رادار محمول يسهل الرؤية لأصحاب الإعاقة البصرية

نجح فريق بحثي في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، بالتعاون مع علماء من مركز الأبحاث التقنية في فنلندا (VTT)، في تصميم رادار مضغوط منخفض التكلفة، له تطبيقات محتملة في مجالي الرعاية الصحية والأمن الشخصي.
رادار «بصري»
ومنذ أن حصل الاسكوتلندي، روبرت واطسون واط على براءة اختراع الرادار في عام 1935 استخدمت هذه التقنية خلال العقود الماضية في تكنولوجيا الطيران والأغراض الدفاعية وكاميرات مراقبة السرعة. أما اليوم فقد أصبح محتملاً أن يعتمد عليها أصحاب الإعاقة البصرية في الرؤية، ورصد الأهداف المتحركة بدقة، وتقدير السرعات، والتعقب لنطاقات تصل إلى 12 متراً.
تقدم أجهزة الرادار وهي عبارة عن مستشعرات كهرومغناطيسية، معلومات مفصلة عن حجم الأجسام المتحركة ومسافتها وسرعتها، غير أن التطبيقات قريبة المسافة، تحتاج أن تكون موجات الراديو المرسلة ذات أطوال موجية قصيرة لكي تلتقط أكبر قدر ممكن من التفاصيل المتعلقة ببيئاتها المباشرة، لذلك يمكن لأجهزة الاستشعار المطورة أن تساعد أصحاب الإعاقات البصرية والأجهزة المتحركة من دون تدخل بشري على الرؤية من خلال تحويل انعكاسات الرادار إلى معلومات مفيدة.
«إن وحدات الرادار الحالية تتسم بضخامة الحجم، وتغفل أيضاً عن التقاط تفاصيل مهمة نظراً لأنها تعمل باستخدام موجات الراديو الطويلة»، وفقا لما قاله سيف الله جارداك، أحد الباحثين القائمين على المشروع الذي قام بالبحث تحت إشراف الدكتور ساجد أحمد والبروفسور محمد سليم علويني من كاوست إلى جانب الدكتور تيرو كيورو والباحث ميكو ميتسو من مركز الأبحاث التقنية في فنلندا، حول الفرق بين وحدات الرادار الحالية والنموذج التطبيقي الجديد.
وتابع موضحاً «أردنا أن نطور راداراً محمولاً منخفض الطاقة. وقد قدم الزملاء من مركز الأبحاث التقنية الخبرة اللازمة في مجال الموجات الملليمترية، وتصميم المعدات الحاسوبية، بينما وجهت تركيزي على عملية معالجة الإشارات وتطوير برمجيات الرادار التركيبية».
وأجرى النموذج التجريبي الأول مسحاً واحداً كل ثانيتين، مما جعل من الصعب الحصول على مدخلات كافية، مما دفع جارداك إلى العمل على رفع كفاءة وحدات معالجة الإشارات، وتحسين الأداء ليصل إلى ثمانية مسوح في الثانية الواحدة، وهو جهد أسفر عن الرصد الآني بشكل أفضل.
دقة حساب المسافة
ويعمل النموذج الجديد بنظام التضمين الترددي والموجات المستمرة، مما يعني أن هذا الرادار ينتج نبضات مستمرة من موجات الراديو ذات الطول الموجي الملليمتري أو الموجات فائقة العلو، حيث يقاس طول الموجة المغناطيسية في نطاق هذا التردد بالملليمتر، وتتميز تلك الموجات ذات الطول الموجي القصير بدقة حساب الوقت المستغرق في وصول النبضات إلى الجسم وارتدادها مرة أخرى، وبالتالي دقة حساب المسافة التي يبعد فيها الجسم.
وحول الجهاز المطور، يقول جارداك، إنه يوضع داخل صندوق يبلغ طوله 10 سنتيمترات، ويزن أقل من 150 غراما، ويعمل ببطارية ذات جهد 5 فولت. وتشير الاختبارات المبدئية إلى قدرة الجهاز على رصد الأهداف وتقدير السرعات والتعقب لنطاقات تصل إلى 12 متراً، حتى إن الفريق البحثي قد استخدمه للكشف عما إذا كان شخص يتنفس أثناء جلوسه على مقعد.
ويشير جارداك إلى أنه وفي سبيل تقليص حجم المنظومة، تم اختيار تردد تشغيل يبلغ 24 غيغاهرتز، وهو ما مكن من تقليل حجم الهوائي الشريطي الدقيق.
والهوائي الشريطي الدقيق عبارة عن شريط صغير الحجم تم صنعه من مادة موصلة تتميز بصغر حجمه وخفة وزنه يوضع على الدائرة الإلكترونية داخل أجهزة الاتصالات الإلكترونية، ويستخدم كثيراً في التليفونات المحمولة.
بالإضافة إلى ذلك يوضح جارداك أن التصميم به هوائي واحد للإرسال وهوائيان اثنان للاستقبال، مما يعني قدرة التصميم على تقدير الموقع الزاوي للهدف على نحو أفضل. علما بأن الموقع الزاوي هو المسافة من مركز المدار التابع لمحور الدوران إلى نقطة ما في الجسم الدائر. يختم جارداك حديثه بقوله: «قد يكون نموذجنا التجريبي مفيداً كذلك في تطبيقات مثل الروبوتات والمروحيات الرباعية غير المزودة بطواقم بشرية، حيث تدعو الحاجة إلى وجود نظام لتفادي الاصطدامات».