تركيا: لا مشكلة لدينا مع أكراد سوريا

لاريجاني يؤكد دور طهران وأنقرة وموسكو

صورة من الجو لأطفال نازحين وسط مخيم كلس الحدودي مع تركيا بعد أمطار غزيرة (أ.ف.ب)
صورة من الجو لأطفال نازحين وسط مخيم كلس الحدودي مع تركيا بعد أمطار غزيرة (أ.ف.ب)
TT

تركيا: لا مشكلة لدينا مع أكراد سوريا

صورة من الجو لأطفال نازحين وسط مخيم كلس الحدودي مع تركيا بعد أمطار غزيرة (أ.ف.ب)
صورة من الجو لأطفال نازحين وسط مخيم كلس الحدودي مع تركيا بعد أمطار غزيرة (أ.ف.ب)

أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، مجدداً، أن بلاده لا تعاني مشاكل مع الأكراد وباقي الشرائح في سوريا، وأن مشكلتها فقط مع ما وصفه بـ«التنظيمات الإرهابية». في حين وصف رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني، دور بلاده وتركيا وروسيا في حل المسألة السورية بـ«المهم جداً».
وقال أكار إن التزام تركيا بمكافحة التنظيمات الإرهابية مثل «داعش» وحزب العمال الكردستاني (تصنفه أنقرة تنظيماً إرهابياً) ووحدات حماية الشعب الكردية (أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية التي تعدّها تركيا امتداداً للعمال الكردستاني في سوريا)، وغيرها، ثابت ولم يتغير.
وأضاف أكار، في كلمة أمام «منتدى الدوحة» التاسع عشر في قطر أمس (الأحد)، أن العالم يمر بمرحلة حساسة، ازدادت فيها المخاطر والجهات التي تهدد العلاقات الدولية، وأن المجموعات المتطرفة لا تلحق الضرر بالبلدان التي توجد فيها، بل تطول أضرارها جميع شعوب العالم. وأكد أن تركيا مستعدة للحوار والتعاون مع جميع الأطراف التي ترغب في نشر السلام والأمن في العالم.
وتابع: «تركيا من أكثر بلدان العالم تضرراً من الإرهاب، وهي الآن تواجه تنظيمات إرهابية عدة تهدد أمنها واستقرارها بشكل مباشر».
وانتقد أكار بعض حلفاء تركيا لدعمهم وحدات حماية الشعب الكردية (في إشارة إلى الولايات المتحدة)، قائلاً إن الأسلحة الممنوحة لهذا التنظيم، تنتقل مباشرة إلى يد عناصر «العمال الكردستاني» لتوجيهها ضد تركيا.
ولفت إلى أن عملية «نبع السلام» التي أطلقتها تركيا في شرق الفرات السورية، لا تهدف إلى تغيير ديموغرافية تلك المنطقة أو احتلالها، وبالتالي فإن اتهام أنقرة بالاحتلال أو محاولة تغيير التركيبة السكانية أمر خاطئ. وأكد أن عملية «نبع السلام» العسكرية التي أطلقتها تركيا في شمال شرقي سوريا في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تهدف إلى كسر ما سماه «الممر الإرهابي» المراد تأسيسه في تلك المنطقة، وإنشاء منطقة آمنة لإتاحة عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، مشيراً إلى أن القوات المشاركة في «نبع السلام» (القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها فيما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري») تولي أهمية كبيرة لعدم إلحاق أي ضرر بالمدنيين والمرافق العامة والأماكن التاريخية بالمنطقة.
في سياق متصل، قالت وزارة الدفاع التركية إن قوات عملية «نبع السلام» تواصل العمل على تأمين احتياجات سكان مدينتي تل أبيض ورأس العين، شمال شرقي سوريا، من المياه والكهرباء، بالتعاون مع المؤسسات المعنية.
وأضافت الوزارة، في بيان أمس، أنه تم تزويد 51 في المائة من مدينة تل أبيض بشبكة الكهرباء، في حين تتواصل أعمال تمديد الكهرباء لمركز مدينة رأس العين وريفها، مشيرة إلى تواصل أعمال صيانة محطات وأعمدة الكهرباء، في رأس العين من دون انقطاع، تزامناً مع تأهيل المولّدات في المنطقة.
وتابع البيان أنه تم البدء بتوفير المياه من 26 بئراً في المنطقة بعد تفعيل محطة مياه «علوك»، وأن 10 من أصل 15 بئر مياه في رأس العين، دخلت الخدمة عقب تمديد شبكة الكهرباء وتشغيل المولدات، ليتم من خلالها سد احتياجات سكان رأس العين.
في الوقت ذاته، وصف رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني دور بلاده وتركيا وروسيا في حل المسألة السورية بـ«المهم جداً». وقال لاريجاني، خلال مشاركته في اجتماع الجمعية العامة الثانية عشرة للجمعية البرلمانية الآسيوية المنعقد في مدينة أنطاليا جنوب تركيا، إن «دور إيران وتركيا وروسيا خصوصاً في حل المسألة السورية يعد مهماً جداً». وترعى الدول الثلاث مسار آستانة للحل السياسي في سوريا كدول ضامنة، رغم تباين أهدافها وتوجهاتها. بالتوازي، طالبت تركيا الاتحاد الأوروبي بزيادة المخصصات المالية الموجهة إلى اللاجئين السوريين على أراضيها والإسراع في إرسال هذه الأموال. وقال نائب وزير الخارجية التركي لشؤون الاتحاد الأوروبي، فاروق كايماكجي، إن الاتحاد يجب أن ينفق أكثر من 6 مليارات يورو، مساعدات مخصصة بالفعل للإنفاق على المهاجرين السوريين في تركيا وأن يسرع بضخ تلك الأموال.
ويدعم التمويل الذي يقدمه الاتحاد الأوروبي النازحين السوريين في تركيا الذين يبلغ عددهم 3.5 مليون سوري تركوا بلادهم بسبب الحرب، وفي مقابل الدعم المقدم من الاتحاد الأوروبي وافقت تركيا على منع مزيد من الهجرة إلى أوروبا. وأضاف كايماكجي: «يجب الإسراع بتدفق الأموال وتجب زيادة التمويل ذاته... يتعين أن نعمل معاً ما دامت الأزمة موجودة، الستة مليارات يورو لن تحل المشكلة عندما يتم إنفاقها كلها في النهاية». وتابع أن «استضافة اللاجئين السوريين كلفت تركيا نحو 40 مليار دولار إجمالاً».
ومن جهته، يقول الاتحاد الأوروبي الذي خصص التمويل في عام 2015 إنه تم تخصيص أكثر من 5.6 مليار يورو وتم تسليم 3.5 مليار منها، وتم صرف أكثر من 2.4 مليار. وتشهد العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي كثيراً من الصعوبات بسبب عدد من القضايا، من بينها الخلاف حول هجوم الجيش التركي في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضد وحدات حماية الشعب الكردية وغيرها من الملفات المتعلقة بسوريا.
وهددت تركيا في أواخر أكتوبر بفتح جميع الأبواب للسماح للاجئين بالوصول إلى أوروبا ما لم يؤيد الأوروبيون خطتها لإعادة توطين السوريين في منطقة آمنة ترغب في إقامتها في شمال شرقي سوريا.



زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
TT

زعيم الحوثيين «سعيد» بالمواجهة مع إسرائيل... ويتعهد باستمرار التصعيد

الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)
الحريق مستمر لليوم الثاني في مستودعات الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، الأحد، ومهاجمة سفينة في البحر الأحمر دون أضرار، وفيما عبّر زعيمها عبد الملك الحوثي عن سعادته بالمواجهة المباشرة مع تل أبيب، استمر الحريق الضخم الناجم عن الغارات الإسرائيلية على مستودعات الوقود في ميناء الحديدة ساعات طويلة، وارتفع عدد القتلى إلى 6 مع إصابة نحو 90 جريحاً.

كان الجيش الإسرائيلي استهدف، السبت، مستودعات الوقود في ميناء مدينة الحديدة اليمنية الخاضعة للحوثيين ومحطة الكهرباء، غداة انفجار مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

ولقي الهجوم الإسرائيلي إدانةً من الحكومة اليمنية مع تحذير إسرائيل والحوثيين من تحويل اليمن إلى ساحة حرب، في حين هددت الجماعة الموالية لإيران بالرد على القصف وتبنت إطلاق عدة صواريخ، الأحد، باتجاه إيلات، ومهاجمة سفينة شحن في البحر الأحمر.

وأكد الجيش الإسرائيلي اعتراض دفاعاته صاروخ أرض - أرض أُطلق من اليمن، وقال إن نظام الدفاع الصاروخي «آرو 3» أسقط الصاروخ قبل عبوره إلى أراضي إسرائيل. ونقلت «رويترز» أنه «قبل الاعتراض، دوّت صفارات الإنذار في إيلات، مما دفع السكان إلى المسارعة إلى المخابئ».

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية يحيى سريع، في بيان متلفز، إن «جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية، وقصفت أهدافاً مهمة في إيلات جنوب فلسطين المحتلة بعدد من الصواريخ الباليستية»، كما استهدفت، حسب ادعاء سريع، سفينة «بومبا» الأميركية في البحرِ الأحمرِ بعدد من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وهو الهجوم الذي لم تؤكده وكالات الأمن البحري.

وفي حين اعترفت الجماعة بتلقيها، الأحد، غارتين استهدفتا مواقع لها في منطقة بحيص التابعة لمديرية ميدي في محافظة حجة (شمال غرب)، كان الجيش الأميركي أعلن الأحد أن قواته نجحت في تدمير طائرة حوثية من دون طيار فوق البحر الأحمر، لكنه لم يتبن المشاركة في الهجمات الإسرائيلية على ثاني أكبر الموانئ اليمنية الخاضع للجماعة الانقلابية.

وحسب شهود في مدينة الحديدة، ما زالت الحرائق مستمرة، الأحد، لعدم توافر الإمكانات لإطفائها، إذ يتوقع استمرارها أياماً أخرى، وسط معلومات عن تعرض 20 خزان وقود للحريق من بين أكثر من 80 خزاناً، وفق مصادر اقتصادية يمنية.

أحد المصابين جراء الغارات الإسرائيلية على أهداف حوثية في ميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

وأفادت وسائل الإعلام الحوثية، نقلاً عن مصادر طبية، بأن الضربات على ميناء الحديدة أدت إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 90 آخرين، وسط المخاوف من تكرار الهجمات الإسرائيلية إذا ما تواصلت الهجمات الحوثية المميتة باتجاه تل أبيب.

وانتهز التجار الموالون للجماعة الحوثية في صنعاء والحديدة وغيرها من المدن الضربات على خزانات الوقود، وقاموا بإغلاق محطات التعبئة والتسبب في أزمة خانقة، إذ عادة ما يقومون بمثل هذا السلوك لرفع الأسعار وبيع المشتقات النفطية والغاز في السوق السوداء.

مرحلة تصعيد خامسة

عبّر زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطبة الأحد عن سعادة جماعته بالمواجهة المباشرة مع إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، وتوعد باستمرار التصعيد البحري ضد السفن ومهاجمة إسرائيل، وأعلن أن الهجوم بالطائرة المسيرة على تل أبيب، الجمعة الماضي، هو بداية المرحلة الخامسة من التصعيد.

ونفى الحوثي أن تكون المسيرة التي أدت إلى مقتل شخص وإصابة نحو أربعة آخرين، أُطلقت من مكان آخر غير مناطق سيطرة جماعته في اليمن، كما زعم أن جماعته التي قامت بتصنيعها وإطلاقها.

وهوّن زعيم الجماعة الانقلابية في اليمن من أهمية الضربة الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وقال إن جماعته ستواصل عملياتها، وإن أي ضربات أخرى لن يكون لها أي تأثير على قدراتها العسكرية، مشدداً على أن الجماعة لن «تتراجع عن موقفها».

وتبنت الجماعة الحوثية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي العديد من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة الأخير على تل أبيب، كما تبنت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأقرت الجماعة بتلقي أكثر من 570 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً، جراء الضربات التي تشنها واشنطن تحت ما سمته تحالف «حارس الازدهار».

وأصابت الهجمات الحوثية، حتى الآن، نحو 30 سفينة منذ بدء التصعيد، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

إدانة حكومية وقلق أممي

أدان مصدر مسؤول في الحكومة اليمنية بأشد العبارات القصف الإسرائيلي على الحديدة وعده «عدواناً وانتهاكاً» للسيادة اليمنية، و«مخالفة صريحة لكافة القوانين والأعراف الدولية».

وحمّل المصدر اليمني المسؤول، إسرائيل، المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات جراء غاراتها الجوية، بما في ذلك تعميق الأزمة الإنسانية التي فاقمها الحوثيون بهجماتهم الإرهابية على المنشآت النفطية وخطوط الملاحة الدولية، فضلاً عن تقوية موقف هذه الميليشيات، وسردياتها الدعائية المضللة.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وجدد المصدر الحكومي تحذيره الحوثيين من استمرار رهن مصير اليمنيين والزج بهم في معارك الجماعة العبثية خدمة لمصالح النظام الإيراني ومشروعه التوسعي في المنطقة.

كما حذر المصدر النظام الإيراني وإسرائيل من محاولة تحويل الأراضي اليمنية عبر «الحوثيين المارقين» إلى ساحة لحروبهما العبثية، ومشاريعهما التخريبية في المنطقة.

وإذ جددت الحكومة اليمنية موقفها الداعم للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة، أكدت أن السبيل الوحيد لتحقيق السلام في اليمن هو دعم الحكومة لاستكمال بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، خصوصاً القرار 2216.

دخان كثيف جراء احتراق مستودعات الوقود في ميناء الحديدة إثر ضربة إسرائيلية (رويترز)

في غضون ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في مذكرة للصحافيين، إنه يشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الواردة حول الغارات الجوية الإسرائيلية التي وقعت في محيط ميناء الحديدة في اليمن رداً على الهجمات الحوثية السابقة على إسرائيل.

وتحدث غوتيريش عن وقوع أضرار كبيرة في البنية التحتية المدنية، داعياً جميع المعنيين إلى تجنب الهجمات التي قد تلحق الضرر بالمدنيين وبالبنية التحتية المدنية، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس.

يُشار إلى أن تصعيد الحوثيين تسبب في إصابة مساعي السلام اليمني، التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ بالجمود؛ إذ تسود المخاوف من انهيار التهدئة الهشّة المستمرة منذ عامين، وعودة القتال على نطاق أوسع.