خسائر الخزينة 400 مليون دولار منذ بدء الحراك الشعبي

أزمة الدولار انعكست تراجعاً كبيراً في مداخيل الدولة

TT

خسائر الخزينة 400 مليون دولار منذ بدء الحراك الشعبي

تراجعت مداخيل الدولة اللبنانية بشكل كبير منذ انطلاق الحراك الشعبي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) كنتيجة مباشرة لأزمة شح الدولار وتدهور سعر صرف الليرة، ما انعكس تراجعاً في حركة الاستيراد وبالتالي في العائدات الجمركية.
وفيما رجح خبراء اقتصاديون أن تكون خسائر الخزينة فاقت الـ400 مليون دولار خلال نحو 50 يوماً، نبهوا من إمكانية اتجاه المواطنين لعدم دفع ضرائبهم في إطار عصيان مدني يؤدي لمزيد من التدهور المالي والاقتصادي.
واعتبر الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة أن ما نقل عن وزير المالية علي حسن خليل لجهة أن مداخيل الدولة منذ 17 نوفمبر (تشرين الثاني) معدومة، يحتمل التشكيك، من منطلق أن النشاط الاقتصادي ورغم تراجعه بشكل كبير فإنه لم يتوقف كلياً وبالتحديد في قطاع الاتصالات، بحيث لم يتوقف اللبنانيون عن استخدام هواتفهم، كما في قطاع المواصلات حيث ظلوا يعتمدون على مادة البنزين للتنقل. وأشار عجاقة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى تقديرات أولية بخسائر فاقت الـ400 مليون دولار نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي، موضحاً أن الخسائر التي مني بها القطاع الخاص ستنعكس مباشرة على القطاع العام، بحيث تتجه شركات كثيرة لعدم دفع ضرائب الدخل، أضف أن الضريبة على القيمة المضافة ستنخفض أيضاً انسجاماً مع انخفاض النشاط الاقتصادي. وأضاف: «لكن تحميل الثورة مسؤولية ما يحصل من ترد للوضع ليس بمكانه على الإطلاق، إذ إن ما حصل من قطع طرقات وإضرابات عجّل بتظهير الأزمة لكنه لم يكن المسبب لها، أضف أن أزمة الدولار كان لها الوقع الأكبر على عمليات الاستيراد»، لافتاً إلى أن المشكلة الأساسية هي في السياسات الاقتصادية التي تم اعتمادها خلال العقود الماضية التي لم تعمل على بناء اقتصاد منتج يؤمن حداً أدنى من الاكتفاء، وإلا كيف نفسر أننا نستورد 85 في المائة من المواد الغذائية التي نستهلكها؟».
وتحدثت معلومات عن أن العائدات من الرسوم التي تتقاضاها الجمارك تراجعت في الشهرين الأخيرين بنسبة 40 في المائة، مرجحة تسجيل خسارة 400 مليون دولار نسبة إلى عائدات عام 2018 التي بلغت 3 مليارات دولار. وأشارت إلى أنه وبعدما كان المرفأ يستقبل نحو 750 مستوعباً في اليوم انحدر هذا الرقم ليبلغ 50 فقط.
وليس التدهور الحاصل على صعيد مداخيل الرسوم الجمركية مرتبطا حصرا بالحراك الشعبي، إذ تظهر بيانات البنك الدولي أن نسبة هذه المداخيل من إجمالي مداخيل الدولة انخفضت من 60.18 في المائة في عام 1997 إلى 6.04 في المائة في عام 2017، كما انخفضت قيمة هذه الرسوم من 1.16 مليار دولار في عام 1997 إلى 492 مليون دولار في عام 2017، أي بانخفاض 57 في المائة. ورد عجاقة هذا الانخفاض إلى معاهدات التبادل التجاري الحرّ والتهرب الجمركي الذي يتمّ على حد سواء عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية.
وبحسب الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، فإن مداخيل الدولة ككل تراجعت بنسبة 40 في المائة منذ 17 نوفمبر الماضي لكنها لم تنعدم، إذ ظل اللبنانيون يشترون البنزين ويسافرون ويستخدمون الهاتف الخلوي، موضحاً أن الرسوم العقارية تراجعت مع تراجع عمليات البيع والشراء تماماً كالرسوم التي تتقاضاها الدولة من المعاينة الميكانيكية. ورجح شمس الدين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يتأخر الكثير من اللبنانيين عن دفع مستحقاتهم وبخاصة الضرائب التي تدفع آخر السنة على الدخل»، وهو ما نبّه عجاقة من خطورته، لافتاً إلى أن اتجاه المواطنين لعدم دفع ضرائبهم في إطار عصيان مدني سوف يؤدي لمزيد من التدهور المالي والاقتصادي.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.