«سوق عبيد» للعمالة الفلسطينية على معابر الضفة الغربية

120 ألف عامل فلسطيني يعملون يومياً في إسرائيل

عامل فلسطيني يمر عبر شبك فاصل إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل (أ.ف.ب)
عامل فلسطيني يمر عبر شبك فاصل إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

«سوق عبيد» للعمالة الفلسطينية على معابر الضفة الغربية

عامل فلسطيني يمر عبر شبك فاصل إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل (أ.ف.ب)
عامل فلسطيني يمر عبر شبك فاصل إلى مدينة الخليل في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل (أ.ف.ب)

اعتقل حرس الحدود الإسرائيلي، أمس، 171 عاملاً فلسطينياً في كمين على حاجز جنوب الضفة الغربية، ضمن حملات متكررة تستهدف ضبط وضع العمالة في الداخل.
وقال ناطق من الشرطة، إنه تم اعتقال العمال بسبب الدخول إلى إسرائيل من دون تصاريح. مضيفاً أنه «تم استجواب العمال وتبين أن غالبيتهم من الخليل والقرى المحيطة بها، وتمت إعادتهم إلى الضفة، عدا اثنين تم نقلهما للتحقيق».
وتشن الشرطة الإسرائيلية بين الفينة والأخرى هجمات على العمال الفلسطينيين في طريقهم إلى إسرائيل أو داخل إسرائيل نفسها. والغارات التي تشنها الشرطة تستهدف طرقاً رئيسية وطرقاً التفافية يلجأ إليها العمال «غير القانونيين» وورشات العمل نفسها في إسرائيل، ما يزيد من معاناة العمال الذين لا يحملون تصاريح.
لكن لا تتوقف المعاناة اليومية على أولئك الذين يجتهدون في التسلل إلى إسرائيل من أجل العمل، ولكن أيضاً العمال الذين يحملون تصاريح خاصة بهم. ويضطر العمال الفلسطينيون إلى الانطلاق إلى الحواجز الإسرائيلية، في وقت مبكر من الفجر ويمرون بإجراءات تفتيش مذلة قبل أن يعبروا إلى إسرائيل ويعودون في نهاية اليوم ضمن إجراءات محددة كذلك.
ويضطر رامي للانتظار ساعات طويلة أحياناً على حاجز 300 شمال بيت لحم، قبل أن يسمح له جندي إسرائيلي بدخول القدس للالتحاق بعمله. لكن الانتظار ليس هو الشيء الوحيد المعقد في يومه. إذ يقول رامي لـ«الشرق الأوسط»، إنه يخرج مع بزوغ الفجر أو قبل ذلك في أيام محددة، من أجل حجز دور له بين العمال الآخرين. وأضاف: «أحياناً لا يمكن وصف ما يحدث. نرتص مثل علبة سردين (معلبات السمك) قبل أن يفتح الحاجز (في الخامسة صباحا)». وتابع: «مع انتظار ساعات طويلة وعدد ممن لا يحترمون الدور، إضافة لغضب الجنود، يبدأ يومك بشكل أكثر من سيئ. إنها باختصار لقمة عيش مغمسة بالذل».
وعلى رامي وآلاف مثله أنه يجربوا ذلك كل يوم في أيام الصيف العادية والحارة وتحت المطر والبرد كذلك. هذا الذل اليومي لم يتحمله كثيرون فضلوا البحث عن عمل متقطع أو أقل أجراً في الضفة الغربية.
وقال باسم وهو أحد العمال الذين تركوا إسرائيل قبل سنوات طويلة، إنه لم يستطع تحمل الإهانات اليومية. وأضاف: «شعور لا يمكن وصفه. عليك أن تجرب كل أشكال الذل. لقد شاهدت عمالاً يدهسون عمالاً آخرين في التراكض في وقت الذروة، وشاهدت كبار سن يختنقون».
بعض العمال يفضلون المبيت في إسرائيل في ظروف غير إنسانية لتجنب هذا الذل اليومي. وليس من باب الصدفة أن وصفت منظمة «محسوم ووتش» الإسرائيلية (كلمة محسوم تعني حاجزا بالعبرية)، ما يحدث على معابر الضفة الغربية بأنه «سوق عصرية للعبيد».
ويوجد بين الضفة وإسرائيل 28 حاجزا نشطا، 13 منها يسمح للعمال باستخدامها، ويشرف عليه مدنيون يعملون في وزارة الجيش وجنود.
وقال مركز المعلومات الوطني الفلسطيني إن العمالة الفلسطينية داخل الخط الأخضر والمستعمرات والمناطق الصناعية، يتعرضون إلى شتى أنواع القهر والتمييز وانتهاك الحقوق المنصوص عليها في جميع المواثيق والاتفاقيات الدولية. وركز تقرير طويل للمركز، على انتهاكات من قبيل الحق في الوصول الطبيعي والحر إلى العمل والحق في التعامل بكرامة إنسانية على الحواجز والمعابر، ناهيك عن الاستغلال وعدم وجود شروط عمل لائقة، والتمييز في الأجور والتلاعب في أيام العمل وساعات العمل، كذلك تعرض بعض العمال للنصب والاحتيال.
ورغم حجم الذل، يعتبر العمال أن هؤلاء محظوظين، قياساً بمن لم يحصلوا على تصاريح وعليهم التسلل إلى إسرائيل من أجل العمل. ويتعرض العمال لإذلال في طريقة النقل والوصول إلى العمل والملاحقة اليومية، ومطاردات وعنف وتنكيل واستغلال من قبل المشغل الإسرائيلي وعدم الاعتراف بأي حق لهم مع أرباب العمل.
لكن الذي يجبر هؤلاء العمال على خوض التجربة، هو الأجر اليومي العالي في إسرائيل قياساً بما يحصل عليه العمال في الضفة الغربية. ويحصل العامل في الضفة الغربية على ما يقارب 100 شيكل إلى 150 يوميا، (المائة شيكل تساوي 28.71 دولار تقريبا)، لكن في إسرائيل تتم مضاعفة هذا المبلغ 3 مرات على الأقل.
وأقر عمال بأنهم مستعدون لتحمل شيء من هذا الذل على المعابر مقابل ألا يتعرضوا لذل من نوع آخر، وهو العمل مثل العبيد بأجر قليل. ويعمل الفلسطينيون في إسرائيل منذ بداية الاحتلال، حيث تولت إسرائيل إدارة السياسة الاقتصادية في الأراضي التي احتلتها بصورة حصرية.
واليوم يوجد ما يقارب 120 ألف عامل فلسطيني يخرجون كل يوم إلى إسرائيل 50 منهم بشكل غير قانوني. وتقول منظمة «بيتسيلم»، إنه في إطار هذه السياسة، امتنعت إسرائيل عن الاستثمار في تطوير اقتصاد فلسطيني مستقل، وشجعت الفلسطينيين على الانخراط في سوق العمل الإسرائيلية قبل قيام السلطة وبعده كذلك.
وعمليا، من يقوم بإصدار تصاريح العمل وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي الفلسطينية، وهي مؤقتة، إذ يطلب من العمال الفلسطينيين الحصول عليها مرة كل ستة أشهر. ويشمل التصريح قيودا على الساعات والمناطق التي يمكن للعامل أن يقيم فيها في إسرائيل، وتخضع أيضا لتغييرات غير متوقعة بسبب الوضع الأمني، مثل الإغلاق والعطلات اليهودية وما شابه.
لكن نظراً لصعوبة إصدار التصاريح، نشأت سوق تصاريح سوداء. واليوم يضطر العامل الفلسطيني في إسرائيل إلى دفع نحو 2500 شيكل شهرياً لوسطاء من أجل الحصول على تصريح، وهذا المبالغ يعد فاقداً من الراتب الشهري، وهو نوع من السمسرة غير القانونية. ويستمر العمال في دفع هذه المبالغ رغم أن منسق الحكومة المسؤول عن التصاريح وكذلك السلطة الفلسطينية، قالوا إنهم سيحاربون هذه الظاهرة.
ويأمل العمال بأن يستعيدوا هذا الجزء المفقود من أموالهم. لكن حتى لو تمت زيادته مع تشديد الإجراءات الأمنية أكثر، لا يبدو أنهم ينوون ترك العمل في إسرائيل.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.