«الجيش الوطني» الليبي يصعّد القتال في طرابلس... وروسيا تنفي إرسال «مرتزقة»

وزير خارجية السراج يعبر عن مخاوفه من تعرض قوات حكومته للهزيمة

TT

«الجيش الوطني» الليبي يصعّد القتال في طرابلس... وروسيا تنفي إرسال «مرتزقة»

قالت مصادر عسكرية في الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن القوات بدأت في تصعيد عملياتها العسكرية لتحرير العاصمة طرابلس، بعد نحو 9 شهور من القتال ضد الميلشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، الذي دافع مجددا عن اتفاقه المثير للجدل مع تركيا، بينما عبر وزير خارجيته أمس، عن خشيته من سقوط طرابلس في أيدي قوات الجيش.
وتوعد مسؤول رفيع المستوى في الجيش الوطني بإفشال محاولات تركيا تدشين «خط بحري رائع مع ليبيا»، بحسب تصريح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان. وقال المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه: «أيام حكومة السراج في طرابلس باتت معدودة، وبإسقاطها تسقط أي اتفاقية أبرمتها مع أي دولة أخرى، بما في ذلك تركيا».
ميدانيا، أعلنت أمس شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، أن مقاتلات سلاحه الجوي شنت أمس أكثر من ست غارات جوية على مواقع لمجموعات الحشد الميليشياوي، في إشارة إلى قوات السراج بمحاور العاصمة. وأوضحت مصادر عسكرية أن هذا القصف «بمثابة تمهيد لسلسلة عمليات برية ستنفذها قوات الجيش الوطني»، التي استعدت لحرب شوارع منذ الأسبوع الماضي.
وعبر محمد سيالة، وزير الخارجية بحكومة السراج، عن مخاوفه من تعرض قوات حكومته للهزيمة، وقال أمس في تصريحات تلفزيونية: «أخشى أن طرابلس قد تسقط».
بدوره، قال فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، مساء أول من أمس، إن حكومته ستضع آلية لإعادة دمج المسلحين في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، ولكن بعد أن تهدأ الأوضاع.
وتابع موضحا: «نحن بصدد التفكير في استراتيجية أمنية لليبيا، ولن يكون لخليفة حفتر دور في مستقبلها، مثلما أكدنا ذلك عددا من المرات».
وادعى أغا أن قوات الجيش الوطني، التي زعم أنها تستعين بمرتزقة من روسيا، لن يدخلوا العاصمة، مشددا على أن حكومته ستنتصر في معركة الدفاع عن طرابلس، وكرر ادعاءات حكومته بأن وجود مقاتلين من شركة «فاغنر» كان بعلم الحكومة الروسية، رغم نفيها الرسمي دعمها للمشير حفتر.
وأضاف أغا: «زيارتنا لقطر كانت ناجحة، وسنطور علاقتنا معها، وكذلك مع تركيا لإنجاح هذا التحالف»، معتبرا أن «مذكرة التفاهم مع تركيا ستقوي حكومة الوفاق، وستعزز قدراتها في صد العدوان».
في سياق ذلك، قال الصادق الكحيلي، رئيس مجلس النواب الليبي، المنعقد في طرابلس، أمس، إن توقيع مذكرة التفاهم مع تركيا «حق أصيل للمجلس الرئاسي، اعتمادا على الاتفاق السياسي»، حسبما أفادت وكالة «أخبار ليبيا 24».
وأضاف الكحيلي في مؤتمر صحافي حول المذكرة الليبية - التركية، أن المذكرة «لا تمس مصالح أي دولة أخرى، وتتفق مع القوانين الدولية». موضحا أن موقف رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح من الاتفاق «هو موقف شخصي ولا يلزم أحدا».
من جهة ثانية، رجحت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» مسؤولية الدفاعات الجوية الروسية عن إسقاط طائرة أميركية مسيرة وغير مسلحة، فُقدت قرب العاصمة الليبية الشهر الماضي وطالبت بعودة حطامها.
ونقلت وكالة «رويترز» عن الجنرال ستيفن تاونسند، قائد «أفريكوم»، أنه يعتقد أن من كان يدير الدفاعات الجوية في ذلك الوقت «لم يكن يعلم أنها طائرة أميركية مسيرة عندما أطلق النار عليها... لكنه يعلم الآن بالتأكيد ويرفض إعادتها. هو يقول إنه لا يعلم مكانها، لكنني لا أصدق هذا».
بدوره، قال الكولونيل كريستوفر كارنز، المتحدث باسم أفريكوم، إن الولايات المتحدة تعتقد أن من كان يدير الدفاعات الجوية أطلق النار على الطائرة الأميركية، بعدما «ظن على سبيل الخطأ أنها طائرة مسيرة للمعارضة».
كما نقلت الوكالة عن مسؤول في حكومة السراج أن مرتزقة من روسيا هم المسؤولون، فيما يبدو، عن ذلك، حيث قال محمد علي عبد الله، مستشار الشؤون الأميركية في الحكومة، إن الطائرة المسيرة سقطت بالقرب من ترهونة، المعقل الموالي للجيش الوطني الليبي، والواقع على بعد 65 كيلومتراً جنوب شرقي طرابلس.
وبعدما ادعى المسؤول الليبي أنه تم نشر أكثر من 1400 مرتزق روسي مع الجيش الوطني الليبي، أضاف موضحا أن «الروس فقط هم الذين يمتلكون هذه القدرة، وهم يعملون في المكان الذي أسقطت فيه».
من جانبه، وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف وجود مرتزقة روس في ليبيا بـ«الشائعات»، فيما تنفي السلطات الروسية استخدام متعاقدين عسكريين في أي ساحة قتال خارجية. كما ينفي الجيش الوطني الليبي تلقيه أي دعم أجنبي.
كما انتقد لافروف غياب الأحزاب السياسية الليبية عن المؤتمر، المقرر قريبا عقده في برلين حول النزاع في ليبيا، وقال إن مؤتمر برلين «فاجأني بعدم دعوة الأحزاب الليبية ودول الجوار، وهو بالتالي فرصة ضائعة»، مرحبا بـ«مبادرة» المستشارة أنجيلا ميركل، مضيفا: «آمل في أن نحرز تقدما في المستقبل مع مقاربة أكثر شمولية».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.