الحراك يعدّ لمظاهرة كبرى في بغداد غداً

إطلاق سراح 2626 معتقلاً... واختطاف 11 ناشطاً

طلاب جامعة الكوفة في وقفة تضامنية مع الاحتجاجات ضد الحكومة أمس (أ.ف.ب)
طلاب جامعة الكوفة في وقفة تضامنية مع الاحتجاجات ضد الحكومة أمس (أ.ف.ب)
TT

الحراك يعدّ لمظاهرة كبرى في بغداد غداً

طلاب جامعة الكوفة في وقفة تضامنية مع الاحتجاجات ضد الحكومة أمس (أ.ف.ب)
طلاب جامعة الكوفة في وقفة تضامنية مع الاحتجاجات ضد الحكومة أمس (أ.ف.ب)

واصل آلاف المتظاهرين العراقيين المناهضين للحكومة والتدخل الإيراني، التجمع في ساحة الاحتجاج الرئيسية في بغداد أمس.
وتدفقت أعداد كبيرة من المحتجين إلى ساحة التحرير في العاصمة وساحات الاحتجاج في المحافظات الجنوبية حيث تجري اعتصامات منذ أسابيع عدة. ويطالب العراقيون منذ أكثر من شهرين بتغيير الطبقة الحاكمة منذ 16 عاماً ويتهمونها بالفساد والمحسوبية والتبعية لإيران.
وفي الجنوب، تجمع آلاف المتظاهرين في الناصرية والديوانية تضامناً مع ساحة التحرير في بغداد، وسط انتشار أمني كثيف.
من ناحية ثانية، كشف ناشط مدني عراقي الليلة قبل الماضية عن أن 11 ناشطاً تم اختطافهم واقتيادهم إلى جهة مجهولة. ونقلت «وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)» عن الناشط المدني منتظر علي قوله في تصريح إن عناصر «جماعة مجهولة يستقلون سيارات رباعية الدفع أوقفوا سيارة تقل ناشطين في طريق عودتهم من ساحة التحرير ببغداد إلى مدينة كربلاء، وتم اقتيادهم إلى جهة مجهولة».
ويؤكد الناشطون أن أعداداً كبيرة من المتظاهرين في محافظات وسط وجنوب العراق سيلتحقون بنظرائهم في بغداد غداً بهدف الضغط لتلبية المطالب والإسراع باختيار رئيس وزراء جديد ينسجم مع توجهات المتظاهرين قبل 5 أيام من انتهاء مدة الخمسة عشر يوماً التي يحددها الدستور لرئيس الجمهورية لتقديم مرشح بديل لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي قدم استقالته في 1 ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
ويقول الناشط أحمد خزام إن «بغداد معقل السلطة والحكم، ومن دون الضغط وبقوة على السلطات في العاصمة فلن نتوقع منها القيام بأي عمل حقيقي لتلبية مطالب المتظاهرين، لذلك صار الاتفاق مع النشطاء في بقية المحافظات على توحيد الجهد في بغداد هذه المرة». ويتوقع خزام في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تشهد بغداد مظاهرات شعبية غير مسبوقة لا تقتصر على الوجود في ساحة التحرير، وتمتد لتشمل مناطق أخرى في جانبي الكرخ والرصافة».
في غضون ذلك، ورغم الحملة التي دشنتها جهات مناهضة له، تواصل وللأسبوع الخامس على التوالي «إضراب» الطلبة في معظم جامعات بغداد ومحافظات وسط وجنوب البلاد، وظلوا متمسكين بخيار عدم الالتحاق بالدوام الرسمي. ويثير الإضراب استياء السلطات التي تجد نفسها عاجزة أمامه، نظراً لمساهمته الفاعلة في إدامة زخم الاحتجاجات.
في السياق نفسه، صنف حزب «الدعوة الإسلامية» الذي يتزعمه نوري المالكي، أمس، منع الدوام ضمن ما سماه «الإرهاب الفكري والعلمي». وقال المكتب السياسي للحزب في بيان: «(حزب الدعوة الإسلامية) يؤكد على سلمية التظاهر باعتباره حالة تعبيرية دستورية، وعلى دعم المتظاهرين السلميين الذين يطلبون الإصلاح والتغيير لما فيه مصلحة العراق والعراقيين بعيداً عن العنف وتعريض أمن المواطنين ومصالحهم ومؤسسات الدولة إلى الاعتداء والتعطيل». وأضاف أن «مما يبعث على الأسف والشعور بالخسارة الجسيمة هو ما آلت إليه بعض المظاهرات من قطع للطرقات، واعتداءات على مؤسسات الدولة ورجال الأمن والممتلكات العامة والخاصة، وتعطيل الدوائر؛ وخاصة المدارس ومراكز التعليم وبعض الكليات والجامعات، وهو أمر لا يمكن قبوله بأي تبرير»، عادّاً أن «منع الطلاب من الحضور لصفوف الدراسة وتعنيف المعلمين وترهيب مديري التربية، كلها جرائم يعاقب عليها القانون، وتعريض المدارس والجامعات ومنع الدوام فيها عمل غير مسؤول وسيحرم أبناءنا وبناتنا من بناء مستقبلهم ويوقف حركة العلم والتعليم، وبالتالي فهو يصنف ضمن الإرهاب الفكري والعلمي».
إلى ذلك، أعلن المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى، أمس، إطلاق سراح 2626 موقوفاً من المتظاهرين السلميين. وقال المركز في بيان: «الهيئات الحقيقية المكلفة بنظر قضايا المظاهرات أعلنت عن إطلاق سراح 2626 موقوفاً من المتظاهرين السلميين لغاية يوم 8 - 12 - 2019». ولفت إلى استمرار التحقيق مع 181 موقوفاً عن جرائم منسوبة لهم وفق القانون.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.