دورية روسية ـ تركية شرق الفرات عقب اتصال بوتين ـ إردوغان

موسكو وأنقرة اتفقتا على تنفيذ التفاهمات المتعلقة بسوريا

أكراد يحتجون ضد دورية روسية - تركية شمال شرقي سوريا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أكراد يحتجون ضد دورية روسية - تركية شمال شرقي سوريا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

دورية روسية ـ تركية شرق الفرات عقب اتصال بوتين ـ إردوغان

أكراد يحتجون ضد دورية روسية - تركية شمال شرقي سوريا الشهر الماضي (أ.ف.ب)
أكراد يحتجون ضد دورية روسية - تركية شمال شرقي سوريا الشهر الماضي (أ.ف.ب)

سيرت القوات التركية والروسية الدورية البرية المشتركة الخامسة عشرة في شرق الفرات في شمال شرقي سوريا أمس (الخميس).
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن الدورية المشتركة نفذت في المنطقة الواقعة بين مدينتي رأس العين والقامشلي الواقعتين في شرق الفرات، بمشاركة 4 مركبات من كل جانب.
وأشار البيان إلى أنه تم تسيير الدورية على عمق 6 كيلومترات من الحدود السورية - التركية وبامتداد 48 كيلومترا، بموجب الاتفاق التركي الروسي المبرم في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وجاء تسيير الدورية، وهي الثانية خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الجاري بعد 13 دورية تم تسييرها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقب اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي، فلاديمير بوتين، مساء أول من أمس، أكدا خلاله ضرورة تنفيذ التفاهمات بين الطرفين فيما يتعلق بالأوضاع في سوريا، وبخاصة في منطقة خفض التصعيد في إدلب، شمال غربي سوريا، والتي تشهد حملة عسكرية من جانب الجيش السوري الحكومي بدعم من موسكو.
وقالت الرئاسة التركية إنه تم خلال الاتصال الهاتفي التأكيد على تكثيف جهود تركيا وروسيا لمكافحة الإرهاب، وبخاصة في مناطق شمال غربي سوريا إدلب، ومناطق شمال شرقي سوريا، وشددا على ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاقيات الروسية - التركية في تلك المناطق.
وانتقدت موسكو قبل يومين تركيا قائلة إنها لم تنجح حتى الآن في الفصل بين الفصائل المسلحة وعناصر جبهة النصرة التي وعدت بإخراجهم من إدلب بموجب الاتفاقات مع روسيا.
ومن المقرر أن يزور بوتين تركيا في 8 يناير (كانون الثاني) المقبل، إلا أن الرئيس التركي لمح في تصريحات الثلاثاء الماضي إلى احتمال أن يكون هناك لقاء بينهما قبل هذا التاريخ لبحث الوضع في ليبيا إلى جانب سوريا.
وعبر إردوغان عن عدم رضائه عن النتائج التي توصلت إليها الاتفاقات بين تركيا وكل من الولايات المتحدة وروسيا بشأن شمال شرقي سوريا. وقال إن تركيا لم تحصل حتى الآن على النتيجة المرجوة من تسييرها دوريات مشتركة مع القوات الروسية والأميركية في شمال شرقي سوريا.
وأضاف أن تركيا طلبت من الولايات المتحدة وروسيا انسحاب من سماهم «الإرهابيين»، في إشارة إلى عناصر وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من شمال سوريا، لكنهما «لم تقما بهذه المهمة بعد».
وتابع إردوغان: «نحرز تقدماً نحو الأفضل، لكن لم نحصل على النتيجة المتوقعة حتى الآن... هدفنا وخطتنا تتمثل في توطين مليون شخص في المناطق الآمنة بين تل أبيض ورأس العين»، مشيراً إلى أنه أطلع زعماء الدول خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في لندن الأسبوع الماضي، على خطة تركيا حيال الشمال السوري، التي تتضمن تشييد مستشفيات ومدارس ومبانٍ حكومية في المنطقة الآمنة.
وتابع: «اتفقت في القمة الرباعية الأخيرة لقادة تركيا، بريطانيا، وألمانيا وفرنسا، حول سوريا، التي عقدت في لندن على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مع قادة الدول الثلاث على خطة تركيا، ولكن قلنا إنه يجب أن نتوصل إلى الدعم المادي، فمن دون الدعم لا يمكن اتخاذ أي خطوات، ومن المفترض أنهم وعدوا بذلك».
ولفت إلى أن تركيا ستستضيف في فبراير (شباط) المقبل، قمة رباعية جديدة حول الشأن السوري.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.