خبراء يناقشون في مراكش تعزيز دور القضاة في حماية النساء من العنف

رئيس النيابة العامة عدّها أولوية في السياسة الجنائية

TT

خبراء يناقشون في مراكش تعزيز دور القضاة في حماية النساء من العنف

قال محمد عبد النباوي، رئيس النيابة العامة بالمغرب، إن حماية المرأة من جميع أشكال العنف تعد أولوية في السياسة الجنائية، التي تضطلع النيابة العامة بتنفيذها، انسجاماً مع المعايير الدولية ذات الصلة بالمقتضيات القانونية الوطنية.
وأضاف عبد النباوي، في كلمة ألقاها خلال افتتاح الدورة التكوينية حول «تعزيز دور قضاة النيابة العامة من أجل توفير حماية ناجعة للمرأة»، والتي نظمتها النيابة العامة بشراكة مع مجلس أوروبا أمس في مراكش لفائدة القضاة، أن النيابة العامة سارت منذ إنشائها على نهج حماية المرأة من كل أشكال العنف، وذلك من خلال توفير حماية قضائية ناجعة للنساء، سواء عبر إقامة الدعوى العمومية أو ممارستها، أو تسهيل الولوج لهذه الحماية. موضحاً أنه تم توجيه منشور للنيابات العامة بمختلف محاكم المملكة، يتضمن الكثير من التوصيات الرامية لحماية الحقوق والحريات، مع ترتيب الجزاءات اللازمة على خرقها، والحث على ضرورة حماية الفئات الخاصة، ولا سيما النساء.
وأشار المسؤول القضائي إلى أن قانون 103-13، الذي ينص على حماية حقوق النساء، يتسع ليشمل زواج القاصرات كذلك، والذي يمكن أن يكون في بعض الحالات زواجاً قسرياً، والمنصوص على تجريمه بنص نفس القانون، مع مراعاة حقوق الفتاة القاصر التي أقر المشرع بزواجها في حالات استثنائية، فضلاً عن توجيه أعضاء النيابة العامة إلى عدم التردد في معارضة طلبات الزواج، التي لا تراعي المصلحة الفضلى للفتاة القاصر.
من جانبه، اعتبر مايكل أنجيلدو، رئيس مكتب المجلس الأوروبي بالمغرب، أن هذا اللقاء الذي ينعقد في إطار عقد شراكة، يجمع المغرب بمجلس أوروبا (2018-2021)، ضمن برنامج «ضمان الحكم الديمقراطي المستدام وحقوق الإنسان في جنوب البحر الأبيض المتوسط» (برنامج الجنوب الثالث)، الذي يموله الاتحاد الأوروبي، ويشرف على تنفيذه مجلس أوروبا، من شأنه أن يعزز دور قضاة النيابة العامة في حماية النساء ضحايا العنف، وتعويض الضحايا، والحد من التمييز بين الجنسين، وزواج الفتيات القاصرات، ضمن تفعيل آليات الحماية القانونية والمسطرية، سواء ما يتعلق بحماية النساء المعنفات أو متابعة المعتدين.
بدورها، اعتبرت سفيرة الاتحاد الأوروبي بالمغرب كلوديا فيداي أن قضية العنف ضد المرأة ظاهرة مجتمعية تتطلب أجوبة ملحة. وقالت إن تعزيز قدرات المتدخلين تعد ضمن قلب برامج الاتحاد الأوروبي؛ حيث يشكل لقاء مراكش حلقة تكوينية ضمن سلسلة من الدورات حول قضايا تهم محاربة العنف ضد النساء، وضد العمال المنزليين. مؤكدة أن محاربة العنف ضد النساء والفتيات الصغيرات يعد من أولويات برامج الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن أن مسألة المساواة والقضاء على كافة أشكال التمييز بين الجنسين «تعدان من بين أهم الحقوق الأساسية للإنسان».
ويشارك في الندوة عدد من الخبراء الدوليين والقضاة الأجانب والمغاربة من أجل تعزيز دور قضاة النيابة العامة في تطبيق القوانين والتشريعات، المتعلقة بحماية النساء ضحايا العنف والعمال المنزليين وضحايا الزواج القسري.
من جهة أخرى، اعتبر محمد عبد النباوي خلال ندوة علمية، نظمت أمس أيضاً بمراكش، بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية حول موضوع «الخطأ القضائي في مجال الاعتقال الاحتياطي»، أن الخطأ القضائي يعد من أعقد المواضيع المطروحة على القضاء في الوقت الراهن، بسبب ملامسته لمبدأين أساسيين من مبادئ حقوق الإنسان التي تحمي الحريات وقرينة البراءة من جهة، لكنها في الوقت نفسه تسمح باستباحة بعض مظاهرها من أجل حماية الأمن والنظام العام، وتوفير الشروط المناسبة لمكافحة الجريمة من جهة ثانية.
وأكد المتحدث أن الاعتقال الاحتياطي يبدو تدبيراً مشروعاً، يحق للقضاة إيقاعه على الأشخاص المشتبه بهم أو المتهمين، ما ينأى بقراراتهم عن التعسف وانعدام الشرعية، التي تستوجب قيام المسؤولية. إلا أن فرضية التعسف في إيقاع الاعتقال الاحتياطي، أو الخطأ في اتخاذه عن طريق إهمال مراقبة أسبابه ومبرراته أو مسطرة إجرائه، تظل واردة، كما يظل الخطأ القضائي وارداً في سائر الإجراءات وعبر كل مراحل الدعوى القضائية، وهو ما دعا الدستور المغربي إلى إقرار مسؤولية الدولة عن الخطأ القضائي، وتخويل المتضرر الحق في الحصول على تعويض بشأنه.
وأشار عبد النباوي إلى أن كثيراً من المواطنين لا يعتبرون العدالة فعالة، إلا إذا تم اعتقال خصومهم فوراً، ولذلك تقابل قرارات النيابة العامة بالمتابعة في حالة سراح (إفراج) بتذمر المشتكي، بل إن منهم من يعتبر ذلك مؤشراً على عدم نجاعة العدالة أو انحيازها.
بدوره، أشار الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، الرئيس الأول لمحكمة النقض، مصطفى فارس أن موضوع الخطأ القضائي يثير كثيراً من الإشكالات القانونية والتنظيمية، التي تستلزم بذل الجهود، لأنه يثير كثيراً من الأسئلة ذات البعد الحقوقي والقانوني.
من جهته، أشاد هشام الملاطي، مدير الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل المغربية، بجرأة المسؤولين في طرح القضية، نظراً لما تكتسيه من حرج قضائي، ما يضفي على الجهاز القضائي برمته مصداقية. موضحاً أن الوضعية التي ينتهي فيها الاعتقال الاحتياطي بالبراءة، أو سقوط الدعوى العمومية، أثارت نقاشاً قانونياً وحقوقياً، يتعلق بمدى إمكانية التقدم بطلب تعويض عن الضرر المادي، أو المعنوي للاعتقال الاحتياطي في إطار دعوى الخطأ القضائي، ولا سيما أن الدستور المغربي لسنة 2011 نص في الفصل 122 منه على مبدأ مسؤولية الدولة في التعويض عن الأخطاء القضائية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.