مهما يحاول صنّاع المنتجات والسلع الغذائية التجارية المدرجة على لائحة المونة بشكل عام استحداث خلطات لتصبح شبيهة إلى تلك المحضرة من قِبل الأمهات وربات المنازل فإنهم لم يفلحوا. فالمذاق الذي تؤلفه أصناف المونة المحضرة في البيت تبقى فريدة من نوعها. فهي إضافة إلى كونها مصنوعة من مكونات طازجة وطبيعية بعيدة كل البعد عن المواد الكيمائية، فإنها محاطة بتغليفة لا تشبه غيرها اسمها «نَفَس الأمهات» الذي يبقى أثره عابقاً في ذاكرتنا حتى بعيد غيابهن عنا.
وتعد المُرَبَّيات على أنواعها من فاكهة السفرجل، والمشمش، والتين، والكرز، والفراولة، وغيرها من أهم عناصر المونة اللبنانية التي يتم تحضيرها قبيل وصول فصل الشتاء. فالنسوة في القرى والجبال من جدات وأمهات، يتباهين بصنعها وحدهن أو مع عونة من جاراتهن، وعندما ينظرن إليها تصطف على رفوف مطابخهن، يشعرن وكأنهن يلقين نظرة على مجموعة من مجوهراتهن الثمينة التي لا تقدر بثمن. فصنعها يستغرق الوقت كما يتطلّب الاحتراف والتأني، وبالتالي فهو يتطلّب استخدام مكونات طازجة مقطوفة من أشجار البساتين القريبة منها.
ولصنع مُرَبَّيات لذيذة يعشقها الكبار والصغار معاً، ما عليك سوى أن تحضرها على طريقة جدّاتنا القديمة، التي لا تؤمن بالمذاق المعصرن، بل التقليدي الأصيل.
- مربى السفرجل
تلقب هذه الفاكهة بـ«قمر السعادة»؛ فتناولها نيئة أو مطبوخة له مردوده الإيجابي الكبير على صحة متناولها، وخاصة من ناحية أمراض المعدة والقلب والرئة. والمعروف بأنها تنبت فقط مع إطلالة فصل الخريف، وبالتحديد في شهر سبتمبر (أيلول). أما المُرَبَّيات المصنوعة منها مبروشة أو مقطعة ومغطسة بصلصة السكر (القطر) فيعتبرها أهل القرى في لبنان زينة مائدة فصل الشتاء، ولا يمكن الاستغناء عنها؛ لما فيها من فيتامينات وألياف. وإليك طريقة صنع مربى السفرجل وتتألف من المحتويات التالية: 2 كيلو سفرجل، و1 كيلوغرام من السكر، وملعقة كبيرة عصير ليمون الحامض. و400 ملليتر ماء للنقع مع عصير 2 ليمونة للنقع أيضاً؛ وذلك كي تحافظ على لونها
- الفاتح الأشقر أثناء طهيها.
أما طريقة التحضير، فتتطلب منا أولاً تقشير السفرجل، ثم تقطيع الثمرة الواحدة منها إلى أربعة أقسام. ومن ثم نزيل اللب الذي في داخلها لنقطع بعدها كل قطعة إلى مربعات سميكة قليلاً، ونضعها في الماء المخلوط مع كمية عصير الليمون الحامض وننقعها لمدة ليلة واحدة. في اليوم الثاني نقوم بتصفية السفرجل من ماء النقع، ونضع الماء في وعاء على النار ومعه كمية السكر وعصير الليمون. ونحرك الكل جيداً حتى يذوب السكر وبعد أن تغلي الماء نضيف قطع السفرجل ونقلبها جيداً في المزيج. ونتركها تغلي على نار هادئة من 2 إلى 3 ساعات أو حتى تنضج حبات السفرجل مع التقليب بين الحين والآخر ودون تغطية الوعاء المستعمل. وفي المرحلة الأخيرة، نرفع الوعاء عن النار ونتركه حتى يبرد، ثم نضع المحتوى في قوارير زجاجية (مراطبين) معقمة ونحتفظ به في الثلاجة. ويمكن لتسريع عملية تحضيره القيام ببرشه واتباع الطريقة نفسها لتستغرق نحو ساعة واحدة فقط.
- مربى التين المعقود مع الجوز
تعتبر فاكهة التين ذات فوائد كثيرة. وهي تحتوي على مضادات قوية للأكسدة، وخاصة مادة الفينول الغني بها التين الجاف. فتعمل مضادات الأكسدة هذه على حماية البروتينات الدهنية في الدم من الأكسدة. وبالتالي، يساعد تناول التين في خفض معدل الإصابة بأمراض القلب والشرايين. وأظهرت الكثير من الدراسات أن تناول التين يساعد على خفض نسبة الدهون الثلاثية المضرة، ومحتواه العالي من البوتاسيوم له دور في تعزيز صحة القلب والسيطرة على مستوى ضغط الدم وتنظيمه. كما يحتوي التين على أوميغا 3 وأوميغا 6، والأحماض الدهنية التي تساعد على منع أمراض القلب التاجية.
أما لتحضير مربى التين المعقود مع حبات الجوز فعليك استخدام المكونات التالية:
كيلو تين مجفف مقطع، ونصف كيلو سكر وكمية من الماء حسب جفاف التين، أي نحو 4 أكواب ممكن إنقاصها أو زيادتها حسب الحاجة. وعصير حامضة واحدة وملعقة كبيرة من السمسم، وأخرى من الجوز، ورشة مستيكا، وعود قرفة، حسب الرغبة.
- طريقة التحضير
يغسل التين وينقع في الماء نحو 5 دقائق ثم يصفى. وبعدها نضع السكر والماء على النار حتى يغلي الخليط، ونضيف إليه عصير الحامض وعود القرفة. بعد 3 دقائق من الغليان نضيف التين ونتركه يغلي حتى يعقد القطر ويكون بذلك صار أشقر اللون. وتضاف المكسرات والسمسم بعد تحميصها وقبل إطفاء النار بـ5 دقائق مع تقليبها مع الخليط. ومن ثم يسكب المعقود في مراطبين زجاجية ناشفة ومعقمة.
ومن فوائد تناول المربيات على أنواعها بأنها تفتح الشهية لمن يفتقدها، كما أنها مفيدة لمن يزاولون الرياضة وللنساء الحوامل والمصابين بفقر الدم. أما تناول ملعقة صغيرة منها يومياً فهي تقي المرء من أمراض زيادة الأحماض القلوية في الجسم، والنقرس والرمال الكلوية وأمراض السكري والشرايين.