الجيش الليبي يتقدم في بنغازي.. والحكومة تشدد: لا خيار إلا السلاح

اللواء خليفة حفتر يعلن اعتزامه التنحي بعد عملية «الكرامة».. ومصر تنفي رسميا قصف أي أهداف ليبية

سيارة إسعاف تتجه الى موقع القصف الجوي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تتجه الى موقع القصف الجوي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يتقدم في بنغازي.. والحكومة تشدد: لا خيار إلا السلاح

سيارة إسعاف تتجه الى موقع القصف الجوي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)
سيارة إسعاف تتجه الى موقع القصف الجوي في بنغازي أمس (أ.ف.ب)

بينما اشتعلت المواجهات العسكرية في مدينة بنغازي بشرق ليبيا بين قوات الجيش الوطني المدعومة بمقاتلين مدنيين، في مواجهة الجماعات المتطرفة الإرهابية، ساد الهدوء الحذر أمس العاصمة الليبية طرابلس التي لم تنضم ليوم الانتفاضة الشعبية المسلحة ضد المتطرفين في البلاد. في وقت نفت فيه القاهرة أمس قصف الطائرات المصرية لأي مواقع ليبية.
وقالت مصادر مسؤول في الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش نجح حتى مساء أمس في تحقيق ما وصفته بتقدم ملموس على الأرض خلال الاشتباكات التي جرت بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وشاركت فيها مقاتلات تابعة لسلاح الجو شنت سلسلة من الغارات على مواقع تابع لتنظيم أنصار الشريعة وما يسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي الذي يضم خليطا من المقاتلين الأجانب المتشددين.
وقال العقيد محمد حجازي إن قوات الجيش تمكنت من اقتحام معسكر 17 فبراير بمنطقة قار يونس في بنغازي الخاضع لسيطرة الميليشيات، عادًّا أن الأمور كلها تحت السيطرة، على حد تعبيره.
وقالت مصادر طبية وعسكرية إن 20 شخصا على الأقل من الجماعات الإرهابية قتلوا خلال مواجهات حامية الوطيس جرت في شوارع بنغازي، خاصة حول منطقة بنينا وبوعطنى.
وشارك سكان في بنغازي في المواجهات المسلحة، حيث انتشروا حول مناطقهم السكنية وأنشأوا على وجه السرعة جهازا أمنيا عشوائيا لمساعدة الجيش في تطويق الإرهابيين وحرمانهم من الاختباء أو الاحتماء داخل المناطق السكنية للمدينة التي شهدت معظم شوارعها أيضا انتشارا لمتاريس من أكوام الرمال وإطارات السيارات.
وقال ناشطون في المدينة لـ«الشرق الأوسط»: «المعارك مستمرة، وهناك حظر تجوال تلقائي لأن المدينة متوترة.. الاشتباكات تدور في المكان نفسه تقريبا في منطقة بوعطنى، والحديث عن تقدم حقيقي للجيش لا يزال مبكرا».
وأصابت أمس صواريخ صهريجا لتخزين الكيماويات تابعا لشركة الجوف للخدمات النفطية خارج مدينة بنغازي، حيث قال سكان إن طائرات قصفت مواقع يشتبه في أنها تابعة لإسلاميين في المدينة الساحلية.
ونقلت وكالة رويترز عن سعد الفخري نائب رئيس نقابة عمال النفط الليبية أن صواريخ ربما من إحدى الطائرات أصابت صهريجا لتخزين الكيماويات يستخدم لتنظيف خطوط الأنابيب.
وأطفأت فرق الدفاع المدني الحريق في الصهريج غرب بنغازي، حيث يبعد الموقع 100 كيلومتر على الأقل من مرفأ الزويتينة النفطي، وهو أقرب مرفأ تصدير في الشرق الغني بالنفط.
وهاجم مقاتلون من جماعة أنصار الشريعة معسكرا للجيش، وهو أحد آخر القواعد التي تسيطر عليها القوات الحكومية منذ طرد متشددون مسلحون وحدات للقوات الخاصة للجيش من بنغازي قبل أشهر.
وكان شبان مسلحون يقاتلون في بعض مناطق بنغازي الميليشيات الإسلامية التي أقامت نقاط تفتيش في أنحاء المدينة وتعمل بحرية في هذه المناطق.
وسمع صوت طلقات نارية ودوي انفجارات في عدة مناطق، بينما أكد شهود عيان أن دبابات هاجمت مقر «كتيبة 17 فبراير» الميليشيا الإسلامية، في حين شنت مقاتلات تابعة لحفتر غارات على مقر الكتيبة الواقع في غرب المدينة.
واستبق اللواء خليفة حفتر قائد الجيش الوطني في بنغازي وقائد عملية الكرامة هذه المواجهات العنيفة، بإعلانه أنه يعتزم الاستقالة من منصبه في قيادة عملية الكرامة فور انتهاء عملية تحرير بنغازي من المتطرفين.
وقال حفتر في كلمة ألقاها مساء أول من أمس قبل نحو ساعتين من انطلاق العمليات العسكرية: «تحرير بنغازي واستقرارها يمثل نقلة استراتيجية في المعركة الأهم ضد الإرهاب وسيفتح الباب لمواجهة كل العابثين بمقدرات الوطن وأمنه ووحدته».
وأوضح أنه دشن عملية الكرامة لمواجهة حملة الاغتيالات الشرسة والممنهجة التي استهدفت قيادات وعناصر رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام، وبعد الصمت من الدولة الرسمية، وبالتزامن مع قرارات مشبوهة من السلطة الليبية القائمة حينها لتسريح آلاف الضباط إلى التقاعد وإنهاء الجيش.
وقال: «تحرير بنغازي من المتطرفين شرف أختم به حياتي العسكرية. استطعنا موازنة القوة واتخذنا القدرة والجهوزية للقيام بعملية شاملة لتحرير المدن والمناطق التي يسيطر عليها المتطرفون».
ويدور صراع فوضوي بين تحالف جماعات ميليشيا إسلامية من جانب، والجيش المدعوم بقوات موالية لحفتر من جانب آخر، من أجل السيطرة على بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية.
من جهته، أعلن عبد الله الثني رئيس الحكومة الليبية أن قوات الجيش تمكنت فعليا من السيطرة على معسكر 17 فبراير، لافتا إلى أن محيط مدينة بنغازي بات منطقة آمنة. وعدَّ الثني أنه «لا خيار لدينا إلا مواجهة المتطرفين بالسلاح»، واصفا الجماعات المسلحة في بنغازي وطرابلس بأنها «جماعات إرهابية».
وأضاف: «الحوار فقط مع من يريد الشرعية المتمثلة في مجلس النواب والحكومة»، متهما المجتمع الدولي بأنه «تخلى عن دعم الجيش الليبي».
وقال الثني في تصريحات تلفزيونية له مساء أمس: «بنغازي تحارب الإرهاب وحدها، وتحية لشباب مناطق بنغازي والمدن المجاورة لها، نرحب بأي جماعة تقاتل تحت راية الجيش».
من جهته، عد فرج بوهاشم الناطق الرسمي باسم مجلس النواب الليبي أن الانتفاضة المسلحة لسكان بنغازي مع الجيش ضد المتطرفين، نتيجة طبيعية للأوضاع الأمنية ولوجود الميليشيات الإرهابية التي تقمع وتصفي وتقوم بعمليات اغتيال للشعب الليبي وللمدنيين في بنغازي.
وبعدما نفى لـ«الشرق الأوسط» وجود تنسيق بين مجلس النواب وأول انتفاضة شعبية مسلحة في ليبيا، قال: «هذا حراك شعبي ومجلس النواب من هذا الشعب».
وكان حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، قد دعا في بيان له المواطنين إلى عدم الانجرار وراء الدعوات المشبوهة التي تطالب بالانحراف عن المسار السلمي للتظاهر.
كما حمل الحزب «الجهات الداعية لهذه المظاهرة كامل المسؤولية القانونية عن كل نتائجها السلبية والخطيرة على سلامة الوطن والمواطن».
من جهته، نفى السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية في تصريح مقتضب لوكالة أنباء الشرق الأوسط مساء أمس ما رددته بعض الوسائل الإعلامية من قيام طائرات مصرية بقصف أهداف في ليبيا.
كما اتهم المتحدث باسم الجيش النظامي العقيد أحمد بوزيد المسماري جماعة الإخوان المسلمين بترديد ما وصفها بالأخبار المفبركة حول وجود مشاركة مصرية من أي نوع.
وأعلن أن رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي تتبنى العمليات العسكرية التي يقودها اللواء ركن خليفة حفتر لمواجهة الميليشيات الإسلامية في مدينة بنغازي وغيرها من المدن.
في المقابل، بدا الوضع هادئا ويشوبه التوتر في العاصمة الليبية طرابلس التي لم تشهد أي مشاركة في الانتفاضة المسلحة ضد الجماعات الإرهابية، وخلت أمس من أي مظاهر لاحتمال حدوث قتال وشيك.
وتحدثت مصادر أمنية وعسكرية في طرابلس عما وصفتها بالسيطرة التامة لسرايا وكتائب الثوار في أغلب المناطق، مشيرة إلى أن الحالة الأمنية مستقرة والشرطة والقوات التابعة لها متمركزة وتعمل بخطة وتنسيق واضحين.
وقال مسؤول أمني بارز اشترط حجب هويته: «هناك خطة أمنية بين الأمن المركزي وقوة الردع الخاصة والبحث الجنائي عن طريق مديرية أمن طرابلس والتنسيق على مستوى جيد».
وبعدما لفت إلى أن أغلب قوات ما يسمى بعملية فجر ليبيا على مشارف الجبل وغريان وككله، أوضح أن قوات الأمن المركزي وقوة الردع الخاصة والبحث الجنائي وبعض الكتائب مثل النواصي والمجلس العسكري لطرابلس توجد داخل العاصمة. وحرصت ما تسمى حكومة الإنقاذ الوطني المدعومة من المتشددين والمؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته) على الظهور مجددا على مسرح الأحداث، حيث أعلنت عن اجتماع حضره رئيس المجلس الأعلى للدفاع وعدد من قيادات الجيش الموالية لعملية فجر ليبيا.
وتفرض مجموعة من الميليشيات، وخصوصا الإسلامية منها وميليشيا مصراتة، سيطرتها على العاصمة منذ شهر أغسطس (آب) الماضي في ختام أسابيع من المعارك مع ميليشيات أخرى مؤيدة للحكومة، وخصوصا ميليشيا الزتنان، وشكلت الميليشيات المنضوية تحت لواء فجر ليبيا حكومة ظل في العاصمة.
وانتقلت حكومة الثني والبرلمان المعترف بهما دوليا إلى مدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي الخاضع لسيطرة قوات الجيش الوطني بقيادة اللواء حفتر، هربا من هذه الميليشيات.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.