شركات طيران تخفّض عدد رحلاتها إلى بيروت

سياحة اللبنانيين في الخارج بأدنى مستوياتها

TT

شركات طيران تخفّض عدد رحلاتها إلى بيروت

انعكست الأزمة المالية والاقتصادية التي يعيشها لبنان، سلباً على كلّ القطاعات الحيوية لا سيما القطاع السياحي، وبدت البلاد عشية أعياد الميلاد ورأس السنة، خالية من البهجة التي تميّزها عن باقي المناسبات، وأكثر من يستشعر صعوبة هذا الواقع شركات السياحة والسفر، التي تراجعت حجوزات المسافرين لديها لقضاء عطلة الأعياد في الخارج، علما بأن هذه الأزمة لم تُلغِ رغبة البعض في ممارسة حياتهم الطبيعية، وعدم كسر هذا النمط، ولو مع بعض التقشّف.
وأوضح مصدر في مطار رفيق الحريري الدولي لـ«الشرق الأوسط»، أن «شركات طيران عدّة خفّضت عدد رحلاتها سواء من لبنان إلى الخارج أو بالعكس»، ولفت إلى «هذا التخفيض مرتبط بإلغاء كثير من الحجوزات، وليس لأي سبب آخر»، مشيراً إلى أن «هذا الأمر قد يتبدل في الأيام المقبلة تحسناً أو تراجعاً، بحسب رغبة لبنانيين مقيمين في الخارج بالمجيء إلى البلد، أو مواطنين راغبين في قضاء إجازات خارج البلاد». وتبدو شركات السياحة التي اعتادت الترويج لعروضها قبل شهرين، شبه غائبة عن المناسبة هذه السنة، أو لديها نشاط خجول جداً لا يلبّي التزاماتها، لتصبح عاجزة عن تحمّل أعبائها الذاتية، وتسديد رواتب موظفيها ومصاريف مكاتبها المنتشرة في لبنان والخارج، وهذا يظهر من خلال تراجع عدد الرحلات الجوية من مطار بيروت الدولي إلى الخارج، ما بين 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، ومطلع شهر يناير (كانون الثاني) المقبل.
وقبل أسبوعين من بدء عطلة الميلاد ورأس السنة، يستمرّ التراجع على حجوزات السفر، وتؤكد كريستال مجدلاني، مديرة المبيعات في شركة «نخّال» للسياحة والسفر (إحدى أكبر شركات السفر في لبنان)، أن «الأزمة المالية والاقتصادية ارتدَّت سلباً على قطاع السياحة، وعلى حجوزات اللبنانيين إلى الخارج». وكشفت لـ«الشرق الأوسط»، أن «حجوزات السفر لقضاء عطلتي الميلاد ورأس السنة خارج البلاد تدّنت إلى حدود الـ10 في المائة مقارنة بالسنة الماضية». وقالت: «المواطنون المقيمون في لبنان يفضلون البقاء في بيوتهم بسبب ندرة السيولة وأعباء الحياة وارتفاع الأسعار».
ولا تزال تركيا ومصر تشكّلان الوجهة الأولى للبنانيين الراغبين في السفر، مستفيدين من أسعارهما المقبولة جداً، وتدنّي قيمة صرف العملة في مقابل الدولار الأميركي، مقارنة مع دول أوروبية كانت تستهوي آلاف اللبنانيين في هذه المناسبات. وأشارت مجدلاني إلى أن «الذين حجزوا تذاكر سفر إلى الخارج لقضاء الأعياد، هم الذين لديهم مصادر تمويل خارجية، وتحويلات نقدية من آباء أو أبناء يعملون في الخارج، لكنهم القلّة القليلة». ولفتت إلى أن «الراغبين في قضاء عطلة رأس السنة خارج البلاد، يختارون البلدان الأقل كفلة والقريبة من لبنان، مثل تركيا ومصر». وأضافت: «أغلب الحجوزات الآن إلى إسطنبول وأضنا في تركيا، لكنّ النسبة الأعلى منهم يتجهون إلى شرم الشيخ لأن طقسها معتدل حالياً، ويساعدهم على قضاء رحلة ممتعة».
وتحدّثت مجدلاني عن الفارق الكبير بين حركة المسافرين لهذه السنة مقارنة بالسنوات الماضية، قائلة: «عادة في كلّ سنة يكون لدينا ما بين 8 و10 طائرات إلى شرم الشيخ وحدها، أما هذه السنة، فلا نكاد نحجز طائرة واحدة، وهذا مرتبط بالأوضاع الصعبة التي يمرّ بها لبنان». ولا تتوقّف سياسة التقشّف على حركة السفر إلى الخارج، بل تنسحب على الفنادق والمطاعم داخل لبنان، وكشف مصدر في نقابة أصحاب الفنادق لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحجوزات هذا العام تكاد تكون في أدنى مستوياتها»، مؤكداً أن «عدداً كبيراً من المؤسسات السياحية لم تنظم حفلات في عيدي الميلاد ورأس السنة، بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.