رسالة مجموعة الدعم الدولية إلى لبنان: فرصة 6 أشهر للإصلاح أو انهيار شامل

TT

رسالة مجموعة الدعم الدولية إلى لبنان: فرصة 6 أشهر للإصلاح أو انهيار شامل

في قراءة أولية للبيان الصادر عن اجتماع مجموعة الدعم الدولية للبنان في باريس، قال وزير بارز إن المجموعة قررت بالإجماع إعطاء السلطة اللبنانية فرصة جديدة مدتها 6 أشهر قد تكون الأخيرة، وهي مشروطة بأن تنجز فعلاً لا قولاً كل ما هو مطلوب منها لتوفير الدعم المادي لمساعدتها للنهوض بلبنان من أزماته المالية والاقتصادية، وإلا فلا مفر من الانهيار الكامل على المستويات كافة.
وأوضح الوزير البارز لـ«الشرق الأوسط» أن الفرصة التي أُعطيت للبنان هي بمثابة فترة سماح غير قابلة للتمديد وتبقى مشروطة بتشكيل حكومة تلبي تطلعات الشعب اللبناني بعد انطلاق «الحراك الشعبي» في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الذي وضع البلد أمام مرحلة سياسية جديدة غير مسبوقة، وأكد الوزير أن مجموعة الدعم أعادت التأكيد على التزامات لبنان التي تعهد بها أمام المشاركين في مؤتمر «سيدر» والتي ما زالت حبراً على ورق وأبرزها المضي في تحقيق الإصلاحات الإدارية والمالية ومكافحة الفساد ووقف هدر المال العام وإصلاح قطاع الكهرباء الذي يكبّد الخزينة اللبنانية عجزاً سنوياً لا يُستهان به.
ولفت إلى أن مجموعة الدعم جددت التزامها بمقررات مؤتمر «سيدر»، وأكدت أنها ما زالت سارية المفعول وأن التأخير في إدراجها على سكة التطبيق يعود إلى تردد السلطة اللبنانية في تحقيق ما التزمت به، وقال إنها وجّهت رسالة للبنانيين بأن بلدهم ليس متروكاً، وأن المجتمع الدولي باقٍ على تعهده في سعيه لإنقاذ لبنان، لكن المشكلة تكمن في أن من هم في السلطة لا يبدون التعاون المطلوب للحصول على مساعدته.
وكشف الوزير البارز أن الفرصة التي أعطتها المجموعة الدولية للبنان هي لإخضاعه لاختبار للتأكد من مدى استعداده للإفادة منها، خصوصاً أن المساعدة هذه المرة مشروطة بمراقبة أممية ولن تكون كما في السابق «شيكاً على بياض»، وبالتالي يعود لمن هم في السلطة حرية التقدير في الإنفاق من دون الرجوع إلى صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية العالمية والعربية المشاركة في توفير الدعم المادي.
وأكد أن على جميع الأطراف التي يُفترض أن تشارك في الحكومة الجديدة وأنه من واجباتها توفير الغطاء السياسي والإقلاع عن التصرف كأنها تتمتع بصلاحية مطلقة في تحديد المجالات التي هي في حاجة إلى الإنقاذ كأولوية لا يجوز القفز فوقها.
وتوقف الوزير البارز، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، أمام تشديد مجموعة الدعم على ضرورة اتباع سياسة النأي بالنفس وأن تكون هذه المرة مقرونة بالأفعال لا الأقوال، لأنها تشكل المعبر الوحيد لتحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة والحروب المشتعلة من حوله؛ أكانت سياسية أم عسكرية.
وعدّ أن إصرار هذه المجموعة على التقيّد بمفاعيل سياسة النأي بالنفس يعود إلى قيام مجموعات مشاركة في الحكومة المستقيلة بخرقها من خلال استخدام لبنان منصة لتوجيه الرسائل ضد دول عربية وأجنبية لم تقصّر في الوقوف إلى جانبه في الشدائد، وقال إن هذه المجموعات لم تلتزم بما ورد في البيان الوزاري في هذا الخصوص. ورأى، نقلاً عن مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت، أن «الحكومة اللبنانية لم تكن متوازنة في سياستها الخارجية وتصرّف وزير الخارجية جبران باسيل كأنه ينتمي إلى محور أطراف (الممانعة)»، وقال إن من مهام الحكومة الجديدة الالتفات إلى تصحيح علاقة لبنان بعدد من الدول وأولاها دول الخليج العربي.
وأكد أن الالتزام بسياسة النأي بالنفس يعني عدم إقحام لبنان في لعبة المحاور لئلا يندفع باتجاه ربط أزماته المالية والاقتصادية بالأزمة التي تعصف في المنطقة، «لأن مثل هذا الربط يعوق حصوله على المساعدات التي تتيح له، ولو على مراحل، الخروج من أزماته».
وفي هذا السياق، رأى الوزير البارز الذي هو على إلمام بالموقف الأوروبي، أن هناك ضرورة ملحة لتحييد الحكومة الجديدة عن التجاذبات السياسية، وعزا ذلك إلى حاجة لبنان إلى جرعة من «الأكسجين السياسي» التي «من دونها يبقى عاجزاً عن الإفادة من فترة السماح الدولية التي أمّنها له اجتماع باريس».
وعدّ أنه «لا بد من مهادنة الحكومة الجديدة لفترة زمنية مدتها 6 أشهر تبادر إلى إعداد نفسها للقاء مجموعة الدعم الدولية انطلاقاً من خريطة النجاة التي حددتها للبنان لمساعدته اقتصادياً ومالياً»، وقال إن «الفترة هذه ما هي إلا مرحلة انتقالية لعلها تضع البلد على طريق الإنقاذ وصولاً إلى تأمين شبكة أمان سياسية تمنع أخذه إلى المجهول».
وتساءل عن «موقف الأطراف من إمكانية تحقيق فك اشتباك بين الحكومة الجديدة والتجاذبات السياسية، لأن من دونه لا يمكن الرهان على تأليف هذه الحكومة من اختصاصيين، وإن كانت مطعّمة بوجوه سياسية من (الوزن الخفيف) وإنما من دون حقائب».
وقال الوزير البارز إنه «لا خلاف في العمق بين الموقف الأوروبي الذي لا يعارض تمثيل (حزب الله) بالواسطة أو بوجوه شبيهة بوزير الصحة في الحكومة المستقيلة جميل جبق، وبين الموقف الأميركي، رغم أن وزير الخارجية مايك بومبيو أوحى من خلال دعوته اللبنانيين إلى تحمّل مسؤوليتهم في إنهاء خطر (حزب الله) على بلدهم، كأن الأزمة اللبنانية ما زالت على ارتباط وثيق بأزمة المنطقة».
وعدّ أن بومبيو «يتطلع من خلال تحريضه على (حزب الله) ومنه على إيران، إلى الضغط باتجاه المجيء بحكومة لبنانية متوازنة لا تكون فيها الغلبة لمحور الممانعة الذي يعود القرار فيه لـ(حزب الله)». لذلك، فإن حكومة الإنقاذ العتيدة في حاجة إلى توفير الغطاء السياسي الذي يؤمّن تماسكها وانسجامها، وبالتالي لم يعد من مكان لانقسامها بين معارضة وموالاة.
وبكلام آخر؛ فإن إقحامها في لعبة المزايدات سيقطع الطريق على استعداد مجموعة الدعم لمساعدة الحكومة، وبالتالي فإن البديل سيكون حتماً في التمديد لحكومة تصريف الأعمال، فهل يتحمّل رئيس الجمهورية ميشال عون إغراقه في استنزاف سياسي ومعنوي لا حدود له، خصوصاً إذا لم يؤخذ بالمواصفات التي طرحها الرئيس سعد الحريري والتي بادرت مجموعة الدعم إلى تبني معظمها؟



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.