«ثلاثاء أسود» ينتظر الفرنسيين مع تمسك حكومة ماكرون بسياساتها

النقابات تقف صفاً واحداً في مواجهة مشروع إصلاح نظام التقاعد

ناشطون يحملون صور ماكرون لحثه على مكافحة تغير المناخ في باريس الأحد الماضي (أ.ب)
ناشطون يحملون صور ماكرون لحثه على مكافحة تغير المناخ في باريس الأحد الماضي (أ.ب)
TT

«ثلاثاء أسود» ينتظر الفرنسيين مع تمسك حكومة ماكرون بسياساتها

ناشطون يحملون صور ماكرون لحثه على مكافحة تغير المناخ في باريس الأحد الماضي (أ.ب)
ناشطون يحملون صور ماكرون لحثه على مكافحة تغير المناخ في باريس الأحد الماضي (أ.ب)

مع اقتراب أعياد نهاية العام، يكبر قلق السلطات الفرنسية من تواصل الحركة الاحتجاجية التي ترفض بقوة المشروع الحكومي لتعديل نظام التقاعد. والحركة التي انطلقت رسمياً يوم «الخميس الأسود» في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي وأنزلت مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع، لم تخمد جذوتها؛ بل إنها استقوت بانضمام أكبر النقابات العمالية (الكونفدرالية الفرنسية للعمال) إليها بعد أن كانت تلزم موقفاً معتدلاً ومبدية الانفتاح على التحاور مع الحكومة بشأن مشروعها.
والحال أن الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة إدوار فيليب، الأسبوع الماضي، والتي عرض فيها تفاصيل الخطة الحكومية جاءت بمفاعيل عكسية ولم تُرضِ، بشكل عام، أحداً باستثناء حزب «الجمهورية إلى الأمام» أي الحزب الرئاسي، فيما انتقدتها الأحزاب الأخرى يميناً ويساراً والنقابات. وعوض أن تهدئ الاعتراضات نقمة الناس، فإنها ساهمت في تغذيتها. والنتيجة كانت دعوة النقابات إلى إضراب عام والنزول إلى الشوارع غداً الثلاثاء، الذي سيتحول قطعاً إلى «ثلاثاء أسود»، مضاعفاً بذلك صعوبات المواطنين؛ إنْ كان في الوصول إلى أعمالهم أو في التنقل، وملحقاً خسائر كبيرة بقطاع الأعمال والتجارة.
منذ «الخميس الأسود»، كان قطاع النقل الأكثر تضرراً. فالازدحامات على الطرقات وفي الشوارع تحوّلت إلى كابوس حقيقي في العاصمة باريس والضواحي والمدن الكبرى. فسكان باريس وضواحيها يعانون بشدة من ندرة القطارات وشلل النقل العام وإقفال 10 خطوط من أصل 14 خط مترو للأنفاق. كذلك، فإن القطارات التي تنقل ملايين المواطنين من الضواحي إلى العاصمة كانت متوقّفة بأكثريتها الساحقة، ولا تعمل إلا لساعات قليلة في اليوم مما جعل الازدحام والتدافع سيد الموقف. وعمد كثير من الإدارات والشركات إلى تشجيع موظفيها على اللجوء إلى «العمل عن بعد».
وينتظر غداً أن ينزل إلى الشوارع في مظاهرات قد تكون مليونية، عمال القطارات والسكك الحديدية والطلاب والتلامذة وموظفو القطاعين العام والخاص والأطباء والممرضون وبقية العاملين في القطاع الصحي والمحامون والقضاة والمعلمون. وفي محاولة منها لإخراج رجال الشرطة من الشوارع وتخليهم عن الإضراب، عمد وزير الداخلية كريستوف كاستانير إلى تطمينهم والتأكيد لهم أن نظام التقاعد الخاص بهم لن يمس وأنهم سيبقون قادرين على اختيار التحول إلى التقاعد في سن الثامنة والخمسين «بدل 62 عاماً» بسبب مخاطر المهنة التي يمارسونها.
ثمة من يتهم الحكومة بالمراهنة على الغضب الشعبي لإحراج الحركة الاحتجاجية، خصوصاً أنها تصيب المواطنين في فترة تكرس فرنسياً وأوروبياً للم شمل العائلات بمناسبة الأعياد. وهي تفاقم غضب وامتعاض أصحاب المتاجر والمحلات والمطاعم والفنادق والخدمات الأخرى الذين يعولون على هذه الفترة من العام لرفع مبيعاتهم. وبعد نهاية عام 2018 التي تميزت باحتجاجات «السترات الصفراء» التي حوّلت باريس وكثيراً من المدن الفرنسية إلى ساحات كرّ وفرّ بين رجال الأمن والمتظاهرين، فإن نهاية العام الحالي لن تكون على الأرجح أفضل حالاً؛ إذ إن المظاهرات تترافق مع إغلاق كثير من الجادات والشوارع «الحساسة»، وعلى رأسها جادة الشانزليزيه والشوارع المتفرعة عنها. وحذرت نقابة الكونفدرالية العامة للعمل القريبة من الحزب الشيوعي والتي تلتزم دائماً مواقف متشددة من البرامج الإصلاحية الحكومية، بأن الإضراب لن يتوقف خلال أعياد الميلاد ورأس السنة، مضيفة أن الشرط الوحيد لتوقفه هو أن تسحب الحكومة مشروعها الإصلاحي من التداول.
والحال أن ثمة إجماعاً في فرنسا بين المحللين على أن تراجع الحكومة ليس وارداً، لأنه سيعني إلحاق الهزيمة بمشاريع الرئيس ماكرون الإصلاحية، وسيعني خصوصاً إظهار ضعفه أمام النقابات؛ وبالتالي تنسف حظوظه في الفوز بولاية رئاسية ثانية في انتخابات عام 2022.
يذكر أن إصلاح نظام التقاعد كان من بين الالتزامات الرئيسية التي قطعها ماكرون على نفسه قبل انتخابه رئيساً في عام 2017. وفي الأيام الأخيرة، صدرت دعوات من مسؤولين حكوميين وكذلك من رئيس شركة السكك الحديدية الحكومية، إلى «تعليق» الإضراب في قطاع النقل في فترة الأعياد. كذلك، أعلن لوران بيرجر، السكرتير العام للكونفدرالية العامة للعمال القريبة من الحزب الاشتراكي والأكثر اعتدالاً في مواقفها، أن نقابته تعارض إضراب العاملين في قطاع النقل في فترة الأعياد، لكنها جاهزة للدعوة إلى تحركات احتجاجية إضافية الشهر المقبل إذا لم تتراجع الحكومة عن مشروعها. وما يغيظ هذه النقابة وأمينها العام أن خطة إصلاح نظام التقاعد تنص على زيادة سنوات العمل لتصل إلى 64 عاماً بدل 62 عاماً حالياً. وجاء الكشف عن ذلك في كلمة رئيس الحكومة الذي أعلن أنه يتعين على المواطنين العمل عامين إضافيين من أجل الحصول على معاش كامل، ليثير بذلك رد فعل عدائياً من النقابات؛ بما فيها نقابة لوران بيرجر التي كانت جاهزة، قبل ذلك، للحوار مع الحكومة.
بعد مرور 10 أيام على انطلاق الحركة الاحتجاجية، ما زالت أكثرية من المواطنين، وفق استطلاعات الرأي، تؤيد الحراك. وتنطلق الخطة الحكومية من مبدأ بسيط، هو أنه يتعين تطبيق قواعد موحدة على نظام التقاعد في القطاعين العام والخاص. لكن فرنسا ما زالت بلداً محافظاً؛ بمعنى أنها ترفض التغيير رغم صعوبات أوضاعها المالية والعجز المزمن لصندوق التقاعد بفعل تغير هرم الأعمار، مما يعني زيادة الضغوط على الصندوق بفعل تمدد الأعمار قياساً بما كانت عليه في العقود السابقة. وسعت الحكومة إلى طمأنة القلقين بتأكيد أن العمل بالقانون الجديد سينطلق مع المولودين في عام 1975 فما فوق، ما يعني أن كل المولودين قبل هذا التاريخ غير مشمولين به. كذلك سعت إلى تخفيف حنق المستفيدين من أنظمة تقاعدية خاصة بتأجيل العمل بالقانون الجديد وجعله على مراحل. لكن التنازلات التي قدمتها الحكومة لم تنل التجاوب الذي كانت تأمله.
من هنا، الخوف من التصعيد واستذكار ما حدث في عام 1997 عندما سعت حكومة ألان جوبيه اليمينية إلى إصلاح النظام نفسه لكنها فشلت بسبب رفض النقابات. وانتهى الأمر بتراجعها وبإجراء انتخابات مبكرة خسرها اليمين ووصل بموجبها الاشتراكيون إلى السلطة، ليبقوا فيها 5 سنوات متواصلة (حتى عام 2002).
هل سيعيد التاريخ نفسه؟ السؤال مطروح والإجابة عنه عند المسؤولين الحكوميين الذين يسعون لنزع فتيل انفجار أكبر من خلال السعي لإعادة وصل خيوط الحوار وتقديم بعض التنازلات التي لن ترضي الجميع، ولكن على الأقل مَن يمكن أن يكتفي بالتعديلات التي تستعد الحكومة لتقديمها.



الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.