اعتقالات في الضفة تركز على قيادات {حماس}

تخريب سيارات عربية في إسرائيل على خلفية الكراهية

عبارات عنصرية على جدران الأبنية في قرية منشية زبدة  من قبل عصابات «تدفيع الثمن» الإسرائيلية (مواقع تواصل)
عبارات عنصرية على جدران الأبنية في قرية منشية زبدة من قبل عصابات «تدفيع الثمن» الإسرائيلية (مواقع تواصل)
TT

اعتقالات في الضفة تركز على قيادات {حماس}

عبارات عنصرية على جدران الأبنية في قرية منشية زبدة  من قبل عصابات «تدفيع الثمن» الإسرائيلية (مواقع تواصل)
عبارات عنصرية على جدران الأبنية في قرية منشية زبدة من قبل عصابات «تدفيع الثمن» الإسرائيلية (مواقع تواصل)

شنت إسرائيل حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية طالت عددا من قيادات حركة «حماس». وشملت الاعتقالات وزير الحكم المحلي الأسبق عيسى الجعبري، وعضو المجلس التشريعي المنحل محمد جمال النتشة، والقياديين في حماس جواد محمود بحر النتشة، وعمر قواسمي، ومازن جمال النتشة، وجميعهم أسرى محررون.
واقتحم الجيش الإسرائيلي عدة مدن فلسطينية، بينها نابلس، وبيت لحم، ورام الله، والخليل وشن حملة تفتيش بيوت واعتقال مواطنين. واعتقل الجيش كذلك رئيسة مؤتمر مجلس الطلبة في جامعة «بيرزيت» بمدينة رام الله، شذى ماجد حسن، من منزلها.
ووفقا لوسائل إعلام إسرائيلية فإن النظام الأمني عرّف عملية الاعتقال بأنها عملية «وقائية» تحضيراً لذكرى يوم تأسيس حركة «حماس»، المقررة يوم السبت المقبل. وقالت حركة «حماس» في بيان إن «اعتقال الاحتلال عددا من قيادات الحركة والنواب في مدينة الخليل يؤكد محاولاته المستمرة لتعطيل الحياة السياسية الفلسطينية الداخلية، والتي يشكل الاعتقال والتغييب إحدى أهم أدواتها».
وأضافت «أن حملات الاعتقال والملاحقة لن توقفنا عن دورنا الطليعي في تصويب البوصلة الوطنية نحو مواجهة مخططات الاحتلال، وفي هذا الإطار جاءت الجهود لتذليل العقبات كافة أمام إجراء الانتخابات وترتيب البيت الفلسطيني».
وجاءت الاعتقالات في وقت نفذ فيه المستوطنون سلسلة هجمات انتقامية على الفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية. وتعرضت عشرات السيارات ومسجد فلسطيني إلى اعتداء من مستوطنين بجماعة «تدفيع الثمن» في قرية منشية زبدة شمالي الداخل الفلسطيني. وأكد سكان في القرية أنهم فوجئوا بخط شعارات عنصرية تدعو لطرد العرب من البلاد، وأوصاف بذيئة للرسول الكريم على مدخل مسجد في القرية، وخط نجمة داود على سيارات بعد ثقب إطاراتها.
وقال «مركز مناهضة العنصرية»، بأنه «يدور الحديث عن ظاهرة خطرة تزداد توسعا، فهذا العام تم تخريب أكثر من 200 سيارة وعشرات البيوت، مما يستدعي إقامة لجنة تحقيق خاصة للتعامل مع الظاهرة» وأضاف «أن المسافة بين تخريب سيارة واعتداء جسدي باتت تتقلص، ولا يعقل أن الظاهرة مستمرة ولا يوجد معتقلون أو أي استنتاجات من طرف أجهزة تطبيق القانون».
ويوم الخميس الأخير من الشهر الماضي تعرضت نحو 70 سيارة لاعتداء بإعطاب إطاراتها في بلدة جلجولية في المثلث. وفوجئ سكان في جلجولية بإعطاب إطارات عشرات السيارات في حي واحد، واستدعيت الشرطة إلى المكان. وخط المعتدون على حافلة كتابات بالعبرية «أيها اليهود، أوقفوا الشتات، كفوا عن الانصهار» (الزواج من غير اليهود).
وكان مستوطنون أعطبوا يوم الاثنين الماضي إطارات مركبات وخطوا شعارات عنصرية في بلدة شعفاط. وهاجم مستوطنون، أمس، مركبات المواطنين بالحجارة، شمال نابلس. وقال مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس، إن مستوطنين هاجموا مركبات المواطنين على طريق نابلس جنين، الأمر الذي أدى إلى إلحاق أضرار ببعضها.
يذكر أن المستوطنين الذين يقتحمون المنطقة بشكل يومي وضعوا قبل أيام بيتا متنقلا في أراضي بلدة برقة شمال نابلس. كما أغلق مستوطنون، مدخل بلدة العيزرية شرق القدس، ببوابة حديدية.
وجاء الإجراء بعد تصريحات أطلقها ما يسمى «رئيس بلدية مستوطنة معالي أدوميم» المجاورة للبلدة، والتي طالب فيها بإغلاق المسار الذي يؤدي إلى مدخل البلدة الرئيسي من جهة المستوطنة أمام المواطنين الفلسطينيين الداخلين إلى البلد، بذريعة أنهم يعرقلون حركة المستوطنين.
وقال رئيس بلدية العيزرية عصام فرعون للوكالة الرسمية، إن ما يجري إجراء عنصري تم على مرأى قوات الاحتلال، التي لم تحرك ساكنا لمنع المستوطنين من إغلاق الطريق، التي تعتبر الوحيدة المؤدية إلى جنوب الضفة، وتسلكها في ساعات الذروة من نحو 2000 مركبة بالساعة. وأشار إلى أن هذه الإجراءات تأتي في إطار سياسة الحكومة الإسرائيلية العنصرية، التي تسعى بكل الطرق لتوسيع الاستيطان والاستيلاء على الأراضي والتضييق على المواطنين الفلسطينيين وتقطيع أوصال الضفة الغربية وعزل القدس عن محيطها وخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة. وقال أيضا إن منطقة جنوب شرقي القدس بشكل عام وبلدة العيزرية بشكل خاص، تعاني ظروفا اقتصادية وتجارية واجتماعية صعبة أساسها ناتج عن إجراءات سلطات الاحتلال.
وهاجم المستوطنون أمس كذلك، مدخل مستوطنة «حومش» شمال نابلس. وإضافة إلى ذلك اقتحم عشرات المستوطنين الإسرائيليين، المسجد الأقصى في القدس بحراسة شرطة الاحتلال. وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، في تصريح مقتضب إن «110 متطرفين اقتحموا المسجد الأقصى اليوم بحراسة الشرطة الإسرائيلية». وأضافت أن من بين المقتحمين «مجندات باللباس العسكري وعناصر مخابرات ومرشدين وطلاب معاهد».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.