جريمة مروعة تهز البصرة... وتشييع جنازة ناشط في بغداد

ناشطون: لن تكسر «الكواتم» والعبوات اللاصقة عزم الانتفاضة

TT

جريمة مروعة تهز البصرة... وتشييع جنازة ناشط في بغداد

هزت محافظة البصرة أمس، جريمة مروعة راح ضحيتها عائلة كاملة بعد أن قام مسلحون مجهولون بقتلها في منتصف ليلة أمس داخل منزلها في حي المهندسين بمنطقة القبلة.
وقالت مصادر أمنية إن المسلحين «قتلوا رب الأسرة وزوجته وطفلين ونجت طفلة بعمر سنة واحدة».
ونقل مدونون بصريون عن شقيقة المرأة القتيلة قولها إن «مسلحين قاموا بقتل زوج شقيقتها علي عبد السادة خلف (1978) وزوجته بنين عصام الأسدي (1982) وابنتهما الكبرى آية علي (2011) والابن عباس علي (2008)». وظهرت صور مأساوية للعائلة تداولها ناشطون وكان أفرادها ممدين على الأرض مع إصابة قاتلة في الرأس من مسدس. وأظهر النعي الذي تقدم به معهد الأمل للصم والبكم في البصرة للعائلة، أن الابن القتيل عباس علي أحد طلاب هذا المعهد لإصابته بصمم ولادي.
وأثارت مجزرة العائلة البصرية وحوادث الاغتيال الأخرى في بغداد والمحافظات موجة استياء وغضب واسعة، في البصرة وباقي المحافظات، ووجه ناشطون وإعلاميون انتقادات واسعة للسلطات الحكومية التي تظهر عجزا واضحا في الوقوف بوجه الفصائل المسلحة وعصابات الاغتيال بالمسدسات الكاتمة للصوت وعمليات الخطف التي تطال ناشطين وغيرهم من المواطنين العاديين.
وقال الصحافي البصري شهاب أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن «موجة من الحزن والخوف سادت البصرة عقب الحادثة، وهناك شعور عام بأن السلطات لا تقوم بما يكفي من الجهود لحماية الناس». وأضاف أن «السلطات تسعى دائما للتلميح بأن قضايا الاغتيال والقتل تتم على خلفيات عشائرية وجنائية، فيما يعرف البصريون أن عمليات كثيرة تقف وراءها عصابات مرتبطة بأجندة سياسية، وخاصة تلك التي تستهدف الناشطين في الحراك الاحتجاجي».
ويؤكد أحمد أن «أربع محاولات اغتيال وقعت في غضون اليومين الأخيرين في البصرة، منها محاولة لاغتيال أمام مسجد في قضاء الزبير وأخرى في منطقة التحسينية واثنتان في مركز المدينة، وهناك من يرى أن العمليات هدفها التأثير على الحراك الاحتجاجي كما فعل حادث اغتيال الناشطين الزوجين سارة وحسين مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي».
وأمهل ناشطو البصرة، أمس، محافظها أسعد العيداني 48 ساعة للكشف عن الجناة وهددوا في القيام بخطوات تصعيدية في حال لم تتخذ حكومته المحلية الإجراءات اللازمة لمنع تكرار حوادث القتل المتواصلة.
وفي ساعة متأخرة من نهار أمس، أعلنت شرطة البصرة إلقاء القبض على اثنين من قتلة العائلة البصرية. وقالت الشرطة في بيان: «خلال أقل من 12 ساعة تم إلقاء القبض على اثنين من الجناة وعرضهما على القاضي المختص وتم توقيفهما وفق المادة 406 (القتل العمد) من قانون العقوبات العراقي». وشدد بيان شرطة البصرة، على «عدم السماح للمجرمين بالعبث بأمن البصرة رغم التحديات الكبيرة».
ونقلت وسائل إعلام محلية عن ناشطين في محافظة البصرة، قولهم إنهم «قرروا البقاء في خيم الاعتصام دون الخروج منها أو العودة للمنازل حذرا من اغتيالهم وتصفيتهم جسديا من قبل مجاميع اغتيال تراقبهم عند خروجهم من خيم الاعتصام والذهاب لمنازلهم».
وكشف الناشطون عن «وجود سيارات يستقلها أشخاص يثيرون الشك والريبة يقومون بمراقبتهم والوقوف على مداخل الاعتصام بسيارات بعضها رباعية الدفع».
وفي بغداد، شيعت أمس، جنازة الناشط المدني محمد الدجيلي بعد قيام جماعة مسلحة باغتياله في منطقة شارع فلسطين بأسلحة رشاشة بعد اعتراض سيارته وسط الشارع وقد أصابت الإطلاقات اثنين من الأصدقاء كانا برفقته. وعرف عن الدجيلي جهوده المكثفة في تجهيز المعتصمين في ساحة التحرير بالمؤن المختلفة. كما أفاد شهود عيان بأن مسلحين مجهولين اختطفوا الناشط المدني غيث الفتلاوي. وأضافوا لوكالة الأنباء الألمانية «أن الناشط غيث الفتلاوي وهو من أهالي قضاء الهندية في كربلاء اختطف من قبل مسلحين مجهولين أثناء عودته من ساحة التحرير ببغداد إلى منزله في كربلاء ولا يزال مصيره مجهولاّ».
وفي محافظة النجف تعرض الناشط المدني ضاري ناصر حسين لمحاولة اغتيال عندما حاول مسلحون دهسه بسيارة بعد عودته إلى منزله من ساحة التظاهر والاعتصام بالمحافظة وتعرض إلى إصابات خطيرة تم نقله على أثرها إلى مستشفى الصدر لتلقي العلاج.
وأصدر «شباب تشرين» أمس، بيانا أعربوا فيه عن عدم تراجعهم عن المظاهرات والاحتجاجات رغم عمليات الاغتيال التي يتعرضون لها واتهموا السلطات بالمشاركة فيها. وجاء في البيان أنه «بعد أن انتهى مسلسل الغاز المسيل للدموع والقنص والرصاص الحي، وعدم جدوى أسلوب الخطف والتغييب والاعتقال، بدأ مشوار كاتم الصوت والعبوات اللاصقة في مشهد يعيد الذاكرة إلى زمن الإرهاب والتجييش الطائفي». وأضاف «نحن كشباب منتفض نعد ذلك من أفعال القوى الفاسدة التي تمسك بالسلطة، لترهيب وتخويف النشطاء والمنتفضين، عبر أساليب بائسة، وهذه الأفعال الجبانة لن تثني العراقيين عن الوجود في ساحات الاحتجاج في بغداد والمحافظات، ولن تكسر عزيمة الانتفاضة، حيث أثبتنا طوال الأسابيع الماضية أننا صامدون ولن نتنازل عن تحقيق مطالبنا المشروعة».
وكانت مفوضية حقوق الإنسان العراقية أشارت أول من أمس، إلى تصاعد خطير في جرائم اغتيال الناشطين والإعلاميين في بغداد والمحافظات.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».