لم ينجح بيان مقتضب أصدرته هيئة «الحشد الشعبي»، مساء الأحد، بشأن تعرض موقعها الرسمي إلى الاختراق، بنظر عدد غير قليل من المطلعين والمراقبين المحليين، إلا في تأكيد مضمون البيان المفصل الذي نشره «الحشد» قبيل ذلك حول الأحداث والمجزرة الأخيرة التي وقعت في منطقتي الخلاني والسنك وراح ضحيتها عشرات المتظاهرين.
وبنظر كثيرين فإن البيان الأول أكد بما لا يدع مجالاً للشك جميع الاتهامات السابقة التي طالت بعض فصائل (الحشد) بشأن ضلوعهم في قمع وقتل المتظاهرين، كما أكد مقولة «الطرف الثالث» التي تحدث عنها وزير الدفاع نجاح الشمري، منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وشرح عضو قيادي في أحد الفصائل المنتمية إلى «الحشد الشعبي»، لـ«الشرق الأوسط»، تفاصيل البيان الذي أصدرته هيئة «الحشد الشعبي» والتداعيات التي رافقته والأسباب التي دعتها للتخلي عنه وادعاء تعرض موقع الهيئة للاختراق. ويقول المصدر، مشترطاً عدم ذكر اسمه: «قبل كل شيء ادّعاء الاختراق لموقع هيئة (الحشد) غير صحيح، لسبب بسيط هو أن البيان نُشر في غالبية منصات الهيئة ومواقع تواصلها، وبقي منشوراً لوقت طويل حتى صدور قرار بإزالته وتكذبيه».
أما بقية التفاصيل فبدأت، والكلام للمصدر، من «اتصال مسؤول في (الحشد) بأحد المسؤولين الإعلاميين للهيئة حول البيان، فنفى الأخير علمه بالموضوع، ثم اتصل بمسؤول رفيع في خلية الاستخبارات، فوعده بمعالجة الأمر». ويضيف: «عاد المسؤول الاستخباري اتصاله بالمسؤول الحشدي ليبلغه أن رئيس الهيئة فالح الفياض، ينفي علمه بالموضوع وهو في سفرة خارج البلاد، وأن الفياض أكد له عدم إصداره أي بيان، باستثناء البيان المتعلق بمنع تشكيلات (الحشد) من الانخراط في المظاهرات». ويؤكد المصدر أن «صراع الأجنحة داخل هيئة (الحشد) يقف وراء إصدار البيان الذي جاء بهدف خلط الأوراق والإساءة إلى بعض الجهات، ويمثل الفياض وحلفاؤه أحد تلك الأجنحة، فيما يمثل أبو مهدي المهندس والفصائل الحليفة معه الجناح الثاني».
وسبق لأبي مهدي المهندس أن أصدر في أغسطس (آب) الماضي، بياناً باسم هيئة «الحشد» حمّل فيه الولايات المتحدة مسؤولية الضربات التي تعرضت لها معسكرات «الحشد» وهدد بالرد عليها، الأمر الذي رفضه الفياض واعتبر أن تصريحات المهندس شخصية ولا تمثل الهيئة.
وأحدث بيان الهيئة ضجة كبيرة، أمس، داخل الأوساط العراقية دفعت قطاعات واسعة من النشطاء والمدونين إلى محاسبة الفصائل التي تعمل تحت مظلة «الحشد» وتمارس أعمال القتل والخطف والقمع ضد المتظاهرين. واتهمت جماعات الاحتجاج وغالبية المصادر القريبة من الأحداث «كتائب حزب الله» بالتورط في أحداث الخلاني والسنك.
وكان البيان الذي أصدرته الهيئة ثم نفته لاحقاً، قد تحدث عن تفاصيل ما جرى، مساء الجمعة الماضية، من أحداث عنف خطيرة ضد المتظاهرين في محيط منطقتي الخلاني والسنك سقط خلالها عشرات الجرحى والقتلى. وفي التفاصيل قال البيان (المنفي لاحقاً) الذي اعترف صراحةً بمشاركة فصائل «الحشد» في الأحداث: «يعلم الجميع أن أعداداً كبيرة من المتظاهرين استجابوا لنداء المرجعية بالتصدي وطرد المخربين وحماية المتظاهرين السلميين الموجودين في ساحات التظاهر وخصوصاً في مرآب السنك، وهذا ما أغاض المجاميع المخربة الموجودة في هذا المكان والتي تهيمن بشكل كبير وتفرض وجودها بالقوة والإرهاب». وأضاف: «كانت هذه المجاميع الملثمة تخطط لاستفزاز المتظاهرين ومنعهم من الوجود في بناية المرآب وقد تعرض عدد من السلميين للاعتداء بالسكاكين والأدوات الجارحة وقنابل المولوتوف لحرق المكان وهذا ما وثقته وسائل الإعلام، وكذلك تم خطف ثلاثة وعشرين متظاهراً سلمياً». وتابع: «استنجد عدد من الموجودين هناك بالقوات الأمنية و(الحشد الشعبي) فاستجاب أبناء (الحشد) للتدخل نتيجة الفراغ الأمني وغياب سلطة الدولة، غير أن إطلاق نار كثيف وُجّه صوب المتظاهرين ومجموعة (الحشد)، ما أوقع عدداً من الضحايا ليتطور الموقف إلى صدامات متقابلة لإنقاذ المتظاهرين المخطوفين وكذلك المحاصَرين داخل المرآب، حينها قام المخربون بنقل المختطفين إلى بناية المطعم التركي».
وفي محاولة لتوجيه ضربة إلى سرايا السلام الصدرية الداعمة للمظاهرات، قال البيان: «مع انشغال أبناء (الحشد) بإنقاذ المحاصرين في المرآب ونتيجة الوجود الكثيف لسرايا السلام وما تُعرف بـ(القبعات الزرق) وبعضهم يحمل السلاح، ومع غياب التنسيق، اشتبك الجميع بالنيران مما عقّد المشهد وتسبب في سقوط عدد من الضحايا من الطرفين».
وعبّر بيان هيئة «الحشد» (المنفي) عن أسفه من أن «المجاميع المخربة والداعمة لها قد اختطفت المظاهرات السلمية، وباتت أرواح السلميين في خطر مما أدى إلى تحول المجاميع المسلحة إلى عقبة أمام تحقيق المطالب المشروعة».
ونفى مصدر مقرب من «سرايا السلام» في حديث لـ«الشرق الأوسط» جملةً وتفصيلاً ما ورد في البيان، وأكد أن «الشباب المعتصمين في التحرير يعرفون جيداً أن أصحاب القبعات الزرق لا يملكون أي سلاح، وقد فقدوا في أثناء قيامهم بحماية المتظاهرين في الخلاني والسنك من الميليشيا المسلحة عدداً من الجرحى والقتلى». وأضاف: «بات من الواضح بالنسبة إلى المتظاهرين ما هي الجهات التي توغل في دمائهم والجهات التي تحميهم، وكل هذه الاتهامات التي تساق ضدنا هدفها دفعنا إلى التخلي عن المتظاهرين وعن حمايتهم».
قيادي في أحد الفصائل يكشف تفاصيل الخلاف داخل «الحشد الشعبي»
بعد أن نفت هيئة «الحشد» بيان أحداث السنك والخلاني وعزته لاختراق إلكتروني
قيادي في أحد الفصائل يكشف تفاصيل الخلاف داخل «الحشد الشعبي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة