وزارة المالية: ميزانية 2020 تركز على كفاءة الإنفاق ومشاركة القطاع الخاص

الجدعان يؤكد الوصول إلى مراحل متقدمة في تحقيق مستهدفات رؤية 2030 المتعلقة بتنويع الإيرادات

وزير المالية السعودي يدلي بتصريحات حول الميزانية في الرياض أمس (تصوير: أحمد فتحي)
وزير المالية السعودي يدلي بتصريحات حول الميزانية في الرياض أمس (تصوير: أحمد فتحي)
TT

وزارة المالية: ميزانية 2020 تركز على كفاءة الإنفاق ومشاركة القطاع الخاص

وزير المالية السعودي يدلي بتصريحات حول الميزانية في الرياض أمس (تصوير: أحمد فتحي)
وزير المالية السعودي يدلي بتصريحات حول الميزانية في الرياض أمس (تصوير: أحمد فتحي)

في وقت أقرت السعودية ميزانية العام المالي 2020 بتوقعات أن يبلغ إجمالي الإنفاق 1020 مليار ريال (272 مليار دولار) وإجمالي إيرادات بقيمة 833 مليار ريال (222 مليار دولار)، أعاد وزير المالية السعودي محمد الجدعان السببين اللذين أديا إلى انخفاض الإنفاق في موازنة الدولة للعام الجديد، وهما تحقيق نتائج مميزة في كفاءة الإنفاق ومشاركة القطاع الخاص.
وقال الجدعان في تصريحات أطلقها ليلة أمس من مقر وزارة المالية في العاصمة السعودية الرياض، حول السيطرة على العجز خلال السنوات الأربع الماضية، إن الحكومة استطاعت تقليص العجز من مستويات أعلى بكثير من 13 في المائة، إلى 9 في المائة، وصولا إلى 4.7 في المائة في هذه السنة، مضيفا أنه من المهم التركيز على العنصرين الأساسيين، وهما دعم النمو الاقتصادي، الذي وصفه بأنه هدف رئيسي للحكومة، إضافة إلى التأكد من الاستدامة المالية.
وتابع الجدعان: «نستهدف على المدى المتوسط الاستدامة المالية والسيطرة على مستويات العجز، وبالوقت نفسه، نتأكد أن من الإنفاق الحكومي مستمر مع القطاعات المستهدفة التي تحقق توفير خدمات أفضل للمواطنين وتنمية اقتصادية وتمكين للقطاع الخاص لخلق مزيد من الوظائف».
وأشار وزير المالية إلى أن من الأسباب التي أدت إلى خفض الإنفاق، سببين رئيسيين، وهما تحقيق نتائج مميزة في كفاءة الإنفاق، وبالتالي انخفاض تكاليف بعض المشاريع وبرامج التشغيل والصيانة، مبينا أن هناك ناجحات مميزة في القطاعات الحكومية. فيما السبب الآخر، بحسب الوزير، هو مشاركة القطاع الخاص، قائلاً: «بعض المشاريع التي تم البدء بها في 2019 كان من المفترض أن تنفق عليها الحكومة مثل مشاريع التحلية والصرف الصحي والمباني التعليمية، صرف عليها القطاع الخاص على عقود طويلة الأجل مع الحكومة، وبالتالي لم يعد هناك حاجة لمستوى الإنفاق العالي السابق».
أمام ذلك، تشير البيانات التي قدمتها الوزارة، بأن الإيرادات في عام 2020، تبلغ 833 مليار ريال (222 مليار دولار)، مقسمة على 513 مليار ريال (137 مليار دولار) لإيرادات نفطية، و320 مليار ريال (85 مليار دولار) لإيرادات غير النفطية، بينما تشير التوقعات إلى تحسن الإيرادات غير النفطية بنسبة 1.8 في المائة مقارنة بالمتوقع لعام 2019.
وحول توجيه خادم الحرمين الشريفين الجهات المختصة بتمديد صرف بدل غلاء المعيشة سنة إضافية حتى نهاية عام 2020، أكد الجدعان أن الميزانية تشمل هذه الأرقام ولن تزيد الأرقام مستواها، مضيفاً حول ما يتعلق بتنويع الإيرادات القول: «إن الحكومة مستمرة في ذلك».
وأكد الجدعان أن الدراسات الحكومية تأخذ في الاعتبار الأثر؛ المالي والاقتصادي والاجتماعي، إضافة إلى الأثر على تنافسية الاقتصاد، للتأكد من أن أي إيرادات يتم إقرارها لا تساهم في رفع التكلفة بشكل كبير، وبالتالي تخفف من تنافسية الاقتصاد السعودي، مشيراً إلى وجود عدد من المبادرات لتحسين كفاءة الإيرادات الحالية، بجانب تأكيده على تحقيق نتائج مميزة خلال عام 2019، في مختلف القطاعات.
وعن التحول الرقمي، يؤكد الجدعان أن الحكومة حققت قفزات كبيرة جداً في التحول الرقمي، حيث يشير إلى منظومات وزارة المالية مثل بوابة اعتماد وتحصيل وغيرها، بالإضافة إلى منتجات رقمية قدمتها وزارات سعودية أخرى، في قطاعات مختلفة.
وأكد وزير المالية في إجابة على أحد الأسئلة في المؤتمر: «وصلنا إلى مراحل متقدمة في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، فيما يتعلق بتنويع الإيرادات»، مشيراً إلى أن الإيرادات النفطية تشكل نحو 50 في المائة من الإيرادات الحكومية في ميزانية 2020، بينما تشكل الإيرادات غير النفطية 32 في المائة من الإيرادات الحكومية لدعم النفقات في العام المقبل.
وتابع الجدعان حديثه قائلاً: «لدينا مسيرة تنوع اقتصادي كبيرة جداً، لعل من أهمها في الأيام الأخيرة هو طرح جزء من أسهم شركة أرامكو وإعادة استثمار حصيلة هذا الطرح من خلال صندوق الاستثمارات العامة، للاستثمار في الداخل، وتنويع وتنمية الاقتصاد، وبالتالي خلق مزيد من الوظائف والإيرادات للحكومة».
وحول ملف التخصيص، أكد الوزير الجدعان أنه يأتي على رأس أولويات الحكومة، ووزارة المالية بالتحديد.
إلى ذلك، أفصحت السعودية أمس عن ميزانية العام الجاري وموازنتها للعام المقبل 2020، إذ حملت البيانات الصادرة أمس الاثنين، أن إجمالي النفقات تبلغ 1.020 تريليون ريال (272 مليار دولار)، موزعة على 9 قطاعات، وهي كالتالي: التعليم كأضخم قطاع بميزانية 193 مليار ريال (51 مليار دولار)، ثم القطاع العسكري ثانياً بميزانية 182 مليار ريال (48 مليار دولار)، ثم الصحة والتنمية الاجتماعية بـ167 مليار ريال (44 مليار دولار)، ثم البنود العامة بميزانية 141 مليار ريال (38 مليار دولار). بعد ذلك تأتي قطاعات الأمن والمناطق الإدارية بميزانية 102 مليار ريال (27 مليار دولار)، ثم 89 مليار ريال (23 مليار دولار) للموارد الاقتصادية، و56 مليار ريال (15 مليار دولار) للتجهيزات الأساسية والنقل، ولقطاع الخدمات البلدية 54 مليار ريال (14 مليار دولار)، وأخيراً الإدارة العامة بميزانية 28 مليارا (7 مليارات دولار).


مقالات ذات صلة

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد الجولة الأولى من المفاوضات التي قادتها السعودية بين دول الخليج واليابان (واس)

اختتام الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول الخليج واليابان

ناقشت الجولة الأولى من مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون الخليجي واليابان عدداً من المواضيع في مجالات السلع، والخدمات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد صندوق الاستثمارات العامة السعودي يهدف لدعم تحقيق النمو المستدام في مطار هيثرو (أ.ب)

«السيادي» السعودي يُكمل الاستحواذ على 15 % من مطار هيثرو

أكمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي الاستحواذ على حصة تُقارب 15 % في «إف جي بي توبكو»، الشركة القابضة لمطار هيثرو من «فيروفيال إس إي»، ومساهمين آخرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد إريك ترمب يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» في أبو ظبي (رويترز)

إريك ترمب: نخطط لبناء برج في الرياض بالشراكة مع «دار غلوبال»

قال إريك ترمب، نجل الرئيس الأميركي المنتخب، لـ«رويترز»، الخميس، إن منظمة «ترمب» تخطط لبناء برج في العاصمة السعودية الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من فعاليات النسخة السابقة من المؤتمر في الرياض (واس)

السعودية تشهد انطلاق مؤتمر سلاسل الإمداد الأحد

تشهد السعودية انطلاق النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد، يوم الأحد المقبل، برعاية وزير النقل والخدمات اللوجيستية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».