ما زالت بريطانيا تواجه مأزق بريكست منذ تصويتها بنسبة 52 في المائة من أجل الخروج من التكتل الأوروبي في استفتاء جرى عام 2016، والخروج من هذا المأزق كان تحديدا هدف رئيس الوزراء المحافظ بوريس جونسون حين دعا إلى انتخابات تشريعية مبكرة، آملا في الحصول على الغالبية المطلقة التي يفتقر إليها لطي صفحة هذه المسألة التي تثير شرخا كبيرا في المملكة المتحدة. وقال جونسون في مقطع فيديو للناخبين: «صوتوا لحزب المحافظين.. وأنجزوا خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وادفعوا بلدنا إلى الأمام». وأطلق جونسون حملته على وعود بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير (كانون الثاني) وخفض الضرائب مع تمويل التحسينات في خدمات الصحة والتعليم والشرطة والسكك الحديدية. ووعد جونسون، 55 عاما، بالحد من الهجرة والتفاوض حول اتفاقات تجارية بعد بريكست مع الولايات المتحدة ودول أخرى غير أوروبية. ويعتقد معظم المحللين أن الأغلبية البرلمانية المريحة للمحافظين ستكون النتيجة التي ستمكن جونسون من تنفيذ وعوده لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بالموعد المحدد. ومع ذلك، إذا أدت الانتخابات إلى برلمان معلق، فإن حزب العمال المعارض الرئيسي يمكن أن يفوز بمقاعد كافية لتشكيل حكومة أقلية ائتلافية بدعم من الحزب الوطني الاسكوتلندي الأصغر وربما الديمقراطيين الأحرار.
في مواجهة المحافظين المتمسكين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بزعامة جونسون، يمثل زعيم المعارضة العمالية جيرمي كوربن بالنسبة للكثير من الناخبين الطريقة الوحيدة لمنع الانفصال. ويشعر كوربن بالراحة عندما يتعلق الأمر بإزالة التبعات الاجتماعية لعقد من التقشف في عهد المحافظين، وتصوير المملكة المتحدة كما يريدها خالية من انعدام المساواة ومن امتيازات النخبة.
وأعلن جونسون: «دعونا نحقق بريكست!»، مرددا هذه اللازمة طوال حملة انتخابية. ووعد رئيس بلدية لندن سابقا الذي حقق طموح حياته السياسية بتوليه رئاسة الحكومة على الرغم من هفواته الكثيرة: «امنحوني غالبية وسأنهي ما بدأناه، ما أمرتمونا بتنفيذه، قبل ثلاث سنوات ونصف». وأضاف موجها كلامه إلى الناخبين المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي: «تصوروا كم سيكون رائعا أن نجلس حول حبشة عيد الميلاد، وقد حسمنا مسألة بريكست». ويعتزم جونسون في حالة فوزه طرح اتفاق الطلاق الذي تفاوض بشأنه مع بروكسل على البرلمان قبل عيد الميلاد بهدف تنفيذ بريكست في موعده المحدد في 31 يناير بعدما أرجئ ثلاث مرات. وردد مرارا ممازحا: «الاتفاق جاهز، عليكم فقط خبزه». ووصل به الأمر إلى القيام ببادرة رمزية حين حطم بجرافة جدارا غير حقيقي يرمز إلى «مأزق» بريكست. لكن المعارضة نددت مجددا في اليوم الأخير من الحملة بأكاذيبه ولا سيما وعده بالتوصل إلى اتفاق تجاري بعد بريكست مع الاتحاد الأوروبي خلال أقل من سنة، وهو وعد تعتبره بروكسل غير واقعي وفق ما أوردت الصحافة. من جهته، اعتمد كوربن نبرة أكثر تحفظا وهدوءا، غير أنه وعد بـ«تغيير حقيقي» بعد حوالي عقد من حكم المحافظين، في تجمع أخير عقده مساء الأربعاء في لندن. وتعرض كوربن اليساري لانتقادات بسبب عدم اتخاذه موقفاً واضحاً من بريكست، لكنه يبدو رغماً عنه بمثابة حصن أخير ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فالزعيم العمالي البالغ من العمر نحو 70 عاماً والمعروف بتوجهاته الاشتراكية التي تثير القلق لدى رجال الأعمال، يبدو حاسما في كل شيء عدا عن موقفه من بريكست. وكوربن المشكك في المؤسسات الأوروبية في حزب أغلب نوابه مؤيدون للبقاء في التكتل، اختار الحفاظ على الغموض إزاء بريكست. وهو يَعدُ في حال تسلمه الحكم بالتفاوض على اتفاق جديد للخروج من الاتحاد الأوروبي أكثر مواتاة لحقوق العمال يطرح في استفتاء جديد كخيار إلى جانب خيار البقاء في الاتحاد الأوروبي. وحرصاً على عدم إبعاد ناخبيه المؤيدين لبريكست، قال كوربن إنه سيبقى «محايدا» في هذه الحملة، للسماح للبلاد بمعالجة انقساماتها منذ استفتاء عام 2016.
انتخابات حاسمة لـ{بريكست} في بريطانيا
انتخابات حاسمة لـ{بريكست} في بريطانيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة