تكليف الحريري بات محسوماً بأكثرية نيابية

حزب «القوات» سيسمّيه لكنه لن يشارك في الحكومة

من لقاء الدكتور سمير جعجع والوزير السابق غطاس خوري
من لقاء الدكتور سمير جعجع والوزير السابق غطاس خوري
TT

تكليف الحريري بات محسوماً بأكثرية نيابية

من لقاء الدكتور سمير جعجع والوزير السابق غطاس خوري
من لقاء الدكتور سمير جعجع والوزير السابق غطاس خوري

تتجه الأنظار إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة اللبنانية غداً (الاثنين)، وباتت تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري محسومة بأكثرية نيابية مع عدم وضوح خريطة توزيع أصوات الكتل بشكل نهائي انطلاقاً من عدم إعلانها موقفها رسمياً، وإن كانت التوجهات تعطي صورة لما ستنتهي إليه نتائجها.
وبعد أن كان وزير الخارجية، رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل أعلن قبل يومين، أنه سينتقل إلى المعارضة ولن يشارك في الحكومة، فيما لمح أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله إلى توجه كتلة الحزب النيابية إلى إمكانية تسمية الحريري وقوله إنه «بعد التكليف يتم البحث بالتأليف»، أعلن أمس رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد لقائه الوزير السابق غطاس خوري موفداً من الحريري، أنه لن يشارك في الحكومة تاركاً قرار تسمية الحريري أو عدمها إلى اجتماع تكتل «الجمهورية القوية». وفي هذا الإطار، لفتت مصادر مواكبة للمباحثات الحكومية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن توجه القوات هو لتسمية الحريري، وبعد ذلك إن لم تكن الحكومة وفق المواصفات التي سبق للقوات أن تحدثت عنها لن تمنحها الثقة. وتوقفت المصادر في هذا الإطار عند ما لفت إليه جعجع، بقوله: «إذا رفضنا الرئيس الحريري يجب أن نرفض أيضاً رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري». وعن موقف نصرالله، قالت المصادر: «يبدو أن هناك اتجاهاً لدى حزب الله وحركة أمل لتسمية الحريري، وهو ما لمح إليه نصرالله بقوله إن هناك خيارين؛ إما تكليف الحريري أو بديل يسميه هو، وبما أنه ليس هناك أي بديل مطروح قبل ساعات من موعد الاستشارات، فالمرجح أن يعمد الثنائي الشيعي إلى تسمية الحريري».
وفي حين لفتت المصادر إلى أنه انطلاقاً من الواقع والمواقف السياسية للأطراف يمكن القول إن الحريري سيكون رئيس الحكومة المكلف، أكدت مصادر الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» أنه ليس هناك من تأجيل للاستشارات النيابية، مشيرة في الوقت عينه إلى أن عون لا يزال عند موقفه لجهة شكل الحكومة التي يرى أنه يفترض أن تكون تكنوسياسية، حيث إن الحاجة ضرورية للغطاء السياسي لأي قرار قد تتخذه وللقيام بمسؤولياتها، وهو ما لا يمكن تأمينه، وجددت موقف عون السابق لجهة مشاركة الحراك الشعبي، وقالت: «لكن المشكلة في اختيار من يمثل هؤلاء، وهو أحد الأسباب التي قد تؤخر عملية التأليف، إضافة إلى المماحكات التقليدية والمتوقعة بين الفرقاء».
وإذا لم تحصل مفاجآت، من المتوقع أن يحصل الحريري على أصوات الأكثرية النيابية والتي تقدر لغاية الآن بنحو 74 صوتاً من أصل 128 نائباً، مع احتساب أصوات «الحزب التقدمي الاشتراكي» (9 نواب). وهي تتوزع على «حزب الله» (13 نائباً) و«حركة أمل» (17 نائباً) و«تيار العزم» (4 نواب) الذي يرأسه رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي و«حزب القوات اللبنانية» (15 نائباً)، إضافة إلى «كتلة المستقبل» (18 نائباً) التي يرأسها الحريري (من دون احتساب النائب نهاد المشنوق)، كذلك فإن رئيس الحكومة السابق تمام سلام، يتجه لتسمية الحريري، بحسب مصادره.
وفي حين لم تعلن عدة كتل ونواب مستقلين مواقفهم لغاية الآن، سبق لحزب الكتائب (3 نواب) أن أعلن أنه سيصوّت للسفير السابق نواف سلام، في حين لم يعلن «تيار المردة» موقفه، ومرجح أن يصوّت «الحزب التقدمي الاشتراكي» لصالح الحريري، وإن كانت مصادره تقول إن موقفها سيحسم في اجتماع «تكتل اللقاء الديمقراطي» اليوم (الأحد).
وبعد اللقاء الذي جمع جعجع مع خوري يوم أمس، قال الأخير: «هناك تفاهم عميق مع جعجع في الشأن الحكومي ومتروك له أن يبدي رأيه في موضوع تسمية رئيس الحكومة عبر اجتماع (الجمهورية القوية) أو عبر التسمية في الاستشارات النيابية يوم الاثنين». وأكد أن الحريري يبحث عن إنقاذ الدولة، وحتى الساعة لم يكلف ليبدأ البحث بالحكومة»، مشيراً إلى أن «لا شيء يمنع لقاء عون والحريري».
وأقر خوري بأن الوضع صعب ويحتاج تضافر الجميع، لافتاً إلى أن «هناك في الشارع من يؤيد الحريري والحل بأخذ رأي الجميع في البلد ولا يضع تعقيدات، بل حدد نظرته للحكومة ويجب أخذ مطالب الناس في الاعتبار». وقال: «قسم من الشارع مؤيّد للحريري وقسم آخر ممكن أن يكون رافضاً له، لكن هناك آلية للتغيير في البلد ويجب اتباعها».
بدوره، قال جعجع: «ملف تشكيل الحكومة ما زال في بدايته للأسف، لأنّ هناك مَن يُريد أن يُعيد التاريخ نفسه، والمطلوب من القوى التي تضع يدها على القرار أن تكف يدها قليلاً لنتمكن من إنقاذ البلاد». وأضاف: «الموضوع الميثاقي غير مطروح اليوم والأهم نوعية الحكومة التي ستشكل»، قائلاً: «إذا رفضنا الرئيس الحريري يجب أن نرفض أيضاً عون وبري، لأن المعادلة المطروحة هي هذه، لكن ذلك لا يعني أننا سنسميه».
وميّز جعجع بين علاقته بالحريري وتشكيل الحكومة، قائلاً: «صداقتنا مع الحريري شيء وتشكيل حكومة إنقاذ في مرحلة استثنائية شيء آخر مختلف تماماً، ولسنا مستعدّين للذهاب باتجاه حكومة من غير الاختصاصيين وفي كل الأحوال لن نشارك في الحكومة». وعدّ أنه «إذا كانت الحكومة من اختصاصيين لكن سمتهم القوى السياسية، فهذا يعني أننا لم نفعل شيئاً لأن مرجع هؤلاء ستكون الأحزاب». وأضاف: «عبرنا عن موقفنا لموفد الحريري وسنترجمه في الاستشارات النيابية بعد أن نجتمع في التكتل ونأخذ القرار المناسب بهذا الشأن». وجدد التأكيد على «أنه لا خلاص للبنان إلا بحكومة جديدة كلياً ونرفض أي تجميل للحكومات السابقة ونطرح حكومة أخصائيين مستقلين، ونحن ضد حكومة ما يُسمى الوحدة الوطنية».
وكان موقف أمس، كذلك لنائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم الذي عدّ أنه من المبكر الحديث عن شكل الحكومة، حيث قال: «نريد حكومة إصلاحية إنقاذية فيها أوسع تمثيل ممكن، تتعظ من غضب الناس وتعطيهم حقوقهم في العيش الكريم، وتحمي هذه الحقوق بجملة من التشريعات الفورية والاستراتيجية، حكومة تعمل بسياسات اقتصادية واجتماعية ولا تتصرف بطريقة عشوائية، وتأخذ في الحسبان توفير فرص العمل، وتهتم بالزراعة والصناعة، وتوقف الهدر والفساد وتعمل بإدارة حازمة، ولا تتراخى مع المفسدين ومع أولئك الذين يأخذون البلد إلى الدمار».
وأضاف: «اليوم كل حديث عن شكل الحكومة ومضمونها سابق لأوانه، كل ما تسمعونه عبر وسائل الإعلام أن شكل الحكومة سيكون كذا أو كذا ليس صحيحاً، ولم نتفق بعد لا على الشكل ولا على المضمون، نحن ننتظر أن يكلف رئيس للحكومة، وبعد ذلك تجري مشاورات معه من قبل الكتل النيابية المختلفة لتحديد شكل الحكومة ومضمونها، بما ينسجم مع خيار المجلس النيابي والكتل النيابية فيه، لأن الحكومة ليست شخصاً، الحكومة مجموعة تأخذ قراراً، وهي مجتمعة، وبالتالي لا يمكن أن يتم اختيارها على مزاج أحد، وإنما يجب اختيارها على قاعدة التفاهم مع الكتل المختلفة والسياسات المطلوبة».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.