إسرائيل تقيد جميع أنشطة ممثل عباس في القدس

تزامناً مع طلب قدمته السلطة الفلسطينية للموافقة على إجراء الانتخابات في المدينة المقدسة

TT

إسرائيل تقيد جميع أنشطة ممثل عباس في القدس

قيدت إسرائيل جميع أنشطة محافظ القدس عدنان غيث وحذرته من القيام بأي عمل باسم السلطة الفلسطينية في الشق الشرقي من المدينة التي ينادي به الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة.
وأصدر وزير الأمن الإسرائيلي غلعاد أردن، مرسوما يقيّد أنشطة عدنان غيث، وهو ممثل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المدينة. واقتيد غيث مساء أول من أمس إلى مخفر الشرطة الإسرائيلية في القدس، وتسلم نسخة عن المرسوم الذي يحظر عليه إقامة نشاطات باسم السلطة الفلسطينية أو تمويلها. وقالت السلطة الفلسطينية، إن قوات الأمن الإسرائيلي اقتحمت منزل غيث الواقع في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك، وسلّمته استدعاء للتحقيق في معتقل «المسكوبية». وعندما حضر غيث إلى المعتقل، فإن المخابرات الإسرائيلية سلمّته هذا المرسوم، الذي يمنعه من عقد اجتماعات وندوات ونشاطات داخل القدس لمدة 6 شهور.
ويمنع المرسوم غيث أيضا، من جمع وتقديم أي مساعدات مالية للأفراد والمؤسسات أو المتضررين في القدس. وتتهم إسرائيل محافظ القدس بممارسة «أعمال سيادية للسلطة الفلسطينية في القدس». وقالت وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية، إنه منذ تعيين غيث بشكل شخصي من قبل رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن، فإنه شارك في سلسلة من الأحداث والمشاريع. وتمنع إسرائيل أي مظاهر سيادية للسلطة الفلسطينية في القدس الشرقية باعتبار القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية في العام 1967، وضمتها إليها في العام 1981 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، سوى الولايات المتحدة. ورفض الفلسطينيون التنازل عن القدس الشرقية كما رفضوا اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل.
والخطوة الإسرائيلية ضد ممثل عباس في المدينة جاءت في وقت قدمت فيه السلطة طلبا رسميا لإسرائيل من أجل السماح للمقدسيين بالمشاركة في الانتخابات الفلسطينية ترشيحا وانتخابا. ووافقت الفصائل الفلسطينية على دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء انتخابات عامة في الأراضي الفلسطينية، لكنه (أي عباس) والفصائل اشترطوا إجراءها في القدس كذلك وليس فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأعلن عباس أن جميع الفصائل الفلسطينية موافقة على إجراء الانتخابات الفلسطينية، وأن هناك مسألة واحدة فقط تمنع إجراءها، وهي ضمان إجرائها في القدس الشرقية أيضاً. وأضاف أن « العمل جار على أن توافق إسرائيل على إجرائها». وقال عباس: «أهم المواضيع التي نواجهها هذه الأيام، هي الانتخابات التشريعية والرئاسية، التي أعلنا في الأمم المتحدة أننا ذاهبون إليها، وبدأنا فعلا مساعينا مع التنظيمات الفلسطينية، وبدأت لجنة الانتخابات برئاسة حنا ناصر عملها مع التنظيمات. وأخيرا أُبلغنا (ناصر) أن التنظيمات جميعها موافقة على الانتخابات، وهذه خطوة جيدة». وأضاف «بقيت خطوة واحدة صغيرة، لكنها كبيرة، قضية القدس». وتابع: «في العام 1996 و2006. أجرينا الانتخابات لأهل القدس في القدس، ولن نقبل أن ينتخب أهل القدس في غير القدس. وهذه هي المعضلة التي تواجهنا، وهذا هو الموضوع الذي تحدثنا فيه مع جميع دول العالم دون استثناء، وبالذات الدولة الأوروبية».
وتابع: «نحن ننتظر الآن، أن نستمر في جهودنا، ونطلب من أوروبا وغيرها، أن تبذل مساعيها مع إسرائيل، لتقبل إجراء الانتخابات، كما كانت عام 1996 و2005 و2006». ومضى يقول: «إذن، إذا تم هذا نذهب لانتخابات تشريعية وفورا رئاسية، لنستكمل شرعيتنا ومؤسساتنا، ثم بعدها مجلس وطني وغيره، يأتي فيما بعد، لكن الآن، نركز على هذه النقطة».
وكشف وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، أن السلطة تقدمت بطلب رسمي لإسرائيل، للسماح لسكان القدس الشرقية، بالمشاركة وخوض الانتخابات المقبلة ترشحا وانتخابا. وطالب رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية، بضغط دولي على إسرائيل من أجل ضمان عقد الانتخابات الفلسطينية في القدس، بعد تذليل المعيقات الداخلية وموافقة جميع التنظيمات.
وأضاف أشتية «لا يمكننا القبول بأي حالة يتم فيها منع إجراء الانتخابات في القدس كأي من المدن والمحافظات الفلسطينية، فعقد الانتخابات بالقدس أولوية وطنية وسياسية وعدم عقدها يعني تكريس فصلها عن بقية المكونات الفلسطينية». وتابع: «هناك إرادة سياسية حقيقية وجادة من القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس بعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية، وطلبنا من أكثر من طرف دولي التدخل للضغط على إسرائيل بقبول إجراء الانتخابات بالمدينة المحتلة».
ولا يتوقع أن توافق إسرائيل على الطلب الفلسطيني إلا إذا كانت هناك ضغوط كبيرة وضمن اتفاق أشمل، كما لا يتوقع أن يذهب الفلسطينيون إلى انتخابات إذا لم توافق إسرائيل على إجرائها في القدس باعتبار ذلك يعطي شرعية لاعتراف الولايات المتحدة بالمدينة عاصمة لإسرائيل.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.