المغرب: أمين عام «التقدم والاشتراكية» يهاجم التحالف الحكومي

TT

المغرب: أمين عام «التقدم والاشتراكية» يهاجم التحالف الحكومي

هاجم نبيل بنعبد الله، أمين عام حزب التقدم والاشتراكية المغربي المعارض (الشيوعي سابقا)، أحزاب التحالف الحكومي بالبلاد، واتهمها بالإمعان في إخلاف موعدها مع مباشرة الإصلاحات الكبرى والأساسية، محذرا من تراجع الثقة، الذي بات سمة مميزة للوضع في البلاد.
وخص بنعبد الله حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يرأسه وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش، بقسط من الانتقادات التي وجهها لمكونات الغالبية، وقال: «نتابع كيف أن بعض مكونات هذه الغالبية مُتمادٍ في ادعاء بطولات مؤجلة إلى ما بعد 2021»، وأعرب عن أسفه على «استمرار الصراع بين مكونات الغالبية».
وأضاف بنعبد الله، في كلمة ألقاها في افتتاح اجتماع اللجنة المركزية لحزب التقدم والاشتراكية، أمس في الرباط، أن الوضع العام بالمغرب «تغلب عليه الضبابية والالتباس والارتباك والحيرة والقلق والانتظارية»، معتبرا أن الحكومة عاجزة عن «تحريك الأوضاع، وتبديد المخاوف والتساؤلات لدى مختلف الأوساط والشرائح والطبقات».
وبينما جدد بنعبد الله التأكيد على صواب قرار حزبه مغادرة حكومة سعد الدين العثماني، سخر من استمرار حزب الاتحاد الاشتراكي في الحكومة، دون ذكر اسمه، حيث قال: «نتابع كيف أن البعض الآخر يستمر بشكل باهت، وبلا التزام، ضمن أغلبية لطالما عارضت تماما أي وجود إلى جانب الحزب الذي يرأسها»، وزاد منتقدا: «ثم كيف أن البعض الآخر من هذه الأغلبية فقد كثيرا من حماسته للتغيير، واستسلم إلى الواقع كما هو؟»، وذلك في لمز واضح منه لحزب العدالة والتنمية، متزعم التحالف الحكومي. وجدد التأكيد على أن الحكومة الحالية فاقدة لنكهتها السياسية، ولا توجد «مبادرات من قبلها لتجاوز صورتها الباهتة، أو لتوضيح الغموض الذي يلف عملها»، لافتا إلى أن جميع المؤشرات تبين أن الخلافات بين مكوناتها «مرشحة لمزيد من التفاقم كلما اقتربنا من موعد الانتخابات المقبلة».
وتابع أمين عام حزب التقدم والاشتراكية في نقده للحكومة بقوله: «لا شيء تغير إيجابا، مما يؤدي إلى مزيد من الاحتقان والغضب، ومزيد من الإفرازات المجتمعية الحانقة، ومزيد من الرغبة في مغادرة الوطن، أو على الأقل الاستقالة من قضاياه»، في إشارة إلى تراجع منسوب الثقة في السياسة والمؤسسات، الذي تصاعدت حدته في الآونة الأخيرة.
وأكد المتحدث ذاته أن أكثر ما يثير المخاوف بالنسبة لحزبه هو ما يفرزه «وضعُ الجمود الحالي، المتسم عموما بالانسداد وتراجع منسوب الثقة في العمل المؤسساتي وفي آلياته، بسبب الفراغ المُحدث، من أشكال عفوية وغير منظمة للاحتجاج، ومن صيغ جديدة للتعبير، تأخذ للأسف أحيانا أبعادا تمس الثوابت الوطنية».
في غضون ذلك، طالب بنعبد الله بالتخلي عن «الإصرار على تكريس الفراغ، الذي لا يفسح المجال سوى لتنامي التعبير العفوي عن الرفض، والغضب والقلق بشكل غير محسوب العواقب»، محذرا من أن التطورات الجارية في الساحة الدولية تؤشر على أن العالم ينحو في اتجاه «مزيد من الاضطراب»، مذكرا بما تعيشه مجموعة من مناطق العالم ودول عربية، مثل الجزائر والعراق ولبنان والسودان.
وعبر بنعبد الله عن تمسك حزبه بمطلب «ضخ نفس ديمقراطي جديد في حياتنا الوطنية العامة، وإنعاش الحركة الاقتصادية، ومراجعة نظام توزيع الثروة الوطنية، بما يضمن شروط الكرامة بالنسبة لجميع المواطنات والمواطنين على قدم المساواة، وبتكافؤ في الفرص، وإحداث شروط الانفراج، وتصفية الأجواء المرتبطة بظاهرة الاعتقال». مشددا على أنه رغم الصعوبات، يبقى حزب التقدم والاشتراكية «مصرا على فتح أبواب الأمل أمام وطننا وشعبنا، وحمل شعلة التفاؤل، مُحاربا للعدمية والتبخيس، والمغامرة واللامبالاة، واليأس والتطرف والانتظارية»، ومؤكدا إيمانه بـ«إمكانية التغيير في كنف الاستقرار، وبقدرة وطننا على رفع التحديات التنموية والانتقال إلى مصاف الدول الديمقراطية، بثبات واطمئنان».
وأضاف أمين عام الحزب المعارض: «حزبنا مقتنع تمام الاقتناع بأن المغرب يمكن أن يكون أفضل حالا، وبأن الدولة الوطنية الديمقراطية القوية بمؤسساتها وبمشروعياتها التنموية الحديثة أمر ممكن»، مؤكدا أن المغرب اجتاز «مراحل أصعب، وحقق نجاحات متفردة، لا سيما خلال اللحظات التي التقت فيها، وتطابقت وتضافرت إرادات القوى الأساسية والفاعلة في وطننا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.