شمال شرقي سوريا بين «الإدارة المحلية» و«الإدارة الذاتية»

وفد الحكومة السورية قدم مشروعها في القامشلي

أطفال في مخيم «الهول» للنازحين بمحافظة الحسكة في أبريل الماضي (رويترز)
أطفال في مخيم «الهول» للنازحين بمحافظة الحسكة في أبريل الماضي (رويترز)
TT

شمال شرقي سوريا بين «الإدارة المحلية» و«الإدارة الذاتية»

أطفال في مخيم «الهول» للنازحين بمحافظة الحسكة في أبريل الماضي (رويترز)
أطفال في مخيم «الهول» للنازحين بمحافظة الحسكة في أبريل الماضي (رويترز)

أفادت تقارير إعلامية، أمس الأحد، بأن الحكومة السورية قدمت لقوى شمال شرقي البلاد مشروع «الإدارة المحلية»، لتدار وفقه المناطق التابعة لها.
ونقلت صحيفة «الوطن» المحلية، عن عضو مجلس الشعب السوري نواف الملحم، قوله إن وفداً من دمشق يضم أحزاباً وأعضاء في مجلس الشعب، قدم لشخصيات وقوى في شمال شرقي سوريا مشروع «الإدارة المحلية» الموجود في الدستور السوري لعام 2012، لتدار وفقه تلك المناطق، موضحاً أن تلك القوى لم ترفض المشروع وبالوقت ذاته لم تعطِ موافقتها عليه. وكشف أن وفد دمشق يضم كلاً من منسق لجنة متابعة الحوار الوطني من «حزب البعث العربي الاشتراكي»، فيصل عزوز، وأمين عام «حزب التضامن» المرخص، محمد أبو قاسم، وعضو المكتب السياسي في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» طارق الأحمد، ورئيس «تيار التغيير السلمي» المعارض، فاتح جاموس، وأمين عام «حزب الشباب للبناء والتغيير» المرخص، بروين إبراهيم.
وعقد الوفد اجتماعاً في القامشلي، السبت، مع وفد من شخصيات وقوى كردية وعربية وسريانية في شمال شرقي البلاد (شرق الفرات)، ضم عضو المجلس العام لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» صالح مسلم، وعضو «حزب الاتحاد السرياني» جوزيف لحدو، ورئيس «حزب اليسار الكردي» محمد موسى، وعضو «حزب الوحدة» مصطفى مشايخ، وعضو العلاقات العامة عبد الإله عربو، بحسب وكالة الأنباء الألمانية التي نقلت الخبر.
تجدر الإشارة إلى وجود «إدارة ذاتية لشمال وشرق سوريا»، وهي منطقة أُنشئَ فيها حكم ذاتي بحكم الأمر الواقع، وتسيطر على المنطقة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي يشكل الأكراد أبرز مكوناتها.
هذا وقد أضاف التقرير قول الملحم إن اللقاء الذي عقد أول من أمس: «جاء بعد لقاءات سابقة تنسيقية بيننا وبينهم، وجدنا خلالها أن هناك ما يجمعنا من أفكار وطنية وثوابت وطنية». وأوضح أنه في اللقاءات السابقة «كان المشاركون يؤكدون أننا نحن سوريون، لنا حقوق كأي فرد سوري، وللوطن واجبات علينا كما على الآخرين، ونحن لسنا انفصاليين، ونحمي حدود سوريا، وطهرنا شمال شرقي البلاد (من الإرهاب)، وقاتلنا وقدمنا الشهداء وضحينا» على حد قوله.
ولفت الملحم إلى أنه «في اللقاءات السابقة، طرحوا مشروع (ما يسمى) الإدارة الذاتية، ونحن سلمناهم مشروع الإدارة المحلية، لنتناقش في هذين المشروعين. هم لم يعطوا رفضاً أو موافقة على قبول مشروع الإدارة المحلية، ونحن كذلك لم نعطِ الموافقة أو الرفض على مشروع (ما يسمى) الإدارة الذاتية. نحن اتفقنا أن نبحث النقاط الإيجابية، إن كانت في الإدارة المحلية وإن كانت في الإدارة الذاتية، وتكون بيننا ورقة نتفق معهم عليها، وتقدم للحكومة السورية».
يذكر أن قيادياً كردياً سورياً أكد الخميس أن رئيس مكتب الأمن القومي في النظام السوري، اللواء علي مملوك، وصل إلى مطار القامشلي بهدف اللقاء مع بعض الشخصيات الاجتماعية، وكذلك وجهاء العشائر من كافة المكونات.
وكان مصدر مطلع قد صرح لـ«باسنيوز»، (وهو موقع كردي عراقي)، أن رئيس مكتب الأمن القومي في النظام السوري اللواء علي مملوك، طلب خلال لقائه بالعشائر العربية في الحسكة، سحب أبنائهم من صفوف «قوات سوريا الديمقراطية».
ولفت الموقع إلى أن زيارات وفود النظام إلى القامشلي، تأتي بعد أن قامت «قوات سوريا الديمقراطية» بتسليم ثلاث بلدات جديدة (عين عيسى، وتل تمر، وعامودا) إلى الشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام السوري.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.