مخاوف على حركة الملاحة بعد سيطرة الحوثيين على الحديدة وجزيرة بريم

أي خرق لـ«اتفاقية جامايكا» لباب المندب بمثابة إعلان حرب

مخاوف على حركة الملاحة بعد سيطرة الحوثيين على الحديدة وجزيرة بريم
TT

مخاوف على حركة الملاحة بعد سيطرة الحوثيين على الحديدة وجزيرة بريم

مخاوف على حركة الملاحة بعد سيطرة الحوثيين على الحديدة وجزيرة بريم

ينتاب المجتمع الدولي قلق حيال الأوضاع الراهنة في اليمن، خاصة بعد أن سيطرت «جماعة الحوثيين» المسلحة على مدينة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، وأشرفت من خلال إحدى الجزر (بريم) على مضيق باب المندب، وإذا اتخذت خطوات تعرقل الملاحة الدولية.
ويرى مختصون أن أي عمل متطرف يؤدي إلى خرق اتفاقية «جامايكا» التي سعت الأمم المتحدة إلى توقيعها بين الأطراف كافة في 1982 ودخلت حيز التنفيذ في نوفمبر (تشرين الثاني) 1994، من قبل «جماعة الحوثيين» في حال سيطرتهم على باب المندب، أو تغير في سياسة الملاحة الدولية وتنظيم الممرات المائية الدولية، سيقود إلى نتائج لا يمكن إدراك عواقبها من ناحية تهديدها للسلم والأمن الدوليين.
وأرجع المختصون سبب ذلك، إلى عدة عوامل؛ في مقدمتها تأثر اقتصادات العالم جراء هذا العمل، والمتمثل في رفع تكلفة فاتورة نقل البضائع؛ إذ ستعمد الدول إلى عملية دوران مكلفة للدخول والخروج من المحيط الأطلنطي، إضافة إلى طول الفترة الزمنية وارتفاع تكلفة الشحن إلى نحو 100 في المائة، وهو ما سيتسبب في صعوبة عملية التصدير والاستيراد من دول إلى دول أخرى.
ويستمد مضيق باب المندب، الذي يقع في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ويربط بين المحيط الهندي وخليج عدن من جانب، ومن جانب آخر البحر الأحمر وقناة السويس، أهمية من وجود قناة السويس، ومن ثم ممر هرمز المفتوحين للملاحة البحرية ونقل البضائع، ومن ذلك ناقلات النفط حول العالم، وفي حال تأثر هذه الممر الملاحي المهم، فإن كثيرا من الدول ستتضرر جراء أي تعديل في السياسة العامة للمضيق.
وقال الدكتور عبد الله العسكر رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يمكن للحوثيين إغلاق أو التصرف في مضيق باب المندب بشكل عشوائي، وأي تحرك في هذا الجانب وإن كانت هناك قوة داعمة له على الأراضي اليمنية، سيكون بمثابة إعلان حرب. وأضاف العسكر أن جماعة الحوثيين جماعة مخالفة للقوانين الدولية، ولا يمكنها أن تتدخل في طرق الملاحة الدولية، فهي لا تخضع للإرادة السياسية، وإنما لأنظمة عالمية وتقنية في إدارة مثل هذه المواقع، التي لا تمتلكها هذه الجماعة، كما أنها؛ أي الجماعة، لا يمكنها السيطرة على ممرات دولية مثل قناتي السويس، وبنما، وإذا فعلت، فستكون النتائج سلبية. وعن الدور الإيراني في دفع الحوثيين للسيطرة على المضيق، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشورى، إن إيران تقوم بدعم الحوثيين، ولا أعتقد أنها ستندفع للدخول مباشرة على الأراضي اليمنية في الوقت الراهن لأنها ستحارب على عدة جبهات، وستتورط بالدخول المباشر وسيكون هذا العمل انتحارا للحكومة الإيرانية، لافتا إلى أن السيطرة على المضيق من الناحية التقنية والعسكرية غير واردة ومن الصعب قيام هذه الجماعة بهذه الأعمال.
ويختصر مضيق باب المندب مع قناة السويس طرق التجارة بين الغرب والشرق، خاصة بين أوروبا وآسيا، كما أنهما يشكلان الممر المائي الأساسي بين الخليج العربي وخليج عمان، والبحر المتوسط، وهو ما يصعب السيطرة عليه والتحكم في الناقلات ومنها النفط المتجه لدول العالم، وما ذهب إليه محمد السعيد الخبير الاستراتيجي في الملاحة الدولية، الذي استبعد أي تحرك عشوائي من قبل الجماعة يضر بالمصالح العالمية، وفي حال حدث ذلك، فستكون هناك عواقب كارثية على التجارية الدولية.
وأكد الخبير في الملاحة الدولية، أن تحرك الحوثيين نحو المضيق وتغيير مساراته أو فرض أجندة محددة، سيتأثر به المجتمع الدولي الذي تتحرك تجارته عن طريق قناة السويس، ومن ثم باب المندب، وخليج عدن، وإلى المحيط، وإغلاق أحد المنافذ أو السيطرة عليه سيغير خارطة الملاحة؛ إذ ستعمد السفن للخروج عن طريق المحيط الأطلنطي، نحو جنوب أفريقيا، وتعود هذه الناقلات مرة أخرى للمحيط الأطلنطي للمرور على الدول المستفيدة.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».