منفذ اعتداء جسر لندن خدع الأمن بتوبة كاذبة

أسئلة حول جدوى إعادة دمج الإرهابيين في المجتمع

عثمان خان (شرطة ويست ميدلاند)
عثمان خان (شرطة ويست ميدلاند)
TT

منفذ اعتداء جسر لندن خدع الأمن بتوبة كاذبة

عثمان خان (شرطة ويست ميدلاند)
عثمان خان (شرطة ويست ميدلاند)

«لقد أدركت أن العديد من معتقداتي الماضية جاءت من تفسيراتي الخاطئة للإسلام. كان هناك الكثير من الفجوات في علمي، لكنني الآن أسير في طريق قويم، وفي سبيلي لأتعلم كيف أكون مسلما صالحا. فقط أريد فرصة لأثبت لكم أنني لن أتسبب في ضرر لأحد في مجتمعنا»، هذا كان نص الرسالة التي كتبها الشاب إلى الضباط المكلفين بمراقبته.
ويوم الجمعة الماضي، سافر كاتب هذه الكلمات، عثمان خان، البالغ من العمر 28 عامًا، دون مراقبة بعد أن غادر دار المراقبة السلوكية في «ويست ميدلاندز» بإنجلترا إلى لندن حيث نفذ هجوما إرهابيا دمويا بعد أن حضر مؤتمرا حول إعادة تأهيل المسجونين.
بعد أسبوع من الهجوم، لا تزال الأسئلة مثارة عن سبب السماح له بالسفر بمفرده إلى المؤتمر وعن جدوى برنامج إعادة التأهيل البريطاني وإعادة دمج الإرهابيين المدانين في المجتمع.
الأحد الماضي، قال رئيس الوزراء بوريس جونسون إن 74 شخصًا سجنوا لإدانتهم بارتكاب جرائم إرهابية وأُطلق سراحهم مبكرا ستجري مراجعة شروط منحهم تراخيص الإفراج المبكر، وتعهد بأن الجناة الخطرين لن يسمح لهم بالإفراج المبكر.
ووفق إفادات مسؤولين طلبوا عدم ذكر أسمائهم نظرا لأن التحقيقات لا تزال جارية، فقد أظهرت المقابلات التي جرت مع أشخاص على دراية بتاريخ خان وكذلك مراجعة الرسائل والتقارير بشأن تطور حالته - سواء تلك الإفادات التي كتبها خان بنفسه أو التحقيقات التي جرى الحصول عليها من المسؤولين في برنامج مكافحة الإرهاب الحكومي وخدمة المراقبة – أظهرت أن مشكلات إعادة تأهيل الجهاديين المتطرفين معقدة وأنهم لا يكتفون بالحلول البسيطة مثل تمديد فترات السجن.
اتبع خان سياسة النفس الطويل في خداع السلطات البريطانية. فقبل إطلاق سراحه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد منتصف مدة العقوبة البالغة 16 عاما لتورطه في تفجير بورصة لندن، انتهز خان كل فرصة لإقناع ضابط الإفراج المشروط ووزارة الداخلية بأنه قد تغير بالفعل.
واستمر خان لسنوات في كتابة رسائل من داخل محبسه يؤكد من خلالها للمسؤولين أنه لم يعد يعتنق الآيديولوجية المتطرفة وأنه بات يشعر بندم عميق لانضمامه لخلية استلهمت نشاطها من تنظيم «القاعدة» وخططت لشن هجمات في بريطانيا.
وفي رسالة موجهة إلى وزارة الداخلية بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2012. بعد فترة وجيزة من الحبس، طالب الانضمام إلى دورة في علاج التطرف الديني.
وفي رسالته، قال خان، «أود أن أثبت للسلطات ولعائلتي وللمجتمع بشكل عام أنني لم أعد أعتنق الآراء القديمة التي طالما تمسكت بها قبل إلقاء القبض علي. كما أؤكد أنني كنت غير ناضج في السابق والآن أصبحت أكثر نضجاً وأريد أن أعيش حياتي كمسلم صالح وكمواطن بريطاني صالح».
في وقت لاحق من ذلك العام، جرى تسجيل خان في برنامج «الهوية الصحية»، وهو الأداة الرئيسية للحكومة للتعامل مع الأشخاص المدانين بجرائم مرتبطة بالإرهاب. وأثناء التسجيل في تلك الدورة، كتب تقارير طويلة عن تقدمه المزعوم وطلب مراراً وتكراراً فرصة لإثبات أنه لم يعد يمثل تهديداً.
وقال مسؤول في خدمة المراقبة على دراية بقضية خان إنه قام بخداع مفصل لجميع الوكالات التي كانت تراقبه، وأصر المسؤول على أنه لا يوجد في سلوكه ما يوحي بأنه سيفعل أي شيء غير لائق.
قبل الهجوم كان خان يخضع للمراقبة النشطة من قبل وكالة الاستخبارات المحلية «إم أي فايف» التي حددت مستوى تهديده للجمهور بأنه «منخفض إلى متوسط». وكان يخضع لأعلى مستوى من الإجراءات الأمنية المطبقة على الإفراج المشروط، وفقاً لما ذكره تقرير الاختبار الداخلي. وقال مسؤول الاختبار إنه يجب على خان أن يظهر تقدماً كبيراً حتى يُسمح له بحضور المؤتمر.
وتعمد خان إظهار دلائل التحسن الخادعة صبيحة يوم المؤتمر عندما تحدث عن جهود إعادة التأهيل، وهو ما وصفها أحد المشاركين في المؤتمر بـ«قصة النجاح المقنعة».
لكن خلال فترة استراحة في برنامج المؤتمر، ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أن خان اختفى في الحمام وعاد إلى الظهور وهو يرتدي سترة ناسفة مزيفة فيما كان يحمل سكينتين كبيرتين بيديه، وكان من غير الواضح كيف أدخل تلك الأسلحة إلى المبنى.
ثم انطلق خان في حالة هياج داخل قاعة «هلومنغرس هول» الكبرى حيث قتل خريجين اثنين من جامعة كامبريدج كانا يحضران المؤتمر وأصاب ثلاثة آخرين قبل أن يتصدى له أفراد من الجمهور، بمن فيهم الجناة الذين أعيد تأهيلهم والذين حضروا المؤتمر قبل أن يقتل برصاص الشرطة.
توضح قضية خان التحدي المتمثل في صعوبة تمييز المحتالين عن أولئك الذين تغيرت قلوبهم وعقولهم بالفعل. لقد صدم مسؤول، وهو متطرف سابق أيضا، عندما علم أنه قد جرى السماح لخان بالسفر إلى لندن بمفرده.
وقال إن المتطرفين الذين خططوا للاعتداءات قد تعلموا تلك الحيل وأساليب التلاعب في السجن، ولذلك من الضروري مراقبتهم باستمرار للتيقن من أنهم قد تغيروا بالفعل.
بدأ خان الطريق نحو التطرف في سن الرابعة عشرة عندما أصبح ناشطاً في شبكة المتطرفين المحليين في بريطانيا التي حملت اسم «المهاجرون»، وشارك بانتظام في فعالياتهم ومظاهراتهم الاستفزازية العامة.
وفي السادسة عشرة من عمره، أصبح خان طالباً لأنجم شودري، الداعية المتشدد الذي انتقل العام الجاري من الإقامة بـ«دار المراقبة» إلى الإقامة الجبرية بمنزله بعد قضاء فترة في السجن بتهمة التحريض على دعم تنظيم داعش الإرهابي.
ورغم أن غالبية أعضاء جماعة «المهاجرون» ملتزمون بـ«عهد الأمن» الذي يحظر شن هجمات على غير المسلمين في بلد إقامة الأعضاء (في هذا الحالة بريطانيا)، فإن بعض الناشطين البارزين أشاروا أن هذا الأمر خياري ويجوز قبوله أو رفضه، وقد رفضه خان بوضوح.

- خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

العالم إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

إسبانيا: السجن لأعضاء خلية «إرهابية» خططت لاستهداف مصالح روسية

قضت محكمة إسبانية، الجمعة، بالسجن 10 سنوات على زعيم خلية «إرهابية» نشطت في برشلونة، و8 سنوات على 3 آخرين بتهمة التخطيط لهجمات ضد أهداف روسية في المدينة، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وذكرت «المحكمة الوطنية» في مدريد، في بيان، أنها أدانت «4 أعضاء في خلية إرهابية متطرفة مقرُّها برشلونة، حدّدوا أهدافاً روسية لتنفيذ هجمات ضدَّها في عاصمة كاتالونيا بشمال شرقي إسبانيا. وأضافت المحكمة، المسؤولة خصيصاً عن قضايا «الإرهاب»، أنها برّأت شخصين آخرين. وجاء، في البيان، أن زعيم الخلية «بدأ تحديد الأهداف المحتملة، ولا سيما المصالح الروسية في عاصمة كاتالونيا، وأنه كان في انتظار الحصول على موادّ حربية». وأوض

«الشرق الأوسط» (مدريد)
العالم اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

اعتقال سوري بتهمة التخطيط لهجمات في ألمانيا

أعلنت السلطات الألمانية، الثلاثاء، القبض على سوري، 28 عاماً، في هامبورغ للاشتباه في تخطيطه شن هجوم ارهابي. وأعلن المكتب الاتحادي للشرطة الجنائية، والمكتب الإقليمي للشرطة الجنائية في ولاية هامبورغ، ومكتب المدعي العام في الولاية أنه يُشتبه أيضاً في أن شقيق المتهم الذي يصغره بأربع سنوات، ويعيش في مدينة كمبتن ساعده في التخطيط. ووفق البيانات، فقد خطط الشقيقان لشن هجوم على أهداف مدنية بحزام ناسف قاما بصنعه.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
العالم هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

هولندا تُدين أربع نساء أعادتهن من سوريا بتهمة الإرهاب

حكمت محكمة هولندية، اليوم (الخميس)، على أربع نساء، أعادتهنّ الحكومة العام الماضي من مخيّم للاجئين في سوريا، بالسجن لفترات تصل إلى ثلاث سنوات بعد إدانتهنّ بتهم تتعلق بالإرهاب. وفي فبراير (شباط) 2022 وصلت خمس نساء و11 طفلاً إلى هولندا، بعدما أعادتهنّ الحكومة من مخيّم «الروج» في شمال شرقي سوريا حيث تُحتجز عائلات مقاتلين. وبُعيد عودتهنّ، مثلت النساء الخمس أمام محكمة في روتردام، وفقاً لما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، حيث وجّهت إليهن تهمة الانضمام إلى مقاتلين في تنظيم «داعش» في ذروة الحرب في سوريا، والتخطيط لأعمال إرهابية. وقالت محكمة روتردام، في بيان اليوم (الخميس)، إنّ النساء الخمس «قصدن ساحات ل

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
العالم قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

قتيلان بإطلاق نار في هامبورغ

أفادت صحيفة «بيلد» الألمانية بسقوط قتيلين عقب إطلاق نار بمدينة هامبورغ اليوم (الأحد). وأوضحت الصحيفة أنه تم استدعاء الشرطة قبيل منتصف الليل، وهرعت سياراتها إلى موقع الحادث. ولم ترد مزيد من التفاصيل عن هوية مطلق النار ودوافعه.

«الشرق الأوسط» (برلين)
العالم الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

الادعاء الألماني يحرّك دعوى ضد شابين بتهمة التخطيط لشن هجوم باسم «داعش»

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة كارلسروه، اليوم (الخميس)، تحريك دعوى قضائية ضد شابين إسلاميين بتهمة الإعداد لشن هجوم في ألمانيا باسم تنظيم «داعش». وأوضح الادعاء أنه من المنتظر أن تجري وقائع المحاكمة في المحكمة العليا في هامبورغ وفقاً لقانون الأحداث. وتم القبض على المتهمَين بشكل منفصل في سبتمبر (أيلول) الماضي وأودعا منذ ذلك الحين الحبس الاحتياطي. ويُعْتَقَد أن أحد المتهمين، وهو كوسوفي - ألماني، كان ينوي القيام بهجوم بنفسه، وسأل لهذا الغرض عن سبل صنع عبوة ناسفة عن طريق عضو في فرع التنظيم بأفغانستان. وحسب المحققين، فإن المتهم تخوف بعد ذلك من احتمال إفشال خططه ومن ثم عزم بدلاً من ذلك على مهاج

«الشرق الأوسط» (كارلسروه)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».