«بريكست» ما زال يتصدر أجندة الأحزاب في الانتخابات البريطانية

المحافظون يتقدمون على المعارضة العمالية بفارق 14 نقطة

جونسون توجه أمس إلى شمال إنجلترا لمحاولة إقناع الدوائر الانتخابية العمالية بالتصويت لصالح حزبه (أ.ف.ب)
جونسون توجه أمس إلى شمال إنجلترا لمحاولة إقناع الدوائر الانتخابية العمالية بالتصويت لصالح حزبه (أ.ف.ب)
TT

«بريكست» ما زال يتصدر أجندة الأحزاب في الانتخابات البريطانية

جونسون توجه أمس إلى شمال إنجلترا لمحاولة إقناع الدوائر الانتخابية العمالية بالتصويت لصالح حزبه (أ.ف.ب)
جونسون توجه أمس إلى شمال إنجلترا لمحاولة إقناع الدوائر الانتخابية العمالية بالتصويت لصالح حزبه (أ.ف.ب)

وسع الفارق بين القوتين الرئيسيتين في الانتخابات التشريعية البريطانية؛ حزب المحافظين الحاكم بقيادة بوريس جونسون، وحزب العمال المعارض بقيادة جيرمي كوربن، ليصل قبل أقل من 72 ساعة من موعد التوجه إلى صناديق الاقتراع إلى 14 نقطة مئوية مقارنة بـ9 نقاط قبل أسبوع. ودخلت الانتخابات مراحلها الأخيرة، الاثنين، مع سعي جونسون وزعيم المعارضة كوربن إلى حشد الأصوات قبل موعد الانتخابات بعد غد الخميس.
ويدلي البريطانيون في انتخابات عامة مبكرة، كان قد دعا إليها رئيس الوزراء بوريس جونسون، واستجابت لها الأحزاب البرلمانية، في خطوة من أجل إيجاد حل لأزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) التي شلت الحياة السياسية لأكثر من ثلاث سنوات، أي منذ يونيو (حزيران) 2016، وما زالت تهيمن على الانتخابات مسألة خروج بريطانيا من التكتل الأوروبي، التي ستدخل في المجهول في حال فشل جونسون في الحصول على الأغلبية. ويأمل جونسون في استعادة الأغلبية المحافظة التي خسرتها سلفه تيريزا ماي في الانتخابات الأخيرة، التي جرت قبل عامين فقط. بينما يهدف كوربن إلى تغيير الوضع الراهن وتحقيق الفوز لحزبه، وتولي رئاسة الحكومة لأول مرة منذ 9 سنوات. وقال جونسون، الأحد، إن تأثير انتخابات الخميس سيستمر «لعقود».
وكان قد أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «سيرفيشن» لصالح تلفزيون «آي تي في»، أمس الاثنين، أن حزب المحافظين يتقدم بـ45 في المائة بزيادة نقطتين، في حين سجل حزب العمال 31 في المائة متراجعاً نقطتين أيضاً. ذلك وشارك في الاستطلاع الذي أجري عبر الهاتف 1012 شخصاً في الفترة بين الخامس والسابع من ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وفي استطلاع آخر، أجراه مركز «بي إم جي» للأبحاث لصالح صحيفة «ذي إندبندنت»، احتفظ حزب المحافظين بفارق 9 نقاط مئوية متقدماً على حزب العمال. وأظهر الاستطلاع حصول حزب المحافظين على 41 في المائة من الأصوات، بارتفاع يبلغ نقطتين في المائة مقارنة بالاستطلاع السابق، الذي أجراه المركز يوم 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بينما حصل حزب العمال على 32 في المائة. وذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء أن الاستطلاع أظهر حصول حزب «الديمقراطيين الأحرار» على 14 في المائة، لترتفع نسبة الحزب نقطة واحدة عن الاستطلاع الأخير، في حين حصل حزب «بريكست» على 4 في المائة من الأصوات من دون تغيير عن الاستطلاع السابق. وحصل حزب «الخضر» على 4 في المائة أيضاً، بتراجع نقطة واحدة. وشمل الاستطلاع 1542 شخصاً بالغاً، وتم على الإنترنت خلال الفترة من 4 وحتى 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال روبرت ستراثرس، المسؤول عن الاستطلاع بمركز «بي إم جي» للصحيفة، إنه يتعين على زعيم حزب العمال جيريمي كوربن أن «يستمر في الضغط على جانب البقاء»، في إشارة إلى الناخبين الذين يعارضون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. ونقلت الصحيفة عن ستراثرس قوله «هذا الأسبوع، استطلاعنا يظهر، مثل أرقام الاستطلاعات الأخرى، أن حزب العمال متوقف في هذه الجبهة... الآن مع تبقي أربعة أيام على الانتخابات، يوجد وقت محدود أمام حزب العمال لتغيير الوضع».
وأدت المخاطر والانقسامات الآيديولوجية بين جونسون وكوربن إلى حملة اتسمت بالمشاكسات والطابع الشخصي، حيث واجه جونسون مراراً أسئلة حول مدى موثوقيته، بينما وجهت انتقادات لكوربن تتعلق بمعاداة السامية. وتبادل الرجلان الانتقادات حول «بريكست» في المناظرة التلفزيونية الأخيرة، الجمعة، وكذلك بشأن العديد من القضايا الانتخابية المهمة، من بينها الخدمات الصحية والتقشف والإرهاب. من شأن حصول حزب المحافظين على الأغلبية في الانتخابات أن يؤكد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ولكن أي نتيجة أخرى يمكن أن تؤدي إلى إجراء استفتاء ثانٍ، وإلغاء نتيجة استفتاء 2016. واقترح كوربين التفاوض على شكل ناعم من «بريكست»، في حال أصبح رئيساً للوزراء، لعرضه في الاستفتاء الثاني، والاختيار ما بينه وبين البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وتوجه جونسون، أمس، إلى شمال شرقي إنجلترا، التي تؤيد «بريكست» في مسعاه الأخير للحصول على أصوات العماليين التقليديين، ويقول لهم «حزب العمال خذلكم... وتحت قيادة جيريمي كوربن وعد الحزب باحترام نتيجة الاستفتاء، إلا أنهم صوتوا ضد (بريكست) في كل فرصة أتيحت لهم. لقد فازوا بمقاعدهم على برنامج زائف، وبعد ذلك لم يأبهوا بالناس».
وبالنسبة لكوربن، كان خط الهجوم الرئيسي هو اتهام جونسون بفتح نظام الخدمات الصحية القومي للشركات الأميركية، في مرحلة ما بعد «بريكست»، في إطار اتفاق تجارة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
أما مساعد كوربين الأيمن جون ماكدونيل، الذي سيصبح وزيراً للخزانة في أي حكومة عمالية مقبلة، فكشف أمس أولويات تلك الحكومة، التي تشتمل على إنهاء إجراءات التقشف، والاستثمار في «الثورة الصناعية الخضراء» وتأميم المنشآت الرئيسية. وقال ماكدونيل «لقد أهدرنا قدرات الناس في أجزاء كثيرة من البلاد... وذلك بسبب الحكومات المتعاقبة التي تولت الحكم، وتركت مصير مجتمعات بأكملها تحت رحمة قوى السوق».
وتراجع كوربن في استطلاعات الرأي خلال الحملة الانتخابية، ولم تظهر بعد مؤشرات تحقيقه تأييداً يشبه ما حققه في انتخابات 2017 التي حرمت ماي من الأغلبية في البرلمان. ويعتقد منظمو الاستطلاعات أن جونسون يحتاج إلى التقدم على حزب العمال بنسبة 6 في المائة على الأقل في انتخابات الخميس، ليضمن الأغلبية في البرلمان.
وفي سياق متصل بالحملة الانتخابية، قال جونسون إنه سيحاول إيجاد سبيل للوفاء بوعده بمعارضة توسعة مطار هيثرو عن طريق التمدد على الأرض أمام الجرافات، لكنه أشار إلى أن ذلك قد يكون صعباً. وأقر البرلمان البريطاني خطة توسعة مطار هيثرو التي تشمل بناء أول مدرج طائرات جديد بطول كامل في منطقة لندن منذ 70 عاماً، لكن خطط التوسعة تواجه دعاوى قضائية لوقفها. وكان جونسون، قبل أن يصبح رئيساً للوزراء، يعارض توسعة المطار، ووعد بالتمدد على الأرض أمام الجرافات لمنع ذلك. وقال جونسون لإذاعة «إل بي سي»، «فيما يتعلق بهيثرو فهو مشروع خاص، لكن ما زال يتعين عليه الوفاء بالتزاماته القانونية الصارمة المتعلقة بجودة الهواء والتلوث السمعي». وأضاف جونسون: «لا أرى بوادر على قرب ظهور الجرافات... يتعين عليّ أن أجد سبيلاً للوفاء بوعدي. قد يكون من الصعب من الناحية الفنية تحقيق ذلك... فلننتظر لنرى متى تصل الجرافات».
ورد جونسون على سؤال عن مشروع قطارات سريعة لتحسين المواصلات بين لندن ووسط وشمال إنجلترا، قائلاً إن تكلفته تزيد على مائة مليار جنيه إسترليني (128 مليار دولار).



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.