قبل يوم من موعد وصول المبعوث الأميركي الخاصّ بشؤون كوريا الشماليّة ستيفن بيغون إلى كوريا الجنوبية في زيارة تستمر لثلاثة أيام، وفي وقت لا تزال المفاوضات النووية بين بيونغ يانغ وواشنطن متوقفة مع اقتراب المهلة النهائية، أجرت كوريا الشمالية «اختبارا مهما آخر» في موقع سوهاي لإطلاق الأقمار الصناعية. ورأى بعض المحللين أن كوريا الشمالية تشير ربما إلى احتمال إطلاق صاروخ عابر للقارات من الموقع ذاته في سوهاي. ويقول هؤلاء إن مثل هذه الاختبارات قد تساعد كوريا الشمالية على تصنيع صواريخ باليستية عابرة للقارات يمكن الاعتماد عليها بدرجة أكبر. وقال أنكيت باندا وهو زميل بارز في اتحاد العلماء الأميركيين الذي يتخذ من الولايات المتحدة مقرا له في تصريحات نقلتها «رويترز»: «الفكرة على ما يبدو هي تذكير الولايات المتحدة بأن كوريا الشمالية لا يزال لديها مجال لتطوير برنامجها على صعيد الكيفية». وأضاف: «كان لدينا ما يشير بقوة إلى أنه أيا كان ما يفعلونه في سوهاي فهو ذو طابع عسكري، إذ تولت أكاديمية علوم الدفاع مسؤولية الإعلان وليس الإدارة الوطنية لتطوير الفضاء الخارجي، وكالتهم للفضاء».
وقال المنشق والباحث الكوري الشمالي في سيول آهن شان - إيل لوكالة الصحافة الفرنسية: «من المرجح جداً أن تطلق كوريا الشمالية شيئا ما يوم عيد الميلاد، وقد يسمونه منظومة صواريخ بينما يكون في الواقع صاروخاً عابراً للقارّات». وأوضح أنه «يمكن النظر إلى اختبارات سوهاي على أنها نوع من التحضير لعملية الإطلاق في 25 ديسمبر (كانون الأول)». ومن المقرر أن يزور المبعوث الخاص الأميركي لكوريا الشمالية، ستيفان بيجون سول لبحث الوضع مع نظيره الكوري الجنوبي غدا الاثنين.
وقالت بيونغ يانغ إنه سيتم استخدام النتائج لتعزيز ردعها النووي، وفق ما أفادت وسائل إعلام رسمية أمس السبت. وقال متحدث باسم «أكاديمية كوريا الشمالية الوطنية للعلوم الدفاعية» إنه «تم إجراء تجربة جديدة حاسمة في موقع سوهاي لإطلاق الأقمار الصناعية في 13 ديسمبر (كانون الأول)»، مضيفا أن «النجاحات في مجال الأبحاث (...) ستطبق لتحسين الردع النووي الاستراتيجي الموثوق» لكوريا الشمالية. ولم يقدم البيان الرسمي تفاصيل إضافية عن الاختبار.
ومنشأة سوهاي الساحلية في شمال غربي كوريا الشمالية مصممة ظاهرياً لوضع الأقمار الصناعية في مدارها. لكن بيونغ يانغ أطلقت عدة صواريخ من الموقع في عمليات قوبلت بإدانات من الولايات المتحدة وغيرها إذ اعتبرت اختبارات لصواريخ باليستية بعيدة المدى يتم التستر عليها. وتحظر قرارات مجلس الأمن الدولي على كوريا الشمالية إطلاق صواريخ باليستية، ويمكن تعديل محرّكات الصواريخ (المستخدمة لإطلاق أقمار صناعية) ليتم استخدامها في الصواريخ الباليستية. ويمثل هذا الاختبار التجريبي الخامس عشر للأسلحة الذي أجرته كوريا الشمالية هذا العام، كما أجرت أربعة اختبارات لنظام إطلاق الصواريخ كبيرة الحجم، في 24 أغسطس (آب)، و10 سبتمبر (أيلول) و31 أكتوبر (تشرين الأول) و29 نوفمبر (تشرين الثاني) العام الحالي.
وتعهدت بيونغ يانغ التي بدأ ينفد صبرها جرّاء عدم تخفيف العقوبات المفروضة عليها بعد ثلاث قمم بين زعيمها كيم جونغ أون والرئيس الأميركي دونالد ترمب بتقديم ما وصفتها بـ«هدية عيد ميلاد» معادية للولايات المتحدة ما لم تقدم واشنطن تنازلات بحلول نهاية العام. وقالت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أمس السبت إن أحدث اختبارات لبيونغ يانغ تضع مزيدا من الضغوط على الولايات المتحدة، لمحاولة كسر الجمود في المفاوضات بين الدولتين بعد انهيار محادثات على مستوى مجموعات العمل في استوكهولم في أكتوبر الماضي.
وكان قد وافق الزعيم كيم على إغلاق موقع سوهاي خلال قمة العام الماضي عقدها مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي - إن في بيونغ يانغ في إطار إجراءات بناء الثقة. وعقد كيم ثلاثة اجتماعات مع ترمب منذ يونيو (حزيران) 2018، لكن هذه المفاوضات النووية مع واشنطن جمّدت منذ أن انهارت قمّة هانوي في فبراير (شباط) بينما أصدرت بيونغ يانغ سلسلة تصريحات متشددة في الأسابيع الأخيرة مع اقتراب المهلة النهائية.
بدورها، انتقدت كوريا الشمالية هذا الأسبوع واشنطن، واصفة إياها بـ«الغبية» لطلبها عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي على خلفية القلق المتزايد بشأن الصواريخ قصيرة المدى التي يتم إطلاقها من الدولة المعزولة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الكورية الشمالية إنه عبر ترتيبها الاجتماع، «ساعدتنا (واشنطن) على اتخاذ قرار حاسم بشأن المسار الذي سنسلكه».
وحذّر نائب وزير الخارجية الكوري الشمالي الأسبوع الماضي من العودة إلى الحرب الكلامية مع الولايات المتحدة، مهدداً باستئناف الإشارة إلى ترمب على أنه «عجوز»، وهو اللقب الذي أطلقته بيونغ يانغ على الرئيس الأميركي في ذروة التوتر بين الطرفين سنة 2017.
وجاءت التصريحات بعد يوم من تحذيرها من أنه في حال استخدمت الولايات المتحدة القوة العسكرية ضد كوريا الشمالية، فستتخذ الأخيرة «خطوات فورية للرد على أي مستوى كان».
وأعلنت كوريا الشمالية في 2017 أنها اختبرت صاروخاً عابراً للقارات قادراً على بلوغ ألاسكا. وخلال قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت مؤخراً، تباهى ترمب بجيش الولايات المتحدة «الأقوى» في العالم، مضيفاً: «آمل بألا نضطر للجوء إليه، لكن في حال اضطررنا فسنقوم بذلك».
كوريا الشمالية تجري تجربة «حاسمة» لتعزيز ردعها النووي
منشق: بيونغ يانغ ربما تحضر لإطلاق صاروخ عابر للقارّات يوم عيد الميلاد
كوريا الشمالية تجري تجربة «حاسمة» لتعزيز ردعها النووي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة