المرأة الرياضية والفلاحة والصيادة... بطلات معرض فوتوغرافي في القاهرة

ملامح مصرية أصيلة، لسيدة ريفية وموظفة وموسيقية ورياضية وبائعة وصيادة، اختلفت أحوالهن وأعمارهن داخل المدن والقرى والنجوع والحارات المصرية، لكنّهن اجتمعن معاً داخل معرض واحد، في قاعة «الغريك كامبس» بمقر الجامعة الأميركية وسط العاصمة المصرية القاهرة، ليعلنّ عن أنفسهنّ بطلات مصريات.
ورغم أن معرض «البطلات المصريات» الذي ينظمه حالياً وفد الاتحاد الأوروبي بمصر جاء بعد الإعلان عن نتائج مسابقة تصوير فوتوغرافي، فإن زائر المعرض لن يلحظ أي فرق جوهري وفني بين الثلاث صور الفائزة بالمراكز الأولى، وبقية الصور التي يبلغ عددها 30 صورة، إذ أنّها تغطي جزءاً كبيراً من الحياة المعيشية في مصر، وتقدم لمحة توثيقية وفنية عما تبذله المرأة المصرية من جهود خلال حياتها اليومية العادية... إذ تأخذنا صور المعرض المميزة من الكواليس الحماسية للرياضة النسائية في كرة الطائرة حيث الشابات المفعمات بالحياة والحيوية إلى موظفة خمسينية في الجمعية المصرية الجغرافية بوسط القاهرة وقد أنهكها العمل داخل أروقة مكتبة الجمعية واستسلمت للتعب فاتكأت في لحظة عفوية على مكتبها، وبين 4 سيدات أخريات من الريف المصري كن في طريقهن لبيع بضائعهن في العاصمة المصرية العامرة في ذات يوم شديد البرودة حيث كن يجلسن في مؤخرة السيارة ربع النقل ويغمضن أعينهن لتخزين طاقتهن لبدء يوم جديد مليء بالفصال والمناوشات مع المشتريات بالسوق.
هناء حبيب، صحافية مصرية حرة، كانت تجري عدة مقابلات في الجمعية المصرية الجغرافية العام الماضي، وبينما كانت تضبط كاميراتها الخاصة لتصوير مقابلات شخصية مع موظفين، استوقفتها تلك السيدة التي كانت تجلس على كرسيها وتنظر في الفراغ بعدما نال منها الإرهاق، فتركت هناء ما بيدها وتوجهت نحو السيدة والتقطت لها الصورة الفائزة بالمركز الثاني بمسابقة الاتحاد الأوروبي. تقول هناء لـ«الشرق الأوسط»: «رأيت أمي في هذه السيدة، التي تقدم كل ما لديها من أجل خدمة أبنائها، ورأيت فيها نموذجا حيا لكل الأمهات والموظفات المصريات اللاتي يبذلن مجهود كبير يوميا في العمل والمنزل».
معنى صورة هناء توافق كذلك مع الصورة الفائزة بالمركز الأول بالمسابقة للمصور الفوتوغرافي المصري حسين طلال فرج وهي عن «البطلات المجهولات» اللاتي يكافحن من أجل لقمة العيش، ويخرجن من بيوتهن بعدما يتبين الخيط الأبيض من الأسود بعد صلاة الفجر كل صباح.
صور المعرض المتنوعة لن تقدم للزائر لمحة إنسانية عن حياة البطلات البسيطات والمكافحات فحسب، بل تحتفي كذلك بألوان من الألحان الموسيقية التي يعزفها فتيات مصريات بقلعة صلاح الدين الأيوبي الأثرية خلال مهرجان القلعة الصيف الماضي والذي حضره الآلاف، بجانب إبراز الجوانب الفنية لتشكيليات شابات أبدعن في اختيار ألوان مبهجة مستوحاة من الطبيعة المصرية.
ورغم التكوينات الفنية المميزة ببعض الصور المشاركة في المعرض فإن الكثير من أصحابها ليسوا من المصورين الصحافيين، فالشاب الثلاثيني إسلام عامر خريج كلية الهندسة، ترك مجال دراسته تماما واتجه للتصوير للبحث عن الهواية التي يجد فيها نفسه بعدما حصل على عدة دورات تدريبية في التصوير الفوتوغرافي أهلته للمشاركة في عدة معارض بالقاهرة كان آخرها معرض «البطلات المصريات» الذي شارك فيه بصورة عن سيدة مصرية مسنة تبيع بعض الخردوات ومعها حفيدها. يقول إسلام لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السيدة ترمز للأم والجدة التي تحتوي الجميع وتعطي كل ما لديها من أجل إسعاد أفراد أسرتها فهي بمثابة العمود الفقري للأسرة، ونموذج ملهم للمرأة المصرية الأصيلة».
وتنظم مسابقة الاتحاد الأوروبي في مصر للتصوير الفوتوغرافي سنوياً منذ عام 2008. وشهدت نسخة العام الماضي مشاركة 197 شخصاً، تحت عنوان «وصف مصر الحديثة»، بينما شارك في المسابقة هذا العام 242 مصوراً بأكثر من 590 صورة.
وفي هذا العام قدم الاتحاد الأوروبي جوائز للمتسابقين الثلاثة الأوائل، وطبع أفضل 12 صورة على تقويم عام 2019 لوفد الاتحاد الأوروبي. كما نظم حفلاً لتكريم الفائزين وتوزيع الجوائز، بالإضافة إلى تنظيم معرض لأفضل ثلاثين صورة في الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في قاعة «غريك كامبس» في وسط البلد بالقاهرة.
واستهدف موضوع مسابقة هذا العام الاحتفال بالمرأة والفتاة المصرية والمساهمات القيمة التي يقدمنها في مختلف المجالات، التي لا غنى عنها في النهوض بمصر.