البنك الآسيوي للاستثمار يقرض البنى التحتية الروسية للمرة الأولى

حكومة موسكو رأت فيه دليلاً على عبثية العقوبات الغربية

حصلت روسيا على قرض من البنك الآسيوي للاستثمار في إطار الخطة الشاملة لتحديث وتوسيع البنى التحتية (رويترز)
حصلت روسيا على قرض من البنك الآسيوي للاستثمار في إطار الخطة الشاملة لتحديث وتوسيع البنى التحتية (رويترز)
TT

البنك الآسيوي للاستثمار يقرض البنى التحتية الروسية للمرة الأولى

حصلت روسيا على قرض من البنك الآسيوي للاستثمار في إطار الخطة الشاملة لتحديث وتوسيع البنى التحتية (رويترز)
حصلت روسيا على قرض من البنك الآسيوي للاستثمار في إطار الخطة الشاملة لتحديث وتوسيع البنى التحتية (رويترز)

حصلت روسيا على قرض من البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، لتمويل مشروعات مد وتحسين الطرق بين المدن الروسية، وفي روسيا بشكل عام، وذلك في إطار «خطة شاملة لتحديث وتوسيع البنى التحتية»، وضعتها الحكومة الروسية العام الماضي، لتنفيذ «المشروعات القومية» التي حددها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مرسوم وقعه ربيع العام الماضي، يحدد فيه «الأهداف الوطنية والمهام الاستراتيجية لتنمية الاتحاد الروسي حتى عام 2024».
وتقوم وزارة النقل الروسية حاليا بتنفيذ عدد من مشروعات البنى التحتية الضخمة في مجال النقل والمواصلات بين المدن الرئيسية في البلاد، مع تركيز على الربط بين المدن الكبرى المصنفة «مراكز نمو اقتصادي». وتقوم الحكومة بتمويل تلك المشروعات، وتوفر استثمارات خارجية في مشروعات البنى التحتية في روسيا جزءا من التمويل. ويُعول على إنجاز تلك المشروعات في تحسين ظروف الأعمال والتجارة، وفي النمو الاقتصادي بشكل عام.
وفي إطار الاهتمام الخارجي بمشروعات البنى التحتية في روسيا، أعلن البنك الآسيوي للاستثمار في مشروعات البنية التحتية، عن موافقته على منح قرض لروسيا. وقالت وكالة «تاس» إن البنك وافق لأول مرة على منح روسيا قرضا قيمته 500 مليون دولار لتطوير البنية التحتية للنقل والمواصلات. ولم يتم الكشف عن شروط القرض، إلا أن «سعره» أدنى من سعر الاقتراض عبر أداة مثل سندات اليورو، وفق وكالة «تاس»، التي أضافت، بناء على بيان حصلت عليه من البنك الآسيوي، أن هذا القرض السيادي سيتم منحه لتحديث البنية التحتية الموجودة حالياً، ولدعم مشروعات «فرعية» في إعادة تأهيل عدد من الطرقات المدرجة ضمن الأولويات الوطنية الروسية في مجال النقل.
وسيتم تحديد تلك المشروعات الفرعية مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى معالجة قضايا النقل في عقد المواصلات الاقتصادية الرئيسية، والمناطق الحدودية، وهذا «من شأنه أن يساهم في تعزيز الربط عبر طرق كبرى»، وفق ما يقول البنك الآسيوي في بيانه، موضحا أن «تحديث شبكة الطرق سيقلل من وقت السفر، ويعزز السلامة على الطرقات، ويحسن مقاومتها للظروف المناخية الصعبة في روسيا».
وقال البنك الآسيوي إن «استثماراتنا هذه في روسيا تمثل رغبة بإضافة المزيد من مشروعات البنية التحتية إلى استثماراتنا المتنامية في آسيا وخارجها»، لافتا إلى أنها «المرة الأولى التي نقوم فيها بتمويل مشروعات في روسيا»، لكن يبدو أنها ليست الأخيرة، إذ عبر عن أمله في أن تتيح هذه الخطوة فرصة لمراكمة خبرة حول العمل مع السوق الروسية «للتعاون مستقبلا في عدد من مشروعات البنية التحتية».
من جانبها قالت وزارة التنمية الاقتصادية الروسية إن الشريحة الأولى من القرض، بقيمة 96.7 مليون دولار سيتم استخدامها لإعادة تأهيل الطريق الفيدرالية التي تربط بطرسبورغ مع الحدود النرويجية، وتمر عبر مدن بيتروزوفودسك ومورمانسك وبيتشينغ. أما الشرائح الإضافية من القرض الذي تبلغ قيمته الإجمالية 500 مليون دولار، سيتم استخدامها لتمويل تطوير البنية التحتية للطرق، وستقوم الوزارة لاحقا بتحديد المشروعات الفرعية التي سيشملها التمويل.
ورأت روسيا في حصولها على هذا القرض دليلا على فشل العقوبات الغربية في عزلها عن أسواق المال العالمية. وشددت وزارة التنمية الاقتصادية في بيانها على أنه «من الضروري فهم أن الدول الآسيوية ليست وحدها ممثلة في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، ولكن هناك أيضاً بريطانيا وكندا وفرنسا وهولندا وإسبانيا وبلجيكا»، وقالت إن «مبادرة كهذه كانت ستواجه مقاومة شرسة في مؤسسات دولية أخرى، لكن الشركاء الغربيين اضطروا (في موضوع القرض لروسيا من البنك الآسيوي) لأخذ مواقف دول العالم الأخرى بالاعتبار». ونقل المكتب الصحافي في وزارة التنمية الاقتصادية عن الوزير مكسيم أوريشكين قوله إن «شركاءنا الغربيين اضطروا لأخذ موقف بقية العالم بالحسبان، وهذا يؤكد أن سياسة العقوبات لا يمكن أن تستمر للأبد».
وشهدت الفترة الماضية نشاطاً ملموساً في روسيا في مجال مد طرقات جديدة، وإعادة تأهيل أخرى قديمة، لا سيما تلك التي تتمتع بأهمية اقتصادية. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أدرج «تحسين البنية التحتية للطرق والمواصلات» ضمن «المشروعات القومية» للتنمية، في نص أول مرسوم أصدره بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) 2018، حول «الأهداف الوطنية والمهام الاستراتيجية لتنمية الاتحاد الروسي حتى عام 2024». وبناء على تكليف منه وضعت الحكومة الروسية خطة «توسيع وتحديث البنية التحتية للنقل حتى عام 2024»، وشملت 11 مشروعا فيدراليا في هذا المجال، قالت إن تنفيذها سيسمح بتطوير النقل بين الغرب والشرق وبين الشمال والجنوب، وستساهم في تحسين النقل التجاري بين الأقاليم الروسية، وترفع من مستوى الربط الاقتصادي بين تلك الأقاليم.
وتعقد الحكومة الروسية اجتماعات دورية لتقييم العمل على تنفيذ تلك المشروعات، كان آخرها في مطلع ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأشار خلاله رئيس الوزراء دميتري مدفيديف إلى أن «روسيا بلد كبير جدا، ولذلك فإن البنى التحتية للنقل مهمة للغاية». ومن جانبه أكد وزير المالية أنطون سيلوانوف أن «البنية التحتية للنقل لدينا هي واحدة من أهم العناصر التي ستحفز التنمية الاقتصادية»، لافتا إلى تخصيص 7 تريليونات روبل من الميزانية لتمويل المشروعات في هذا المجال، وعبر عن قناعته بأن «إنشاء الطرق والسكك الحديدية سيساعد الناس على التنقل بشكل أسرع». وأضاف: «لكن من المهم أيضاً أن هذه البنى التحتية ستخلق ظروفاً إضافية لأعمال جديدة ووظائف جديدة وتأثيرات اقتصادية جديدة»، فضلا عن «مساهمة أساسية في نمو الناتج المحلي الإجمالي، ونمو العمالة، وكذلك الآثار الاجتماعية».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.