامة والخاصة».



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.