معارضو انتخاب طعمة يقاطعون حكومته ويهددون بإسقاطها

اتهموا «الإخوان» بالعمل على إقامة «الدولة الإسلامية».. والرئيس المنتخب يدعوهم للتعاون

أحمد طعمة
أحمد طعمة
TT

معارضو انتخاب طعمة يقاطعون حكومته ويهددون بإسقاطها

أحمد طعمة
أحمد طعمة

لا تزال تداعيات إعادة انتخاب أحمد طعمة رئيسا للحكومة المؤقتة ترخي بظلالها على وحدة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وقد أعلنت الكتلة الديمقراطية، أبرز مكوِّن للائتلاف، وعدد من الكتل الأخرى، رفضها المشاركة في الحكومة، بينما دعا طعمة الجميع، من الذين انتخبوه أو قاطعوه، للمشاركة في الحكومة الوطنية التي من المفترض أن يشكّلها خلال 10 أيام.
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية، فايز سارة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لن نعترف بهذه الحكومة ولن نشارك فيها»، واصفا ما قامت به جماعة الإخوان المسلمين عند انتخاب طعمة بـ«السطو المسلّح»، ومتهما التحالف الذي تقوده الجماعة بأنه يريد السيطرة على كل المؤسسات التابعة للائتلاف والمعارضة، والعمل على تحقيق هدفها الأساسي في إنشاء دولة إسلامية، بحسب قوله.
وقال سارة: «محاولة الجماعة السيطرة على مؤسسات الائتلاف تعني أنها تعود إلى إحياء مشروعها الأساسي بإنشاء دولة إسلامية، بعدما تنازلت عنه لمرحلة معينة»، وأضاف: «لكننا لم ولن نقبل بمثل هذا الطرح»، موضحا: «اسمنا الائتلاف الوطني، وليس بالضرورة أن نكون من (الإخوان) أو مقربين منهم، ومشروعنا دولة مدنية ديمقراطية أنشئ على أساسه الائتلاف».
وفي حين أكد سارة أن «الكتل المعارضة لانتخاب طعمة، التي انسحبت من جلسة الانتخاب ستبقى تعمل من داخل الائتلاف، وسنكون في مواجهة التحالف الذي شكلوه»، هدد بإسقاط الحكومة في جلسة التصويت على الثقة. وقال: «سننتظر إذا تمكنت من اجتياز مرحلة الثقة، حيث من المفترض أن يقدم رئيس الحكومة تشكيلة الوزارات إلى الهيئة العامة لطرحها عل التصويت، وعندها ستُحاكم هذه التجربة»، مضيفا: «مبدئيا، سنحضر هذه الجلسة، وإذا لم ينل ثلث المرشحين للوزارات الثقة يعني ذلك ستسقط الحكومة».
وحصل طعمة على 63 صوتا من 65 عضوا شاركوا في الانتخابات التي جرت مساء الثلاثاء، من أصل 110 أعضاء، علما بأن النصاب القانوني المفترض تأمينه هو 56 عضوا. ومن بين المشاركين 15 ممثلا للمجلس العسكري الذي كان قد أقاله البحرة، وهو القرار الذي وصفه البعض بأنه غير قانوني، وليس من صلاحيات رئيس الائتلاف، بل الهيئة العامة، مع العلم أن الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري كانت أقالت حكومة طعمة الأولى في 22 يوليو (تموز)، المؤلفة من 12 وزيرا، بأغلبية 66 صوتا، مقابل 35 صوتا مؤيدا لبقائه، في محاولة لتقليص نفوذ «الإخوان المسلمين» في المعارضة السورية.
وكانت «الكتلة» وحلفاؤها أصدرت بيانا رفضت استيلاء «الإخوان» وتحالفهم الجديد على الائتلاف والمؤسسات التابعة له، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها القضية السورية. وأكدت أن المطلوب خطوات عملية توقف هذا النهج الضار والمدمر للعلاقات السياسية والوطنية، من خلال «وقف العملية الانتخابية والتراجع عن الإجراءات غير الشرعية فيما يتعلق بالمجلس العسكري وكتلة الأركان، وفتح حوار جدي لإصلاح الائتلاف، ووضعه على قاعدة التشاركية بدل سياسة الاستيلاء والفرض».
في المقابل، مد رئيس حكومة المعارضة السورية أحمد طعمة يد التعاون مع الذين انتخبوه أو قاطعوه لتأليف حكومة وطنية، متمنيا على الجميع «ألا يكرروا أخطاءهم، ولا أن أُحتسب على جهة ضد جهة»، آملا أن ينال «ثقة الجميع في الداخل والخارج، وأن استراتيجياتنا ستقوم على المبادرة وليس ردة الفعل».
ونقلت «وكالة الأناضول» عن طعمة قوله في مؤتمر صحافي عقده في إسطنبول: «نحضر أنفسنا خلال هذه الفترة من أجل الانتقال بالحكومة إلى الداخل»، مضيفا: «هناك إمكانية كبيرة لإقامة منطقة عازلة في سوريا، قد تقر في غضون الأشهر الـ4 المقبلة، ومن شأن هذا الأمر أن يساهم في تقديم الخدمات بشكل أفضل للسوريين في الداخل».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.