«مجموعة دعم لبنان» تطالب بحكومة {ذات صدقية تلتزم النأي بالنفس}

وزير الخارجية الفرنسي لودريان مع الوفود المشاركة في اجتماع باريس أمس (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي لودريان مع الوفود المشاركة في اجتماع باريس أمس (رويترز)
TT

«مجموعة دعم لبنان» تطالب بحكومة {ذات صدقية تلتزم النأي بالنفس}

وزير الخارجية الفرنسي لودريان مع الوفود المشاركة في اجتماع باريس أمس (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي لودريان مع الوفود المشاركة في اجتماع باريس أمس (رويترز)

عقدت مجموعة العمل الدولية للبنان «اجتماع عمل» ليوم كامل أمس، في العاصمة الفرنسية، في مسعى لمساعدة لبنان على تجاوز محنته عن طريق خريطة طريق متكاملة. واستضافت الخارجية الفرنسية الاجتماع الذي أداره مدير عام الوزارة السفير فرنسوا دولاتر، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى لبنان يان كابيتش. وحضر ممثلو الدول الأربع الكبرى في مجلس الأمن «الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين»، إضافة إلى ألمانيا وإيطاليا وثلاث دول عربية «مصر والإمارات والكويت»، وثلاث منظمات إقليمية ودولية «الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية والأمم المتحدة»، وهيئات مالية دولية «البنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي والبنك الأوروبي للتنمية وإعادة الإعمار وصندوق النقد الدولي».
وبدا من البيان الختامي الصادر عن المجموعة حجم القلق الذي ينتابها إزاء غياب حكومة لبنانية قادرة على مواجهة الوضع المتدهور، وخصصت لذلك فقرة كاملة جاء فيها: «ترى المجموعة أن المحافظة على استقرار لبنان ووحدته وأمنه وسيادته واستقلاله السياسي وسلامة أراضيه تتطلب تشكيلاً سريعاً لحكومة فاعلة وذات صدقية وقادرة على الاستجابة للتطلعات التي عبّر عنها اللبنانيين كافة وتتوافر لها الإمكانيات والمصداقية لإطلاق حزمة ضرورية وذات معنى من الإصلاحات الاقتصادية، وأن تكون ملتزمة بسياسة النأي بالنفس عن التوترات والأزمات الإقليمية. ومن الملحّ أن ترى هذه الحكومة النور في أسرع وقت».
وبهذا تكون المجموعة قد رسمت صورة الحكومة التي ترى فيها القدرة على مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية العميقة التي تضع البلاد على شفا انهيار فوضوي للاقتصاد وزعزعة أكبر للاستقرار. ومن أجل وقف هذا التردي ترى المجموعة أن ثمة حاجة ملحّة إلى إقرار حزمة سياسات كبيرة وموثوق بها وشاملة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية تعيد للبنان استقراره المالي وتتناول أوجه القصور الهيكلية طويلة الأمد في نموذج الاقتصاد اللبناني. والتأم الاجتماع في جلستين غاب عن الأولى الوفد اللبناني الذي حضر الثانية بعد الظهر لإطلاعه على الخلاصات التي توصلت إليها المجموعة.
والختام كان لكلمة وزير الخارجية جان إيف لودريان التي جاءت بلهجة حادة، وتوقف بدايةً عند الوضع العام في لبنان الذي وصفه بـ«الصعب»، وسارع في الدعوة إلى عمل «طارئ وسريع»، وإلى أن تستمع السلطات لمطالب اللبنانيين والحراك. وحث على التعجيل في الوصول إلى حكومة قادرة وتتمتع بالمصداقية والفعالية وتحارب الفساد وتعيد إطلاق العجلة الاقتصادية وتغليب الشفافية. ودعا إلى «تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الشخصية».
وقالت مصادر من داخل الاجتماع، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن الجو العام للمناقشات الصباحية كان «إيجابياً» وسجل جميع المتكلمين أن لبنان بحاجة إلى حوكمة رشيدة وإلى اعتماد الشفافية السياسية والاقتصادية. بيد أن عدداً من المتكلمين قرع ناقوس الخطر، إذ حذّر المندوب الأممي يان كابيتش من «التدهور الأمني» في حال استمرار الأزمة. ومما نُقل عن المتكلمين داخل الاجتماع إشارة السفير حسام زكي، مساعد الأمين العام للجامعة العربية، أن اتفاق «الطائف» الذي ينظّم العلاقات بين الأطراف اللبنانية «لا يُحترم». ونبّه زكي إلى أنه «إذا غابت إرادة اللبنانيين (للخروج من الأزمة) فلا أحد قادراً على مساعدتهم كما أنْ لا أحد يستطيع احتكار السلطة في لبنان».
وكان لافتاً أن المندوب الأميركي ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، ربط الدعم الذي يمكن للمجموعة أن تقدمه بقيام السلطات اللبنانية بتنفيذ الالتزامات التي أخذتها على عاتقها، خصوصاً في توصيات مؤتمر «سيدر» الذي انعقد في ربيع العام الماضي. وكانت الخارجية الأميركية قد استبقت الاجتماع بتصريح شدد على «الحاجة الملحة للمسؤولين السياسيين اللبنانيين إلى تسهيل تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية وأن تضع حداً للفساد المستشري».
وأشارت مصادر فرنسية إلى أن أحد أغراض الاجتماع «إيصال رسالة واضحة للمسؤولين اللبنانيين حول الإصلاحات المطلوبة منهم والتي من شأنها تمكين الأسرة الدولية من الوقوف إلى جانبهم». وتساءلت مصادر في باريس قبل الاجتماع، عن جدوى وجود وفد لبناني متدني المستوى وبالتالي فإن «التزاماته» لا ترتدي القيمة نفسها لوفد من المستوى الوزاري. ولفت الانتباه أن ممثل روسيا طلب تعديل الكثير من الفقرات لكن لم يتم التجاوب مع ما أراده. ومن مداخلاته اعتراضه على ذكر الجيش في المحافظة على المتظاهرين بقوله إن هذه ليست من مهامه. كذلك طلب الوفد اللبناني تعديل كلمة في الفقرة السابعة التي تتحدث عن حماية المظاهرات، وتم له ذلك.
وفي المجال الاقتصادي، طالب البيان بإقرار «فوري» لميزانية عام 2020 كخطوة أولى لخطة مالية من عدة سنوات، مع الإشارة إلى ضرورة حماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع بالتوازي مع بلورة استراتيجية للتعاطي مع الديون والمحافظة على النموذج المالي اللبناني. وتضمن البيان دعوة الحكومة لإطلاق إصلاحات بنيوية طموحة بعد ستة أشهر على تشكيلها وضرورة الإسراع في إطلاق المشاريع المقررة، مذكرةً بما جاء به مؤتمر «سيدر» والاستجابة لحاجات الناس.
مقابل ذلك، تؤكد المجموعة استعدادها لدعم لبنان في تنفيذ مشاريعه الإصلاحية وتوفير المساعدة الفنية وتمكينه من الحصول على المواد والحاجيات الأساسية من خلال برنامج تجاري تسهيلي، وتشجيع السلطات على تحديد التدابير والإجراءات لمواجهة الأزمة الراهنة، وتشجيع المؤسسات المالية الدولية على التعاون مع لبنان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».