يبدو الشكل القوطي مقتصداً على عكس جميع الأشكال المزخرفة الأخرى. وبحسب الباحثة ماري أن دوان، فإن المكونات الأولى والضرورية هي ببساطة «امرأة وبيت». ليس هناك حاجة لمؤثرات خاصة، فشعور امرأة بالخوف في مكان من المفترض أن تجد فيه الأمان يعتبر كافياً.
هناك كثير من عناصر الاختلاف والتنوع؛ حيث يمكنك إضافة منزل شهد جريمة قتل، مثلما شاهدناه في فيلم «The Haunting of Hill House» من بطولة شيرلي جاكسون، ويمكن إضافة بعض الأطفال العابثين لتكون أمام فيلم «The Turn of the Screw»، أو ادمج المنزل والمرأة لترى أمامك المرأة وهي تتعامل مع جسدها كمنزل مسكون في مكان مرعب، لا يمكن تفسير ما يجري فيه. هذا ما يفكر فيه المرء إذا قرأ مذكرات كارمن ماريا ماتشادو البارعة.
لقد دخلت رواية ماتشادو التي تضم مجموعة قصص قصيرة بعنوان «جسدها والآخرون» (2017)، السباق إلى أن وصلت إلى القائمة النهائية لـ«جائزة الكتاب الوطنية»، وتعتبر الرواية أحد أكثر الإصدارات نجاحاً في السنوات الأخيرة.
القصص رائعة، وغنية بالحكايات الخرافية المثيرة، ولحظات الرعب الحقيقي. ففي رواية «حفلات صعبة»، تدعى المرأة إلى حفل، وتدور حول المنزل لتستكشفه إلى أن يناديها مضيفها. وما إن دلفت إلى المنزل حتى تلقت تحذيراً يقول إن «هذه الغرفة قد خضعت للتجديد، وإن الغرفة ليست لها أرضية. يمكنك الذهاب إلى هناك؛ لكنك ستذهبين مباشرة إلى القبو. مرحباً بكم في بيت ماتشادو، انتقل مباشرة إلى الغرفة المحرمة؛ استمتع بالمنظر فالأرضية فسيحة».
كتاب المؤلفة الجديد «In the Dream House» هو مذكرات عن علاقتها المخيفة مع امرأة أخرى أثناء دراستها العليا بالجامعة. الرواية مليئة بالشظايا؛ حيث يحتوي كل فصل على اتفاقات؛ لكن من نوع مختلف: رحلة سفر، رواية رومانسية، ملامح شخصية، قصة علاقة بين سيدتين، وكوميديا لاذعة. لقد استعارت هذه التقنية من كتاب «تمارين في الأناقة» الصادر عام 1947 للكاتب ريموند كوينو الذي تضمن 99 تجربة مختلفة. تقول عن ذلك: «فيما يمكن أن يبدو غريباً، أعترف بأنني استجمعت نفسي في البداية، وسرعان ما شعرت بالطريقة الطبيعية الوحيدة لرواية قصة زوجين. ما هو نوع العلاقة بينهما؟ كيف تسير الحياة؟».
وصفت ماتشادو نفسها بأنها «نوع من مصاصي الدماء»، المهووس بالشكل، الحقيقي والخيالي السردي، وبتقنيات الاختلاط بين الخيال والواقع. هذا الكتاب خلية من التجارب المحمومة والتكتيكات والحيل، يتضمن مقالات متداخلة حول الأشرار، كما في أفلام ديزني، مثل «Star Trek» ومواقف العنف المنزلي في أوائل الثمانينات.
ويجرى سرد القصة من خلال الشخص الثاني؛ حيث تخاطب ماتشادو نفسها عندما كانت أصغر سناً، أحياناً بحنان وأحياناً بعنف. ويأتي كل قسم مملوءاً بالحواشي، مما يشير إلى ظهور أشكال حكاية شعبية تقليدية، المحرمات والصدمات الفردية.
هناك شيء مثير للقلق، ومثير للفضول، في درجة التجريب في هذه المذكرات، في انتقاء جملها بعناية، وفي كثرة اقتباساتها. ولكن من خلال ذلك، نستدعي صورة الكاتبة التي تحمل مفاتيح تدخل من خلالها إلى غرف سرية ظلت طويلاً مترددة في دخولها، مستدعية عبارة «لا توجد أرضية. يمكنك الذهاب إلى هناك؛ لكنك ستذهب مباشرة إلى القبو».
في البداية، بالطبع لا يمكن أن تصدق ماتشادو حظها السعيد. فالمرأة التي تصادفها في إحدى الغرف (التي لم تكشف هويتها) كانت صاحبة شعر أشقر فاتح، وهي مزيج من رجل وامرأة كما في الأساطير.
وسرعان ما نكتشف، وتكتشف الكاتبة، أن هذه المرأة مصابة بجنون العظمة، وبحبها للتملك، وبتقلباتها بين الغضب والرضا. إنها تستشيط غضباً وتدعو ماتشادو باسمها، ثم ترمي أشياءها عليها - أحذية وحقائب سفر - وتجبرها على أن تختبئ في الحمام. ثم تتراجع المرأة وتعود في وقت لاحق، دافئة ومغرية، لتتساءل بقلق بالغ: «لماذا تبكين؟» صوتها حلو للدرجة التي تجعل «قلبك ينشق مثل حبة خوخ». ستكون هناك نهاية لكل هذا، نهاية سعيدة، إذ تتزوج ماتشادو وتعيش في «شقة تغمرها الشمس».
وعموماً، المحور الرئيسي في رواية «في بيت الأحلام» هو الصمت المغلف بالعنف في العلاقات الإنسانية، الذي يتسبب في إيذاء عاطفي ونفسي بالغ، فيشعر المرء وكأنه «موجود على هامش ثقافي»، ولن يتبقى أمامه طريق للخلاص سوى بالعودة إلى الماضي، والنبش في حكاياته.
ولهذا السبب ربما، تعود ماتشادو مراراً وتكراراً إلى فكرة الأرشيف. «ألقي بحجر قصتي في شق كبير لأقيس الفراغ من خلال صوته الخافت»، هكذا بدأت روايتها. لكنها في الختام، تركت لنا ما يمكن أن نطلق عليه مكتبة مصغرة تضم تلك القصص غير المروية والمقموعة، التي تم استخلاصها من زوايا التاريخ.
- خدمة {نيويورك تايمز}
«في بيت الأحلام»... قصص من زوايا التاريخ
كارمن ماريا ماتشادو تروي شيئاً من سيرتها في كتابها الجديد
«في بيت الأحلام»... قصص من زوايا التاريخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة