تبادل قصف محدود في غزة مع انتهاء مباحثات التهدئة في مصر

«حماس» طلبت وقتاً أطول للتشاور... و«الجهاد» رفضت المقترح بصيغته الحالية

آثار الضربة الجوية الإسرائيلية على غزة فجر الأحد (أ.ف.ب)
آثار الضربة الجوية الإسرائيلية على غزة فجر الأحد (أ.ف.ب)
TT

تبادل قصف محدود في غزة مع انتهاء مباحثات التهدئة في مصر

آثار الضربة الجوية الإسرائيلية على غزة فجر الأحد (أ.ف.ب)
آثار الضربة الجوية الإسرائيلية على غزة فجر الأحد (أ.ف.ب)

أغارت طائرات إسرائيلية على مواقع تابعة لحركة حماس في قطاع غزة، ردا على إطلاق صواريخ من القطاع، في تصعيد محدود جديد أثار مخاوف حول إمكانية نجاح وضع اتفاق تهدئة طويل الأمد في القطاع.
وقصفت الطائرات الإسرائيلية، مواقع تابعة لكتائب القسام، الذراع العسكري لحركة حماس في وقت مبكر الأحد، بعد ساعات على إطلاق ناشطين فلسطينيين أربعة صواريخ من القطاع.
وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، بأن «مقاتلات ومروحيات حربية أغارت على عدد من الأهداف الإرهابية ومن بينها قاعدة عسكرية تابعة لمنظمة حماس على جميع منشآتها: مستودعات، مكاتب ومواقع حراسة. كما تم تدمير موقع عسكري تابع للقوة البحرية التابعة لحماس في شمال قطاع غزة». وأضاف «جاءت الغارات رداً على إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة نحو إسرائيل».
وحمل الجيش الإسرائيلي، حركة حماس، مسؤولية ما يجري في قطاع غزة أو ينطلق منه «وكذلك تداعيات الاعتداءات ضد مواطني إسرائيل». وهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بضربات أشد مما كان الوضع عليه قبل ثلاثة أسابيع عند اغتيال القيادي في الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا وعشرات النشطاء. وأضاف «أن ما جرى ما هو إلا النذر اليسير مما سينتظرهم».
وأكد مسؤولون فلسطينيون قصف مواقع حماس وقالوا بأن الغارات تسببت بإصابة فلسطينيين بجراح. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن في ساعة متأخرة من مساء السبت، أن أربعة صواريخ أطلقت من غزة نحو مستوطنات الغلاف، قبل أن تعترض منظومة القبة الحديدية ثلاثة منها بينما سقط الرابع في الخلاء. وسمعت صافرات الإنذار في المناطق الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة وأعلن المتحدث باسم نجمة داود الحمراء أنه تمت معالجة ثلاثة إسرائيليين أصيبوا بصورة طفيفة وهم في طريقهم إلى الملاجئ.
وجاءت التطورات بعد نهاية أسبوع متوتر على طول حدود غزة. وشارك نحو 4000 فلسطيني في احتجاجات على طول حدود غزة يوم الجمعة. وقالت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة إن 27 فلسطينيا أصيبوا في المظاهرات.
وفي يوم السبت قال الجيش إن القوات الإسرائيلية اعتقلت اثنين من المشتبه بهم عبروا السياج الحدودي في جنوب غزة إلى إسرائيل. وقال الجيش إن الاثنين كانا مسلحين وتم احتجازهما لاستجوابهما.
ويعتقد أن مسلحين مناهضين لحكم حماس أو غير راضين عن التهدئة يهدفون إلى إحراج الحركة التي لم تشترك في جولة القتال الأخيرة بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي. ولا تسعى إسرائيل وحماس إلى مواجهة جديدة، ويتضح ذلك من تعمد إسرائيل ضرب مواقع مفتوحة وامتناع حماس عن الرد.
ويعزز تجنب إسرائيل وحماس التصعيد، محاولات مصرية للتوصل إلى اتفاق تهدئة طويل الأمد. واجتمع مسؤولو المخابرات المصرية الأسبوع الماضي مع قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي من أجل وضع اتفاق تهدئة طويل الأمد موضع التنفيذ، لكن حماس طلبت وقتا أطول للتشاور، فيما سربت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجهاد رفض مقترح تهدئة طويلة بصيغته الحالية.
وأصدرت كل من حماس والجهاد بيانين حول المباحثات في مصر، ركزت فيه حماس على مباحثات التهدئة وتجاهلتها الجهاد. وقالت حركة حماس، أمس، بأن الوزير عباس كامل رئيس المخابرات المصرية التقى وفداً مشتركاً من قيادتي حماس والجهاد. وقال بيان صادر عن إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، بأن قيادة حماس أكدت على مركزية الدور المصري في القضية الفلسطينية ومحوريته في كافة الملفات ذات الصلة. معبرة عن شكرها للتسهيلات التي شهدها معبر رفح وحركة السفر خلاله، والنشاط التجاري من مصر للقطاع. متمنين معالجة بعض الأوضاع والتفاصيل التي تم استعراضها في هذا الجانب انطلاقاً من مكانة مصر وعلاقتها التاريخية مع القطاع، حيث وعد المسؤولون في مصر تقديم المزيد من الجهود.
وجاء في البيان «تم التطرق للتفاهمات وسبل تفعيلها حيث شدد وفد حماس على ضرورة أن يقوم الاحتلال بتنفيذ كافة التزاماته لوضع حد لمعاناة أهل قطاع غزة وإنهاء حصارهم الظالم وذلك عبر تنفيذ المشاريع الإنسانية التي تتعلق بحياة الناس وحريتهم خاصة أن الفصائل أبدت مسؤولية عالية وهي تدير مسيرات العودة وكسر الحصار والالتزام بما هو مطلوب منها في إطار هذه التفاهمات». وحذرت حماس خلال اللقاءات من تداعيات تلكؤ الاحتلال وبطئه في هذا الجانب. وأكدت حماس أنها اتفقت مع الجهاد على «أن استمرار العمل بالتفاهمات من قبل الفصائل مرهون بسلوك الاحتلال في الميدان ووقف إطلاق النار على المشاركين في المسيرات وبتنفيذ المطلوب منه».
لكن الجهاد أصدرت بيانا، أكدت فيه على «ضرورة مواجهة العدو، خاصة أن العدوان ما زال يستهدف المدنيين السلميين في مسيرات العودة». كما أكدت الحركة حرصها على وحدة شعبنا في مواجهة ما يسمى «صفقة القرن»، التي تستهدف تصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية. وقالت الجهاد في بيان بأنه «فيما يتعلق بالعلاقة مع حركة حماس، أكدنا على عمق العلاقة بين الحركتين والحرص على مزيد من التعاون والتنسيق لحماية مشروع المقاومة وحق شعبنا وقوى المقاومة في التصدي لكامل أشكال العدوان الذي لم يتوقف يوماً وكذلك أهمية استمرار مسيرات العودة وتفعيل الغرفة المشتركة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».