«نداء تونس» يقيل حافظ السبسي من قيادته

TT

«نداء تونس» يقيل حافظ السبسي من قيادته

أقال حزب «نداء تونس» حافظ قائد السيسي، نجل الرئيس التونسي الراحل، من قيادته، وذلك خلال اجتماع عقده نهاية الأسبوع الماضي على مدى يومين، وهو ما ينبئ بمحاولة إصلاح داخل الحزب الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي سنة 2012 وقاده إلى الفوز على «حركة النهضة» غريمه السياسي ومنافسه في انتخابات 2014.
وسجلت قيادات «النداء» ما سمته «حالة شغور بمنصب رئيس اللجنة المركزية والممثل القانوني للحزب»، وتم إقرار الشغور إثر استقرار حافظ السبسي في العاصمة الفرنسية باريس وابتعاده عن المشهد السياسي التونسي منذ نحو ثلاثة أشهر. واتفقت تلك القيادات السياسية على تكليف قاسم مخلوف برئاسة اللجنة المركزية للحزب مؤقتاً بانتظار عقد مؤتمر انتخابي، مع إعفاء المنجي الحرباوي من منصب المتحدث الرسمي باسم الحزب.
وقاسم مخلوف من القيادات السياسية التي ساندت حافظ قائد السبسي ضد «مجموعة الحمامات» التي تزعمها سفيان طوبال، وهو المنسق الجهوي لحزب «النداء» في مدينة المنستير (وسط). وكان نجل السبسي قد تلقى اتهامات واسعة بالتفرد بالرأي وسعيه لوراثة الحكم من والده. ومني حزب «النداء» بهزيمة مدوية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إذ حصل على ثلاثة مقاعد برلمانية بعد أن كان متزعما المشهد التشريعي بـ86 مقعداً في انتخابات 2014، وهو ما استدعى إعادة النظر في هيكلته وطريقة تسييره وتقييم أسباب الخسارة مقارنة مع «حركة النهضة» شريكته السياسية في الحكم من 2014 إلى 2019.
على صعيد آخر، أعلنت عبير موسي رئيسة كتلة «الحزب الدستوري الحر»، خلال مؤتمر صحافي عقدته صباح أمس بمقر البرلمان التونسي، عن رفع الكتلة الاعتصام الذي نفذته منذ 3 ديسمبر (كانون الأول) الحالي احتجاجا على توجيه نائبة برلمانية من «النهضة» نعوتا نابية لنواب الحزب، واتهامهم بالعنصرية، ودعت 17 نائبا ينتمون إلى الكتلة البرلمانية إلى الالتحاق بقاعة الجلسات لمتابعة عملهم البرلماني.
ويأتي قرار رفع الاعتصام بعد أن أدان مكتب مجلس نواب الشعب (البرلمان) كل العبارات المسيئة الصادرة في حق «الحزب الدستوري الحر»، وسحب تلك العبارات من مداولات الجلسة العامة ليوم 3 ديسمبر (كانون الأول)، وهو ما اعترضت عليه عبير موسي، وطالبت المجلس بالمحافظة على مداولات المجلس كما وردت في تلك الجلسة.
كما دعا مكتب المجلس في بيان توافقي صادق عليه رؤساء الكتل البرلمانية إلى «احترام سير العمل داخل المجلس واحترام القانون وأخلاقيات العمل البرلماني بعد مظاهر الفوضى العارمة» التي عرفتها الجلسة البرلمانية المنعقدة الأحد الماضي.
واعتبرت موسي أن البيان الذي صدر عن مكتب المجلس «رد اعتبار لكتلة الحزب خاصة أنه تضمن إدانة رسمية»، على حد تعبيرها. وأضافت أنه بموجب بيان البرلمان التونسي «هناك حد أدنى من رد الاعتبار، ولأول مرة منذ سنة 2011 تصدر إدانة رسمية لتهجم ضد أنصار (الدستوريين)» المنتمين لحزب «التجمع الدستوري» المنحل.
من ناحية أخرى، استبعد الحبيب الجملي رئيس الحكومة المكلف الإعلان عن تشكيلة فريقه الحكومي نهاية الأسبوع الحالي، مؤكداً أنه سيجدد الحوار مع كل الأطراف، بما فيها الأحزاب التي أعلنت عدم مشاركتها في الحكومة المقبلة، في إشارة إلى حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب».
ويسعى الجملي إلى تشكيل حكومة متوازنة قادرة على تحدي الصعوبات وتحظى بأوسع حزام سياسي ممكن، على حد تعبيره، غير أن شروط الأحزاب الفائزة في الانتخابات الأخيرة كانت غير مشجعة على «توافق سياسي واسع». وكان الجملي قد وعد في تصريحات إعلامية سابقة بالتوصل إلى تشكيل الحكومة قبل منتصف الشهر الحالي احتراما للآجال الدستورية التي تمكنه من شهر قابل للتجديد مرة واحدة، غير أن المفاوضات مع مختلف الأطراف السياسية كانت معقدة ولم تفرز نتائج إيجابية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.