أكراد سوريون يتهمون مقاتلين موالين لأنقرة بسرقتهم وقتلهم «بدم بارد»

معدات عسكرية تركية تتمركز في شمال شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
معدات عسكرية تركية تتمركز في شمال شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أكراد سوريون يتهمون مقاتلين موالين لأنقرة بسرقتهم وقتلهم «بدم بارد»

معدات عسكرية تركية تتمركز في شمال شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)
معدات عسكرية تركية تتمركز في شمال شرق سوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

تلقت شارة شيدو في رسالة عبر الهاتف الخبر المؤلم، فتحت النازحة من مدينة رأس العين جراء الهجوم التركي في شمال شرقي سوريا الرسالة، وفق قولها، وإذ بها تجد صورة لجثة ابنها ملطخة بالدماء مرفقة بتعليمات «تعالي وخذي جثة ابنك».
في مبنى متواضع لجأت إليه في مدينة القامشلي، تقول المرأة الكردية في الـ65 من العمر: «لقد قتلوه بدم بارد»، ثم تبحث في هاتفها الجوال عن صورة تقول إنها تعود لعنصر من الفصائل السورية الموالية لأنقرة اعترف بقتل ابنها ريزان (38 عاماً)، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتضيف «هذا الوحش قتل ابني الجميل».
بعد أسبوع على سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها على رأس العين الشهر الماضي، توجه ريزان برفقة ثلاثة من أصدقائه إلى المدينة بهدف تفقد منزل العائلة وإحضار بعض الملابس لطفليه إلا أنهم تعرضوا جميعاً مع سائق السيارة للقتل قبل وصولهم إليها، وفق ما تروي شارة.
وخلال عملية عسكرية أطلقتها ضد المقاتلين الأكراد في أكتوبر (تشرين الأول) واستمرت لأسابيع، سيطرت أنقرة وفصائل سورية موالية لها على منطقة حدودية بطول 120 كيلومتراً بين مدينتي رأس العين (شمال الحسكة) وتل أبيض (شمال الرقة)، قبل أن تعلق هجومها إثر وساطة أميركية واتفاق مع روسيا.
ويتهم نازحون أكراد من المنطقة، ذات غالبية عربية خلافاً لغالبية المناطق الحدودية الأخرى ذات الغالبية الكردية، ومنظمات حقوقية المقاتلين الموالين لأنقرة بارتكاب أعمال نهب وسرقة ومصادرة منازل وتنفيذ إعدامات، على غرار ما حصل في منطقة عفرين الكردية في العام 2018 إثر سيطرتهم عليها أيضاً، وهو أمر تنفيه تلك الفصائل.
يرتجف صوت شيدو أثناء حديثها، ترتشف المياه بين الحين والآخر لتهدأ نفسها قليلاً، قبل أن تقول: «أريد الحق لابني لأنهم أتوا ليقتلوا الأكراد (...) بات أطفال ابني أيتاماً».
تخرج شيدو إلى بهو المنزل المطل على الشارع، تضع الملابس على حبل الغسيل وتلقي نظرة على الطعام. وتضيف الوالدة لخمسة أبناء متسائلة: «ماذا يريدون منا؟ إنهم وحوش كاذبون (...) لا يعرفون سوى القتل والنهب».
وهدفت تركيا من خلال عمليتها العسكرية إلى إبعاد المقاتلين الأكراد، الذين تصنفهم «إرهابيين» عن حدودها، وإنشاء «منطقة آمنة» تعيد إليها قسماً من ثلاثة ملايين لاجئ سوري لديها. إلا أن الأكراد يتهمونها بإحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة.
وأفادت وسائل إعلام تركية الشهر الماضي أن نحو 70 سورياً، بينهم نساء وأطفال، عبروا من تركيا إلى رأس العين.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن نحو مائة ألف شخص من أصل أكثر من مائتي ألف نازح جراء الهجوم التركي بدأوا بالعودة إلى المنطقة. إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان يوضح أن غالبية العائدين هم من العرب وليسوا أكرادا.
في منزل لجأ إليه في مدينة القامشلي، يقلل النازح وأحد التجار الأكراد المعروفين من رأس العين مصطفى الزعيم (44 عاماً) من احتمالات عودته إلى مدينته.
وكان الزعيم يمتلك متجراً كبيراً للمواد الغذائية ومحلات عدة في سوق المدينة، عدا عن المنازل، لكنها كلها باتت من الماضي.
ويقول: «سرقوها كلها ونهبوها»، مضيفا: «لم يبق منها شيء والآن يقيمون في منزلي ومنازل إخوتي».
تواصل أشخاص، وفق قوله، معه عبر الهاتف بعدما حصلوا على رقمه المكتوب على لافتة محله.
ويروي «طلبوا مني 15 ألف دولار ليحافظوا على أملاكي لكنهم يكذبون لأننا أرسلنا أشخاصا ليتأكدوا من محتويات المحل والمستودعات وقالوا لنا إنها فارغة».
ويضيف «المدينة لم تعد آمنة ولا نفكر بالعودة سوى بضمانات دولية لنتأكد أننا سنكون بخير».
واتهمت منظمة العفو الدولية الفصائل الموالية لأنقرة بارتكاب «جرائم حرب» وتنفيذ عمليات قتل بإجراءات موجزة. كما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) إن تلك الفصائل «نفذت إعدامات خارج القانون بحق المدنيين»، كما «منعت عودة العائلات الكردية النازحة جرّاء العمليات العسكرية التركية، ونهبت ممتلكاتها واستولت عليها أو احتلتها بصورة غير قانونية».
واعتبرت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، أنه « ما دام تسيطر تركيا على هذه المناطق، عليها تحمُّل مسؤولية التحقيق في هذه الانتهاكات ووقفها»، مشيرة إلى أن «الجماعات التي تستخدمها لإدارة المنطقة (...) تُميز على أُسس عرقية».
وبدوره، اعتبر «الجيش الوطني السوري»، الذي تنضوي فيه فصائل موالية لأنقرة، أن تقرير هيومن رايتس ووتش «يتضمن مغالطات علمية ومنهجية» ويتضمن «أحكاما وتعميمات منافية للواقع»، داعياً المنظمة إلى سحبه.
إلا أن المخرج الكردي تيمور عفكدي (42 عاماً) يقول ببساطة إن «الاحتلال بكل أشكاله هو أكبر انتهاك».
قبل أشهر على بدء الهجوم التركي، عاد عفكدي ليستقر في مدينته رأس العين بعدما كان لجأ إلى تركيا. لكنه وجد نفسه مضطراً إلى مغادرتها مرة أخرى، وبات نازحاً في مدينة القامشلي. ويتهم اليوم مقاتلين موالين لأنقرة بحرق منزله.
يأخذ عفكدي، الأب لطفلتين، نفساً عميقاً من سيجارته، ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «أحرقوا منزلنا بكل محتوياته، كان هناك أكثر من 500 كتاب».
ويضيف «هذه الكتب كانت عبارة عن هويتنا الفكرية والقومية كأكراد».
لم يفقد عفكدي الأمل، ويقول: «حين خرجنا لم نغلق أبوابنا لأننا نفكر بالعودة».



تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم «عملية انتقالية جامعة» في سوريا

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.