تدريبات للكوماندوز الإسرائيلي في قبرص على إنزال في لبنان

أخذت في الاعتبار إمكانية «إعادة انتشار قوات حزب الله»

TT

تدريبات للكوماندوز الإسرائيلي في قبرص على إنزال في لبنان

في الوقت الذي نفذ فيه سلاح الجو الإسرائيلي تدريباً على إطلاق صاروخ حديث باتجاه إيران، كشفت مصادر عسكرية في تل أبيب، أمس الجمعة، أن وحدات كوماندوز إسرائيلية، أجرت تدريبات في أراضي قبرص الأسبوع الماضي، تحاكي حرباً مع حزب الله، اشتمل على عمليات إنزال في العمق اللبناني. وقالت المصادر إن التدريبات أخذت بالاعتبار إمكانية «إعادة انتشار قوات حزب الله، العائدة من سوريا، في جنوب لبنان وبناء مواقع مراقبة قريبة من الحدود، للتمترس مقابل مواقع المراقبة العسكرية الإسرائيلية».
وقالت المصادر إن نحو ألف جندي من وحدات الكوماندوز الإسرائيلية المختلفة، «ماجيلان» و«إيغوز» و«دوفدوفان» و«ريمون»، شاركت في التدريبات التي تم إطلاق تسمية «لعبة العروش» عليها، وشملت سيناريوهات متنوعة لحرب مقابل حزب الله. وجرت هذه التدريبات في منطقة مشابهة لجنوب لبنان بتضاريسها، وشملت مداهمات مفاجئة واحتلال مواقع وإخلاء جرحى تحت إطلاق نار ومعالجة جرحى والاحتكاك مع سكان محليين، كما حاكت التدريبات سيناريو أسر جنود إسرائيليين. وشاركت في التدريبات أيضاً قوات قبرصية.
واعترف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالتدريب وقال إنه «وصل هذا الأسبوع إلى نهايته» وإن أسراب مروحيات وطائرات من دون طيار شاركت فيه. وتدربت القوات على مداهمات ليلية لقرى لبنانية في مناطق جبلية مكتظة وشائكة، إضافة إلى استهداف بنية تحتية ونقل قوات برية وإمداد عتاد عسكري وتزويد مروحيات بالوقود. وقال محرر الشؤون العسكرية في صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، يوآف ليمور، إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، كسلفه غادي آيزنكوت، «وضع الجبهة الشمالية كتحد أساسي للجيش الإسرائيلي. ويعني ذلك أن كافة التدريبات والخطط تتحدث عن لبنان، تفكر في لبنان، وتتصرف تجاه لبنان، من أجل أن تكون القوات مستعدة للقتال في لبنان وألا تكون متفاجئة أو عاجزة مثلما حدث في عام 2006». وقد شارك كوخافي بنفسه في هذه التدريبات.
وأضاف ليمور أن «حرب لبنان الثالثة، إذا نشبت، ستكون مختلفة عن كل ما عرفته إسرائيل في الماضي. وسينتظر القوات تحد غير بسيط في هذه الجبهة: قرى محصنة، مع عدد كبير من التهديدات والتحديات، من صواريخ مضادة للدبابات وحتى أنفاق وملاجئ. والتهديد الأساسي هو تجاه الجبهة الداخلية (الإسرائيلية). ومنظومة مؤلفة من نحو 140 ألف صاروخ وقذيفة صاروخية، موجهة إلى كافة الأماكن في إسرائيل». ولذلك، فقد تذمر الجيش من غياب حكومة ثابتة في إسرائيل وطلب ميزانيات ملائمة لمواجهة الأخطار.
وجاء في تقرير أعده المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، والمراسل العسكري، يانيف كوفوفيتس، أن «التغيير الأساسي الذي طرأ في السنة الأخيرة عند الحدود الإسرائيلية – اللبنانية متعلق بالانتشار العسكري الجديد لحزب الله. فبعد خمس سنوات كانت جهود الحزب خلالها، ومعظم أفراد قواته النخبوية، غارقين في الحرب الأهلية في سوريا، عاد المقاتلون إلى الوطن، إلى جنوب لبنان». وأضاف التقرير أن «مقاتلي (الرضوان)، قوة الكوماندوز المدربة في حزب الله، حصلوا على تسريح من صراع البقاء لنظام الأسد وعادوا إلى مواقعهم الأصلية في لبنان، قريبا من خط الجبهة. وانتشر قسم من الوحدات في مواقع قريبة نسبيا من الحدود مع إسرائيل، وهم مًوجودون جنوبي نهر الليطاني أيضا، خلافا لقواعد وقف إطلاق النار التي ينص عليها القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في نهاية حرب لبنان الثانية، في صيف العام 2006».
وحسب التقرير، فإنه بالإمكان رصد مواقع المراقبة لحزب الله من الجانب الإسرائيلي للحدود، قبل سنتين، تحت غطاء منظمة حماية البيئة «أخضر من دون حدود»، وأن قسماً من مقاتلي الحزب لا يرتدون زياً عسكرياً ويخفون سلاحهم، وأن ذلك يجري بالتنسيق مع الجيش اللبناني. «ولا يواجه الجيش الإسرائيلي صعوبة في التمييز بين أفراد رضوان وبين أفراد المنظومة الدفاعية لحزب الله في المنطقة، والتي انتشرت في الجنوب على مدار سنين. فناشطو الكوماندوز يتحركون بشكل مختلف، ومزودون (بالسلاح) بشكل مختلف، ومظهرهم مختلف عن الناشطين في المنطقة».
وأشار التقرير إلى الخبرة التي اكتسبها مقاتلو حزب الله خلال مشاركتهم في الحرب السورية، «لكن عودتهم إلى جنوب لبنان تمنح حزب الله تفوقا آخر: تقريب وحداته النخبوية إلى الحدود يقصّر، نظريا، الوقت المطلوب له إذا قرر محاولة تنفيذ هجوم مفاجئ على إسرائيل، بروح (الهجوم) الخاطف الذي يتحدثون عنه في السنوات الأخيرة - سيطرة مفاجئة على بلدات أو مواقع للجيش الإسرائيلي على طول الحدود. وفي هيئة الأركان العامة وقيادة الجبهة الشمالية يعون هذا الخطر وأجريت عدة تغييرات في الاستعدادات الدفاعية والاستخبارية للجيش الإسرائيلي، من أجل مواجهة وضع سيئ».
وفي السياق ذاته، نقل المحلل العسكري في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، عن أحد الضباط الإسرائيليين في هيئة الأركان العامة، قوله إنه يخدم اليوم نحو 30 ألف جندي مسلح في جيش حزب الله النظامي، إلى جانب 15 ألف مقاتل في قوات احتياط. ويبلغ عدد المقاتلين في وحدة «رضوان» نحو خمسة آلاف شخص. «وبالإمكان الإضافة إلى ذلك 35 - 40 ألف مقاتل في الميليشيات الموالية لإيران، الذين يفترض أن ينضموا إلى حزب الله أثناء الحرب ومضاعفة قوته».
وأورد فيشمان هذه «المعطيات» في إطار تقريره، الذي بدا أنه يحذر من خلاله باسم الجيش من خطورة عدم زيادة ميزانية الأمن. وفي حال عدم زيادة الميزانية، حسب فيشمان، فإن الجيش سيوقف عملياته الجارية، في منتصف العام المقبل، «أي إنه سيتوقف عن التدريبات ويبدأ بالتهام المخزون القائم». وكانت وزارة الأمن الإسرائيلية قد أعلنت، صباح أمس الجمعة، أن سلاح الجو أجرى تجربة على إطلاق محرك صاروخي من قاعدة في أواسط البلاد. وأشارت مصادر صحافية أجنبية إلى أن إسرائيل تقوم كل عامين باختبار مثل هذه المنظومات وأن الحديث يدور عن صواريخ باليستية من طراز «يريحو» أي «أريحا»، يصل مداها إلى آلاف الكيلومترات، وهي قادرة على حمل رؤوس حربية نووية.
ويعتبر محللون أن التجربة تشكل شارة تحذير إلى إيران علما بأن مصادر استخباراتية أميركية قد قالت لشبكة «سي إن إن» إن المعلومات الاستخباراتية تفيد بقيام الجيش الإيراني وتحركات وبنشر أسلحة قد تستخدم لاستهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.