الدول تعزز رقابتها ضد «إيبولا».. والباحثون لا يتوقعون لقاحا قبل 2017

إخراج السنغال من قائمة الدول الموبوءة.. ولندن ترسل مستشفى عائما إلى غرب أفريقيا للإسهام في مواجهة المرض

عاملة تسير بعد الانتهاء من تطهير مدرسة ابتدائية لا تزال مغلقة بسبب احتكاك بعض طلابها بممرضة مصابة بإيبولا في دالاس أمس (أ.ف.ب)
عاملة تسير بعد الانتهاء من تطهير مدرسة ابتدائية لا تزال مغلقة بسبب احتكاك بعض طلابها بممرضة مصابة بإيبولا في دالاس أمس (أ.ف.ب)
TT

الدول تعزز رقابتها ضد «إيبولا».. والباحثون لا يتوقعون لقاحا قبل 2017

عاملة تسير بعد الانتهاء من تطهير مدرسة ابتدائية لا تزال مغلقة بسبب احتكاك بعض طلابها بممرضة مصابة بإيبولا في دالاس أمس (أ.ف.ب)
عاملة تسير بعد الانتهاء من تطهير مدرسة ابتدائية لا تزال مغلقة بسبب احتكاك بعض طلابها بممرضة مصابة بإيبولا في دالاس أمس (أ.ف.ب)

سارعت الدول الغربية أمس إلى بدء تطبيق إجراءات لمراقبة المسافرين في المطارات، وسط مخاوف من انتشار فيروس إيبولا خارج أفريقيا. وبينما استبعد باحثون توفر لقاح مضاد للمرض للاستخدام التجاري قبل مطلع عام 2017. أعلنت منظمة الصحة العالمية أن السنغال لم تعد ضمن الدول التي ينتشر فيها الوباء.
وبينما يجري درس إجراءات جديدة لمراقبة المسافرين من أجل كشف الفيروس الفتاك، تقدمت الأمم المتحدة بنداء ملح لجمع مساعدات بعد حصولها على 100 ألف دولار فقط للتصدي للوباء. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن النداء للحصول على مساعدات لم يلق آذانا صاغية وإن الهيئة الأممية تواجه «مشكلة جدية» بينما يحذر خبراء من أن حصيلة الوباء يمكن أن ترتفع بشكل كبير. وصرح بان أمام صحافيين في نيويورك أنه ومن أصل 20 مليون دولار جرى التعهد بتقديمها في البدء، فإن صندوق الأمم المتحدة المخصص لمكافحة الوباء لا يحتوي سوى على 100 ألف دولار قدمتها كولومبيا. وأشاد بان ببريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا لكنه طالب دولا أخرى بالوفاء بالتزاماتها لأن الأمم المتحدة بحاجة إلى مليار دولار. وقال: «الآن دور الدول التي لديها القدرة على تأمين دعم مادي ولوجستي». وتابع «علينا تحويل الوعود إلى أفعال فنحن بحاجة إلى مزيد من الأطباء والممرضين والمعدات ومراكز العلاج».
ووجه الأمين العام السابق كوفي أنان انتقادا أكثر قسوة للرد الدولي قائلا: إن الدول الغنية تباطأت في التعاطي مع الأزمة لأنها بدأت في أفريقيا. وقال: أنان المتحدر من غانا لبرنامج «نيوزنايت» على «بي بي سي» إن «الأزمة لو أصابت منطقة أخرى من العالم لكان التعاطي معها على الأرجح مختلفا». وأضاف أنان «في الواقع، إذا راقبنا تطور الأزمة فإن الأسرة الدولية أفاقت فعلا عندما وصل المرض إلى أميركا وأوروبا». وشدد بان على أن زيادة المساعدات أمر ضروري أمام المخاوف من انتشار المرض إلى خارج أفريقيا حيث بلغت الحصيلة حتى الآن 4500 ضحية. وقال: «أدعو الأسرة الدولة إلى تقديم المليار دولار اللازمة لاستباق تطور المرض وتحقيق هدفنا القائم على خفض وتيرة انتقال العدوى بحلول الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وعلاوة على هذا الصندوق، هناك جهات واهبة ساهمت بأموال نقدية وغيرها في عدة برامج محددة للأمم المتحدة بما مجمله 376 مليون دولار.
وأخضعت فرنسا وإسبانيا الكثير من الأشخاص الذين يشتبه بإصابتهم للمراقبة، وفي ليبيريا الدولة الأكثر تعرضا حتى الآن، وضعت وزيرة النقل نفسها قيد الحجر الصحي بعد وفاة سائقها. وقال المفوض الأوروبي لشؤون الصحة تونيو بورك إن أوروبا ستراجع إجراءات مراقبة المسافرين من ليبيريا وغينيا وسيراليون، وذلك بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية. كما اتفق وزراء صحة أوروبيون آخرون مجتمعون في بروكسل على تنسيق الإجراءات عند نقاط الدخول إلى الاتحاد الذي يضم 28 دولة.
وقررت فرنسا «تعزيز إجراءاتها على الصعيدين الدولي والوطني» في مواجهة فيروس إيبولا واعدة بـ«باستخدام كل الوسائل لمساعدة الدول الأفريقية» كما جاء في بيان صدر أمس عن مكتب رئيس الوزراء. وشدد البيان على عدم تسجيل «أي حالة» عدوى في فرنسا «حتى الآن»، مضيفا أن «فرنسا قررت تعزيز إجراءات الوقاية الدولية والوطنية ووضع أجهزتها في حالة استعداد لأي حالة إيبولا محتملة على الأراضي الفرنسية».
وعلى صعيد الأبحاث العلمية لتطوير لقاح مضاد لإيبولا، أعلن باحث في شركة غلاكسو - سميثكلاين البريطانية أن اللقاح الذي تعمل الشركة على تطويره قد لا يصبح متوفرا على الصعيد التجاري قبل نهاية 2016. ولذلك لا ينبغي اعتباره وسيلة رئيسة للتصدي للموجة الحالية من الوباء. وسجلت منظمة الصحة العالمية أكثر من 9 آلاف إصابة بالوباء بينها نحو 4500 وفاة في غرب أفريقيا حيث يخشى أن يجري تسجيل ما بين 5 و10 آلاف إصابة كل أسبوع ابتداء من مطلع العام. وقال الطبيب ريبلي بالو مسؤول وحدة الأبحاث حول لقاح إيبولا أمس لمحطة «بي بي سي» إنه «نتوقع أن يكون بوسعنا إنتاج جرعات من اللقاح للاستخدام العام في مرحلة متأخرة من سنة 2016، لكن لا أعتقد أنه ينبغي النظر إلى هذا اللقاح باعتباره الرد الرئيس على هذه الموجة من الوباء تحديدا، ولكننا نأمل بالطبع أن يستخدم لتفادي موجات أخرى في المستقبل. للأسف لن يجري الأمر بالسرعة التي نرغب في ها، كان علينا أن نكون أسرع في البدء بذلك». وقال إنه لن تتوفر معلومات حول فعالية اللقاح وسلامته قبل نهاية 2015. وأضاف: «سرعنا العملية بطريقة كبيرة جدا» حيث إن تطوير أي لقاح يتطلب عادة 7 إلى 10 سنوات. كذلك، تعمل شركة نيولنك جينيتكس الأميركية على تطوير لقاح ضد إيبولا. وبدأت الشركة البريطانية تجارب على اللقاح في أفريقيا والولايات المتحدة وبريطانيا. وكانت منظمة الصحة العالمية قالت في وقت سابق إن 10 آلاف جرعة تجريبية من اللقاح ستكون متوفرة في بداية 2015.
في غضون ذلك، أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس في بيان أن السنغال لم تعد من البلدان المصابة بوباء إيبولا. وأوضح البيان «أعلنت منظمة الصحة العالمية رسميا نهاية وباء إيبولا في السنغال وتشيد بهذا البلد لكفاحه من أجل وضع حد لعدوى الفيروس». وحالة الإصابة بإيبولا الوحيدة المؤكدة في السنغال أعلنت في 29 أغسطس (آب) الماضي لدى شاب زار بسيارته دكار انطلاقا من غينيا حيث كان على اتصال مباشر مع مريض بالفيروس. وتمت معالجة الشاب وتعافى.
وتعهدت منظمة الصحة العالمية بتعزيز جهودها من أجل مساعدة 15 دولة على التصدي للفيروس. وتم إجلاء مجموعة من العاملين في مجال الصحة من أفريقيا إلى أوروبا، ولم يجر تأكيد سوى حالة إصابة واحدة في القارة الأوروبية هي انتقال للعدوى إلى ممرضة في مدريد. وشخص الأطباء في إسبانيا 6 حالات إضافية يخشى إصابتها بالعدوى من بينها كاهن عاد مؤخرا من ليبيريا وظهرت عليه عوارض حمى إلا أن نتائج فحوصات 2 أتت سلبية، بحسب مسؤولين أمس. وفي فرنسا، نقلت ممرضة ساهمت في علاج مريض عائد إلى البلاد إلى مستشفى عسكري بعد إصابتها بـ«حمى مشبوهة»، إلا أن الفحوصات الأولية أتت سلبية. أما في الولايات المتحدة، فأصيبت ممرضتان قامتا بعلاج مريض توفي بالفيروس بالمرض مما سبب إحراجا للسلطات الطبية التي تواجه مساءلة حول كيفية انتشار المرض.
كذلك، أرسلت بريطانيا أمس مستشفى عسكريا عائما تابعا للبحرية الملكية البريطانية، يقل 3 مروحيات و350 شخصا، باتجاه سيراليون في إطار مكافحة إيبولا. وستستغرق رحلة السفينة «ارغوس» التي أبحرت من فالموث (جنوب غرب) أسبوعين قبل الوصول إلى فريتاون عاصمة سيراليون. وستكون القوانين صارمة جدا بالنسبة للأشخاص الـ350 على متنه ومن بينهم 80 طبيبا وممرضا و80 عنصرا من البحرية الملكية، كما قال الكابتن ديفيد ايغلس.



انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
TT

انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)

قلب حزب المعارضة الأول في غانا الطاولة على الحزب الحاكم، وفاز بالانتخابات الرئاسية التي نظمت، السبت، لتؤكد غانا أنها استثناء ديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا؛ حيث تنتشر في محيطها القريب الانقلابات العسكرية، ولا تكاد تمر انتخابات دون أزمة أمنية وأعمال عنف.

لكن البلد الأفريقي الغني بالذهب والكاكاو، ظل وفياً لتقاليد ديمقراطية بدأت مع التعددية الحزبية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومكنته من تحقيق التغيير بشكل متكرر، وبشكل هادئ وسلمي، وتنظيم انتخابات تنافسية وشفافة بالمقارنة مع ما هو معهود في أفريقيا.

المرشح الرئاسي لحزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» جون دراماني ماهاما خلال اقتراعه في مدينة بولي السبت (رويترز)

العودة للقصر

وتشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تقدم زعيم المعارضة ورئيس حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي»، جون دراماني ماهاما، بنسبة وصلت إلى أكثر من 56 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يضمن له العودة إلى القصر الرئاسي، بعد 8 سنوات من العمل المعارض.

وكان ماهاما قد حكم غانا لولاية رئاسية واحدة امتدت من 2012 حتى 2016، حين خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي نانا أكوفو-أدو، الذي استمر في الحكم ولايتين متتاليتين، مدة كل واحدة منهما 4 سنوات.

وبما أن الدستور يمنع حكم البلاد لأكثر من ولايتين، قرر الرئيس المنتهية ولايته ترشيح ودعم نائبه محمود باوميا، ليخوض السباق مع 11 مرشحاً آخر، ولكنه في الحقيقة كان عليه أن يواجه ماهاما، الخصم القوي وزعيم المعارضة والعارف بدهاليز الحكم.

واستطاع ماهاما أن يستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ليقنع فئة الشباب والناخبين الجدد بالتصويت له وقلب الطاولة على الحزب الحاكم.

المرشح الرئاسي الجديد للحزب الوطني محمودو بوميا رفقة الرئيس نانا أكوفو أدو خلال تجمع انتخابي في غانا الثلاثاء الماضي (رويترز)

المرشح المسلم

محمودو باوميا خاض الانتخابات من موقعه كنائب لرئيس البلاد، وعينُه على منصب الرئيس، وهو خبير اقتصادي يبلغ من العمر 61 عاماً، خريج جامعة أوكسفورد.

باوميا الذي ينحدرُ من الأقلية المسلمة، كان قريباً من أن يصبح أول رئيس مسلم لدولة غانا، وهي نقطة كانت حاضرة في النقاش الانتخابي داخل البلاد، ولكنها لم تكن حاسمة في النتيجة النهائية.

ويشير الخبراء إلى أن باوميا تضرر كثيراً من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب غانا، وكان يراه الناخبون ذلك الخبير الاقتصادي الذي عجز كنائب للرئيس عن إيجاد حلول للأزمة.

رغم كل الانتقادات التي واجهها باوميا خلال الحملة الانتخابية، فإنه دافع بشراسة عن سياسات حزبه، وقال إنه رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن البلاد أصبحت على «أعتاب تحول اقتصادي عميق».

ومع ظهور النتائج الأولية للانتخابات، لم يتأخر باوميا في الاعتراف بالهزيمة، والاتصال هاتفياً بخصمه وتهنئته بالفوز، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد ساعات من إغلاق مكاتب التصويت، قال فيه: «لقد اتصلت للتو بفخامة جون ماهاما لتهنئته كرئيس منتخب لجمهورية غانا».

تحديات كبيرة

ورغم أجواء الاحتفالات التي عمت غانا، وخروج أنصار ماهاما للشوارع، فإن حالة من الترقب الحذر تسود البلاد، فالرئيس الجديد «القديم» وإن كان يعود إلى القصر الرئاسي وهو يعرفه، فإن الغانيين يتذكرون الأزمات التي عاشتها البلاد خلال 4 سنوات من حكمه.

يتذكرون أزمة التيار الكهربائي الخانقة التي ضربت البلاد خلال حكم ماهاما، حتى إن الشارع والصحافة المحلية أطلقت عليه لقب «رجل انقطاع الكهرباء».

حاول ماهاما أن يصرف النقاش عن ماضيه في الحكم، وركز على انتقاد السياسات الاقتصادية «الفاشلة» للحزب الحاكم، مع وعود بحل قضايا جوهرية مثل قضية التنقيب الأهلي عن الذهب بطريقة غير قانونية، وهو ملف شائك ومعقد في بلد يصنف كأكبر منتج للذهب في أفريقيا.

يحتدم النقاش في غانا حول قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، وأضراره على الاقتصاد والبيئة والأمن، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم يقترح «دعم» المنقبين الأهليين لتحويل أنشطتهم إلى «مناجم صغيرة»، مع إلزامهم باحترام البيئة وعدم استخدام مواد كيماوية سامة.

أما ماهاما، فتعهد خلال الحملة الانتخابية بتنظيم صارم للتنقيب الأهلي عن الذهب، والتوقف الفوري عن منح أي تراخيص جديدة للمنقبين، وهي وعود يتوقع المراقبون أن تفتح عليه أبواباً هو في غنى عنها؛ بسبب اعتماد قطاعات واسعة من السكان على نشاط التنقيب عن الذهب.

وبذلك يخاطر ماهاما بالدخول في مواجهة مع أصحاب المناجم الصغيرة، الذين كثيراً ما يتهمون الحكومات المتعاقبة بالانشغال بالتضييق عليهم، في حين تكون عاجزة عن مواجهة الشركات العالمية التي تستغل مناجم الذهب الكبيرة في البلاد.

معركة البرلمان

ومن أجل الوفاء بالكثير من وعوده، خاصة لتنظيم قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، يحتاج ماهاما إلى أغلبية مريحة في البرلمان، الذي جرى التصويت عليه، يوم السبت، بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.

وتشير أغلب التوقعات إلى أن المعارضة في طريقها لتحقيق أغلبية «مريحة ومفاجئة»، خاصة بعد أن تراجعت نسبة الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة إلى أقل من 41 في المائة.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، كان الحزب الحاكم يتمتع بأغلبية بسيطة جداً، من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275 نائباً، ما أدخله في أزمات سياسية عاصفة، خاصة حين فتح النقاش حول قوانين مثيرة كقانون الحرية المثلية.