المبعوث الأميركي إلى أفغانستان لاستئناف المفاوضات مع «طالبان»

بعد أن أوقفها دونالد ترمب قبل ثلاثة أشهر بشكل مفاجئ، ستستأنف المفاوضات بين واشنطن و«طالبان» رسمياً في قطر، مع هدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، أملاً في إنهاء حرب مستمرة منذ 18 عاماً في أفغانستان.
وكان المبعوث الأميركي المكلف بالمفاوضات مع «طالبان» زلماي خليل زاد أول من أمس في كابل للاجتماع بالرئيس الأفغاني أشرف غني ومسؤولين آخرين، بحسب ما أفاد مسؤول أفغاني كبير. وعلى جدول أعمال هذه الاجتماعات استئناف المباحثات مع «طالبان» الذي تحدث عنه ترمب خلال زيارة لأفغانستان. وأكدت الخارجية الأميركية بعد ذلك زيارة المبعوث الهادفة إلى «تسريع» الجهود لعقد مفاوضات بين الأطراف الأفغانية.
وأعلنت الخارجية الأميركية أول من أمس في بيان أنّ خليل زاد سيتوجه، في تاريخ لم يحدد، إلى الدوحة حيث «سيستأنف المباحثات مع (طالبان)».
وأوضح البيان أن هدف هذه المباحثات «مناقشة الخطوات التي من شأنها أن تقود نحو مباحثات أفغانية داخلية وإلى تسوية سلمية للحرب، وبالأخص إلى خفض للعنف يقود نحو وقف لإطلاق النار».
وكان ترمب أحدث مفاجأة في 7 سبتمبر (أيلول) بقطعه المفاوضات المباشرة وغير المسبوقة التي أجراها زلماي خليل زاد مع المتمردين الأفغان طيلة سنة، وكانت على وشك التوصل إلى اتفاق. وألغى ترمب حينها دعوة سرية لقادة «طالبان» للحضور للقائه في إقامته بكامب ديفيد، بداعي مقتل جندي أميركي في اعتداء للمتمردين في كابل.
وبعد أن قال إن المفاوضات باتت «ميتة وجرى دفنها»، بدا وكأنه يعدل موقفه تاركاً الباب مفتوحاً للحوار مع «طالبان»، إذا أوقفوا هجماتهم. وأشير لاحقاً إلى اتصالات غير رسمية دون أن يتم أبداً تأكيدها.
وفي 28 نوفمبر (تشرين الثاني) وخلال زيارة لأفغانستان لمشاركة جنوده عيد الشكر، أعلن ترمب قرب استئناف المفاوضات.
وقال بعد اجتماعه بنظيره الأفغاني أشرف غني في قاعدة باغرام الأميركية شمال كابل: «تريد حركة (طالبان) اتفاقاً، وسنلتقي بهم. قلنا لهم يجب إبرام وقف لإطلاق النار فقالوا إنهم لا يريدون ذلك، والآن أصبحوا يرغبون في وقف لإطلاق النار»، مضيفاً «أعتقد أن الأمور ستسير بالتأكيد بشكل جيد بهذه الطريقة».
غير أن «طالبان» اعتبرت على الفور حينها أنه «من المبكر جداً التحدث عن استئناف المباحثات». ولم يصدر عن الحركة أي رد فعل على إعلان استئناف الحوار.
يشار إلى أن مشروع الاتفاق الذي كان شبه نهائي في بداية سبتمبر، نص على الانسحاب التدريجي لما بين 13 و14 ألف جندي أميركي، وهو ما يشكل المطلب الرئيسي لحركة «طالبان». في مقابل تعهد «طالبان» بعدم السماح بتحرك «إرهابيين» انطلاقاً من أفغانستان، وبدء حوار لا سابق له مع حكومة كابل.
غير أن ما هو مقرر لا يزيد عن «خفض العنف».
وانتُقد بشكل خاص في مشروع الاتفاق غياب وقف إطلاق نار، كما لم يلقَ الاتفاق دعماً صريحاً من السلطات الأفغانية التي همشت في المفاوضات مع «طالبان». وهذه المرة ركز الأميركيون بالتالي على ضرورة الهدنة دون أن يعرف مدى استعداد «طالبان» للقبول بذلك. وفيما بدا تمهيداً لاستعادة الثقة، أشاد خليل زاد الثلاثاء في تغريدة بعمليات «طالبان» ضد تنظيم «داعش» في ولاية ننجرهار المحاذية لباكستان. وكتب أنه بفضل تحركهم وتحرك الغربيين والقوات الأفغانية «خسر (داعش) أراضي ومسلحين».
وبحسب استطلاع لمؤسسة آسيا للبحوث نشر هذا الأسبوع في الولايات المتحدة، فإن 88.7 في المائة من الأفغان الـ17812 الذين تم سؤالهم، يدعمون جهود السلام مع «طالبان». ورأى 64 في المائة أن السلام ممكن في ارتفاع بعشر نقاط عما كان الأمر قبل عام حتى وإن كانت النساء أقل تفاؤلاً بسبب انتهاك حقوقهن في عهد حكم طالبان (1996 – 2001)
إلى ذلك، استهدف هجوم إرهابي في إقليم ننجرهار شرقي أفغانستان موكباً طبياً أول من أمس، أسفر عن مقتل طبيب ياباني و5 أشخاص بينهم حراس الطبيب وسائقه وراكب.
وقال عطا الله خوجياني، المتحدث باسم حاكم ننجرهار، إن الهجوم «استهدف الطبيب الياباني تيتسو ناكامورا، عندما كان متوجهاً إلى جلال آباد عاصمة الإقليم، حسبما نقلت وكالة (أسوشييتيد برس)». الأميركية.
من جهته، أوضح غول زادا سانغر، المتحدث باسم مستشفى «باغرام الجوية» بالعاصمة كابل، أنّ الطبيب «ناكامورا» تعرض لإصابات بالغة أودت بحياته.
وأضاف: «ناكامورا أصيب بجراح بالغة وكانت حالته خطرة عقب الهجوم، ونقل بعدها إلى مستشفى محلي وفيه أجريت له عملية جراحية، لكنه توفي بعد فترة قصيرة، أثناء نقله بطائرة لمستشفى باغرام الجوية، لتلقي مزيد من العلاج».
وفي السياق، قدم حاكم إقليم «ننجرهار»، شاه محمود مياخيل، تعازيه، قائلاً إن «الحزن خيّم على أهالي الإقليم لوفاة ناكامورا».
وذكر «مياخيل» أنه ممتن لكل الخدمات الطبية التي قدمها الطبيب لما يزيد عن عقد من الزمن.
ويعمل ناكامورا في ننغرهار منذ عام 2008، كرئيس «لمنظمة الخدمات الطبية اليابانية للسلام» بعد خطف ومقتل زميله الطبيب الياباني كازويا إيتو.
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، وهو الثاني الذي يستهدف رجال إغاثة في البلاد خلال أسابيع.
وفي حادثة مشابهة أواخر نوفمبر الماضي، قُتل أميركي يعمل مع بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان وأصيب خمسة أفغان، بينهم اثنان من موظفي البعثة، في هجوم بقنبلة يدوية استهدف مركبة تابعة للأمم المتحدة كانت تقلهم في كابل.