توتر بين الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع الجديد

بعد تهديدات نفتالي بينيت لإيران والفلسطينيين وتلويحه بـ«تغيير قواعد اللعبة»

فلسطيني خلال مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني خلال مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

توتر بين الجيش الإسرائيلي ووزير الدفاع الجديد

فلسطيني خلال مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني خلال مواجهات مع قوات الأمن الإسرائيلية في مدينة الخليل بالضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)

بعد يوم واحد من إطلاق وزير الدفاع الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، تهديدات طالت كل الجبهات من إيران ولبنان وغزة، وصولاً إلى مواصلة الاستيلاء على أراضي الضفة الغربية من خلال الاستمرار في البناء الاستيطاني، وتهجير وهدم منازل الفلسطينيين، عممت مصادر عسكرية واستخبارية موقفاً مغايراً، وطالبت بـ«لجم» الوزير الجديد، مؤكدة أن «الأجهزة الأمنية لم تحدث أي تغيير في استراتيجيتها المعلنة».
وكتبت صحيفة «هآرتس»، في تقرير نشرته أمس الاثنين، أن تصريحات بينيت تسببت في توتر بينه وبين قيادة الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن عموماً، «وذلك لأنه في بعض الأحيان سمع قادة جهاز الأمن تفوهات بينيت قبل نشرها بوقت قصير، وفي الأحيان الأخرى سمعوها لدى نشرها في وسائل الإعلام، ومن دون تحضيرهم مسبقاً لها». وقال التقرير إن تصريحات بينيت «يمكن أن تلحق ضرراً أمنياً» بإسرائيل. ونفت أن يكون هناك «تغيير في قواعد اللعبة»، كما ادعى الوزير، وأكدت أن تصريحات مثل التي أدلى بها «تعبّر عن استخفاف بالجيش الإسرائيلي والشاباك».
وتطرق التقرير إلى إعلان بينيت عن إصداره تعليمات للجيش الإسرائيلي بدفع إقامة بؤرة استيطانية جديدة في قلب الخليل، فقالت إن «مصادر في جهاز الأمن أكدت أن مداولات عادية جرت في الموضوع، قبل إعلان بينيت بأسبوع، وكانت هناك معارضة لهذه الخطوة، التي من شأنها تصعيد الوضع الأمني». وأفادت الصحيفة بأن اجتماعاً عُقد مؤخراً في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، بمشاركة مسؤولين عسكريين وأمنيين، للبحث في تفوهات بينيت، التي شملت تهديدات على حياة قادة إيرانيين ودفع أعمال بناء بؤرة استيطانية جديدة في الخليل، وتفوهات أخرى تحدثت عن «تغيير قواعد اللعبة» ضد حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وتعالى سؤال خلال هذا الاجتماع حول كيفية التعامل مع هذه التصريحات، ووصفها بعض المجتمعين بأنها «عديمة المسؤولية من الناحية الأمنية».
وأشارت الصحيفة إلى تصريحات بينيت، قبل توليه منصب وزير الأمن، واعتبر فيها أن العمليات ضد قطاع غزة لم تكن شديدة بالقدر الكافي برأيه، وأنه بعد توليه منصب وزير الأمن قرر قادة الجيش وضع هذه التصريحات من ورائهم كي لا يصطدموا مع الوزير الجديد، «آملين أن يتوقف عن إطلاق تصريحات غير منسقة مع مرور الوقت». لكن قادة الجيش والأجهزة الأمنية «فوجئوا بشكل يومي تقريباً من أقوال بينيت وبياناته التي كانت أحياناً مناقضة لموقف جهاز الأمن».
ومعروف أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، عيّن بينيت وزيراً للأمن في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت، وهو اليوم الذي اغتالت فيه إسرائيل القيادي العسكري في «الجهاد الإسلامي»، بهاء أبو العطا، واندلاع جولة تصعيد في أعقابها، وذلك لكي يمنع بينيت من الانضمام إلى ائتلاف حكومي برئاسة بيني غانتس. وبعد أسبوع، تم إطلاق 3 صواريخ من سوريا باتجاه إسرائيل وردت إسرائيل بغارات شديدة على سوريا، فصرح بينيت بأن «القواعد تغيرت. من يطلق النار على إسرائيل في النهار، لن ينام في الليل. هكذا حصل الأسبوع الماضي، وهكذا سيحصل هذا الأسبوع أيضاً. ورسالتنا لقادة إيران بسيطة: لستم محصنين بعد الآن». وبحسب التقرير المذكور، فإن المسؤولين في جهاز الأمن «لم يرتاحوا للحديث عن قواعد اللعبة التي تغيّرت وأنه سيتم منذ الآن استهداف الإيرانيين وستتم مهاجمة أهداف سورية». إلا أن أكثر ما أدى إلى استياء لدى قادة جهاز الأمن هي تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية عن «مسؤول أمني»، جاء فيها أنه «اعتدنا ألا ترد إسرائيل في الشمال على أحداث معينة جرت خلالها مهاجمتها. وهذه المرة هاجمنا أهدافاً إيرانية. وأظهرنا للإيرانيين أن لدينا القوة للرد بقوة. ونحن نعلم أنه يوجد مصابون وقتلى على ما يبدو»، في إشارة إلى قصف أهداف قرب دمشق. وقالت الصحيفة إن الاعتقاد السائد لدى قادة جهاز الأمن هو أن «المسؤول الأمني» هو بينيت نفسه، واعتبرتها «تباهياً متبجحاً لا ضرورة له».
لكن بينيت واصل تبجحه في جبهات أخرى، خصوصاً ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».