أكثرية برلمانية مريحة تعطي جونسون اعتماد «بريكست»

بروكسل متخوفة من خطر أن تصبح لندن سنغافورة على نهر التيمز

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يلقي كلمة أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن أمس غداة الفوز الذي حققه حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية التي هيمنت عليها قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يلقي كلمة أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن أمس غداة الفوز الذي حققه حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية التي هيمنت عليها قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)
TT

أكثرية برلمانية مريحة تعطي جونسون اعتماد «بريكست»

رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يلقي كلمة أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن أمس غداة الفوز الذي حققه حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية التي هيمنت عليها قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)
رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يلقي كلمة أمام مقر رئاسة الحكومة في لندن أمس غداة الفوز الذي حققه حزب المحافظين في الانتخابات البرلمانية التي هيمنت عليها قضية الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)

صرح جاسبر غولر المحلل في مجموعة «لندن كابيتال غروب» بأن «المستثمرين قد يحصلون على هديتين في عيد الميلاد؛ اتفاق تجاري بين الصين والولايات المتحدة وإنجاز بريكست»، الذي وعد به رئيس وزراء بريطانيا المحافظ بوريس جونسون، الذي حقق نتائج قياسية في الانتخابات العامة الخميس/ الجمعة، أعطته هامشاً واسعاً لاختيار أفضل نوع من «بريكست» يريد تحقيقه، «صعب» أم «لين»، دون الاعتماد على مجموعات ضغط متشددة في العلاقة مع أوروبا داخل حزبه.

وقال جونسون أمس (الجمعة)، إن حكومته حصلت فيما يبدو على تفويض جديد وقوي لإنجاز انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وقال جونسون: «في هذه المرحلة يبدو أن هذه الحكومة المحافظة نالت تفويضاً جديداً وقوياً، ليس لإنجاز بريكست فحسب، لكن لتوحيد البلاد والنهوض بها». وأضاف: «أعتقد أن هذه ستصبح انتخابات تاريخية ستمنحنا الآن، في هذه الحكومة الجديدة، فرصة احترام الإرادة الديمقراطية للشعب البريطاني... لتغيير هذه البلاد للأفضل ولإطلاق إمكانات شعب هذا بالبلد بأكمله».
ولهذا، فقد بات جونسون مطلق اليدين لتحديد شكل «بريكست» الذي يريده، سواء فضل البقاء قريباً من الاتحاد الأوروبي أو الابتعاد عنه، كما لاحظ كثير من المراقبين أمس (الجمعة)، بعدما اتضحت نتيجة الانتخابات العامة البريطانية التي أعطته أكثرية برلمانية مريحة تخوله بسهولة تمرير اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في موعده المحدد، كما اتفق مع بروكسل سابقاً، أي في 31 يناير (كانون الثاني) المقبل، إضافة إلى شكل العلاقة مع بروكسل. وقالت كاتي أدلر مراسلة هيئة البث البريطاني (بي بي سي) إن جونسون «أصبح قادراً على أن يتوصل مع بروكسل إلى (بريكست لين) يلاقي ترحاباً أوسع».
وعلى ضوء حجم انتصار جونسون، قالت أدلر إنه «لن يكون مديناً لمؤيدي بريكست المتشددين في مجموعة البحث الأوروبية التي تمتعت بنفوذ أكبر بكثير لو لم يحصل سوى على غالبية ضئيلة. وسيترتب على جونسون أن يقرر إن كان يود المواءمة مع تنظيمات الاتحاد الأوروبي، أو الابتعاد عنها بشكل واضح».
وأعطى رئيس الوزراء بعض المؤشرات إلى نواياه هذا الأسبوع خلال الحملة الانتخابية، إذ أكد أن «الاتفاق المبرم مع بروكسل يعني أننا نخرج من الاتحاد الأوروبي مع الحفاظ على علاقتنا بلا مساس، من دون رسوم جمركية ومن دون حصص». وقال إن «الاتفاق يحمي سلسلة مورّدينا (...) ويضمن امتلاكنا معادلات كاملة على صعيد المعايير وحاجات الصناعة»، موحياً أنه يؤيد المواءمة مع الاتحاد الأوروبي. لكنه في المقابل لم يتوقف عن امتداح الاتفاق التجاري الكبير الذي يسعى لإبرامه مع «صديقه» الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
ورأى سام لو من «سنتر فور يوروبيان ريفورم» أن انتصاره «يزيد من فرص اتفاق تجاري سريع مع الولايات المتحدة، ويسمح له بتقديم التنازلات التي تطالب بها واشنطن حتى لو أنها تثير استياء عدد كبير من النواب». وكتب مدير مركز الدراسات بـ«سنتر فور يوروبيان ريفورم» تشارلز غرانت على «تويتر»: «مع امتلاكه غالبية واسعة، بإمكان بوريس جونسون تجاهل مجموعة البحث الأوروبي»، الجناح الأكثر تشدداً ضد أوروبا في حزبه المحافظ، «واختيار بريكست أكثر ليونة إن شاء». وأوضح الأستاذ في معهد للندن للعلوم السياسية والاقتصاد توني ترافرز لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «كون الحزب المحافظ يمتلك الآن مقاعد في شمال إنجلترا وميدلاندز التي لا تزال تضم عدداً كبيراً من الصناعات التحويلية وبعض الزراعة، وهي مجالات ستتضرر بشدة في حال حصول بريكست متشدد أو عدم التوصل إلى اتفاق حول بريكست، فإن ذلك يجعل من الأصعب على بوريس جونسون اعتماد أي خيار غير بريكست ليّن». حملته الانتخابية تمحورت بشكل أساسي حول «بريكست»، مردداً شعار «أنجزوا بريكست»، مع الحرص على عدم توضيح خياره بهذا الصدد.
فهل يود المنتصر جونسون طلاقاً أن يبقي على علاقات وطيدة مع الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول لبلاده، أو يفضل انفصالاً مع الابتعاد عن المعايير المشتركة حتى الآن بين الطرفين، لا سيما على الصعيدين الاجتماعي والبيئي؟ وأشار كثير من القادة الأوروبيين لا سيما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى خطر قيام منطقة أشبه بسنغافورة على نهر التيمز، تكون بمثابة جنة ضريبية تعتمد نظاماً مالياً متفلتاً من أي ضوابط وتنافس الاتحاد الأوروبي عند أبوابه. ويعتمد قادة الاتحاد الأوروبي استئصال مثل هذا المشروع قبل ولادته خلال المفاوضات حول العلاقة المستقبلية البريطانية - الأوروبية التي تبدأ في الأول من فبراير (شباط)، أي بعد موعد «بريكست». والهدف من هذه المحادثات التوصل إلى اتفاق تجاري بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2020 عند انتهاء الفترة الانتقالية المنصوص عليها في اتفاق الخروج المبرم بين لندن وبروكسل، التي يمكن تمديدها لمدة تصل إلى سنتين.
وهنأ رئيس وزراء آيرلندا ليو فارادكار أمس (الجمعة)، جونسون على فوزه «الكبير»، معبراً عن أمله في التفاوض على «شراكة اقتصادية جديدة ضخمة» مع بريطانيا. وكتب فارادكار في رسالته قائلاً إن فوز المحافظين الساحق هو «انتصار هائل لجونسون على المستوى الشخصي. لدينا الآن بوضوح أغلبية في مجلس العموم للتصديق على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي». وتابع رئيس وزراء الآيرلندي قائلاً: «سننتقل إلى المرحلة التالية من خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي التي ستشهد التفاوض على شراكة اقتصادية مستقبلية جديدة قوية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة... وأعتقد أنه يمكن القيام بذلك». ومع ذلك، قال فارادكار إنه يطمح للغاية في اختتام المفاوضات التجارية بحلول نهاية عام 2020.
ورحّبت أسواق المال العالمية الجمعة بالفوز الكبير الذي حققه المحافظون. وقال مايكل هيوسن المحلل في مجموعة «سي إم سي ماركيتس»، إنه «بعد 3 أعوام من التأخير والتقلبات والمعارك الشرسة، بدأ ضباب بريكست يتبدد مع الفوز الواسع للحكومة المحافظة الحالية». لكن الخبيرة الاقتصادية المستقلة فيرونيك ريش فلوريس رأت أن «التقلبات لم تنتهِ وفي الواقع ملحمة بريكست بدأت الآن بعد 3 سنوات على الاستفتاء»، مشيرة إلى أن «فترة طويلة من المفاوضات حول الاتفاق التجاري الذي سيحدد العلاقات المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي» ستبدأ الآن. وانعكس الارتياح بعد فوز المحافظين في الانتخابات في السوق البريطانية على سعر الجنيه الإسترليني الذي سجل ارتفاعاً.
وهنأ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال اليوم (الجمعة) جونسون على فوزه، ودعا إلى التصديق بشكل سريع على اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي توصل إليه جونسون مع التكتل. وقال ميشال: «نتوقع في أقرب وقت ممكن تصويت البرلمان البريطاني على اتفاق الخروج. من المهم أن تتضح الأمور في أقرب وقت ممكن». وأكد رئيس المجلس الأوروبي أهمية الحفاظ على تكافؤ الفرص في العلاقة التجارية المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. وقد رفض ميشال التعليق على ما إذا كانت هناك إمكانية للتفاوض على اتفاق تجاري مع بريطانيا في غضون عام، أم لا.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.