سو تشي إلى «لاهاي» لـ«الدفاع» عن حملة بلادها الدموية ضد الروهينغا

الحائزة «نوبل» للسلام اتهمت بدعم «إبادة» الأقلية المسلمة

سو تشي لدى حضورها قمة آسيان في بانكوك في 3 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
سو تشي لدى حضورها قمة آسيان في بانكوك في 3 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

سو تشي إلى «لاهاي» لـ«الدفاع» عن حملة بلادها الدموية ضد الروهينغا

سو تشي لدى حضورها قمة آسيان في بانكوك في 3 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
سو تشي لدى حضورها قمة آسيان في بانكوك في 3 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

كان ينظر إليها كرمز للسلام والديمقراطية في العالم، حتى أصبحت اليوم تواجه اتهامات بالتواطؤ مع حملة دموية قد ترقى إلى «إبادة» ضد أقلية الروهينغا المسلمة. وفاجأت مستشارة الدولة البورمية أونغ سان سو تشي المراقبين بإعلانها الحضور شخصيا للدفاع عن سياسات بلادها العنيفة تجاه الأقلية المسلمة، في محكمة العدل الدولية بلاهاي انطلاقا من يوم غد الثلاثاء.
ودعت غامبيا، باسم 57 دولة مسلمة، محكمة العدل الدولية في 10 ديسمبر (كانون الأول) إلى الإعلان عن تدابير موقتة بهدف منع حصول أي إبادة جديدة في ميانمار. وتؤكد غامبيا، البلد الصغير ذو الغالبية المسلمة في غرب أفريقيا، أن ميانمار انتهكت اتفاقية الأمم المتحدة حول الإبادات بقمعها الدموي لأقلية الروهينغا قبل عامين، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وفرّ نحو 740 ألفا من الروهينغا إلى مخيمات آخذة بالتوسع في بنغلادش، حاملين معهم شهادات عن عمليات القتل والاغتصاب والحرائق المفتعلة التي طالتهم، وهي انتهاكات اعتبر محققون في الأمم المتحدة أنها ترقى لمستوى إبادة والتطهير العرقي.
في المقابل، تقول ميانمار إن تلك العمليات كانت تستهدف «مقاتلين»، وتصرّ على أن الادعاءات بوقوع انتهاكات هي موضوع تحقيق في البلاد لدى لجان معنية. لكن المجموعات المدافعة عن حقوق الإنسان تؤكد أن تلك اللجان لا تقوم سوى بتلميع صورة الانتهاكات.
واتّهم فريق الأمم المتحدة كذلك سو تشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام وحكومتها بالتواطؤ في العنف، ما يمثل سقوطاً مدوياً لشخصية اعتبرت يوماً أيقونة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وقضت 15 عاماً قيد الإقامة الجبرية في ظل الحكم العسكري السابق في البلاد. لكنها رفضت بشكل قاطع الانتقادات الموجهة ضد الجيش البورمي، ومن بينها التقرير الدامغ الصادر عن الأمم المتحدة، بحجة أن العالم الخارجي «لا يفهم» مدى تعقيد الوضع الداخلي.
والتنازل الوحيد الذي قدمته سو تشي هو اعترافها الخجول خلال المنتدى الاقتصادي الدولي العام الماضي بأنه «كان يمكن إدارة الوضع بشكل أفضل»، غير أن ذلك لم يضع حدا للانتقادات. وينقسم المراقبون إزاء الأسباب التي دفعت سو تشي لوضع نفسها تحت الأضواء مجددا. فيرى البعض أن حماية الجيش في هذه القضية قد يسمح للزعيمة البورمية بالحصول على تنازلات متعلقة بالدستور الذي وضعه الحكام العسكريون للبلاد.
وبحسب المحلل السياسي مونغ مونغ سو، «ستكون هناك مفاوضات وتنازلات أكثر بين الحكومة والجيش»، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. لكن آخرين يرون أن هذه الخطوة ليست سوى مناورة لاستقطاب الناخبين قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل، والتي يتوقع أن يفوز بها حزب سو تشي «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية».
وأعلن خين يي من حزب «الاتحاد للتضامن والتنمية» المعارض والمرتبط بالجيش أن «غالبية الأحزاب السياسية تعتقد أن (حزب سو تشي) سوف يستفيد من الانتخابات». من جهته، رأى آي لوين من المركز الإسلامي في رانغون، أن سو تشي «تقوم بما يجب القيام به» عبر تحملها شخصياً المسؤولية والذهاب إلى لاهاي، حيث سيكشف تماماً عن حجم الانتهاكات المرتكبة. وأضاف أن «الأمر لا يتعلق بالربح والخسارة، بل بكشف الحقيقة ورفع الظلم».
ورفعت في جميع أنحاء ميانمار لافتات كبيرة تحمل صورا لأونغ سان سو تشي وكتب عليها «نحن إلى جانبك». ويقوم مناصرو سو تشي بدعمها عبر طباعة شعارات مؤيدة لها على قمصان، وتنظيم تجمعات وحجز رحلات إلى لاهاي لإظهار تأييدهم لها.
وعززت الأحزاب السياسية في البلاد وكذلك بعض المجموعات المتمردة المسلحة جهودها لإبراز الدعم للمستشارة، في بلد لا تحظى فيه أقلية الروهينغا بالكثير من التعاطف ويعتبر أبناؤها «مهاجرون غير شرعيين».
لكن في الخارج وخصوصا في الغرب والعالم الإسلامي، ينظر لـ«سيدة رانغون» التي اعتبرت في يوم من الأيام رمزاً للسلام مثل الماهاتما غاندي ونيلسون مانديلا، بأنها مدافعة عن منظمة عسكرية دموية تريد القضاء على المسلمين الروهينغا في ميانمار. ولذلك، حرمت سو تشي من العديد من الامتيازات التي منحت لها، كما سحبت منها جنسيتها الكندية.
وإن كان مشهد دفاع سو تشي عن بلادها أمام محكمة دولية سيلقى أصداء إيجابية محلياً، فإنه سيشكل ضربة قاضية لما تبقى من سمعتها الدولية. وأوضح ديفيد ماتيسون، المتخصص في حقوق الإنسان والمستقر في رانغون، لوكالة الصحافة الفرنسية «إن لم تستغل هذه الزيارة سوى لتحدي العالم ومواصلة الدفاع عما لا يمكن تبريره، فسيزداد المأزق تعقيداً».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».