أعلنت الولايات المتحدة، أمس، أنها ستعين سفيرا في السودان لأول مرة منذ 23 عاما، وذلك خلال زيارة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى واشنطن، التي ستتوج غدا الجمعة بلقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الذي التقى حمدوك، أمس، إن البلدين سيبدآن إجراءات تبادل السفراء، مضيفا في بيان: «هذا القرار هو خطوة إلى الأمام على طريق تقوية العلاقات الأميركية السودانية الثنائية، خاصة أن الحكومة الانتقالية التي يقودها مدنيون تعمل على تطبيق إصلاحات واسعة، بموجب الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري الصادر في 17 أغسطس (آب) 2019».
وأشار بومبيو إلى أن حمدوك منذ تعيينه في 21 أغسطس (آب)، قاد الحكومة الانتقالية في السودان، وقام بتشكيل حكومة مدنية، وأجرى تغييرات أساسية في شؤون الموظفين لكسر سياسات وممارسات النظام السابق.
وأضاف: «لقد أظهر حمدوك التزاماً بمفاوضات السلام مع جماعات المعارضة المسلحة، وأنشأ لجنة تحقيق للتحقيق في أعمال العنف ضد المتظاهرين، والتزم بإجراء انتخابات ديمقراطية في نهاية فترة الانتقال البالغة 39 شهراً». وأكد بومبيو: «تظل الولايات المتحدة شريكا ثابتا للشعب السوداني ومتابعته للسلام والأمن والازدهار والديمقراطية والمساواة».
وكان حمدوك قد التقى بديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسة الذي قدم تهنئته لحمدوك على نجاح الثورة السودانية، وبتشكيل الحكومة التي يقودها المدنيون بالسودان، معربا عن دعم واشنطن الثابت للتحول الديمقراطي الجاري في السودان.
كما أكّد وكيل الوزارة على الهدف المتمثل في استكمال تشكيل المؤسسات الانتقالية من خلال تأليف المجلس التشريعي الانتقالي. وناقش وكيل الوزارة ورئيس الوزراء السوداني سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلاً عن جهود تسريع التقدم في تحقيق سلام نهائي بين الحكومة وجماعات المعارضة المسلحة السودانية. وطلب وكيل الوزارة الأميركية دعم رئيس الوزراء من أجل إحراز تقدّم في خريطة الطريق السياسية لجنوب السودان.
وتشير تسريبات من واشنطن، إلى أن ترمب وحمدوك، سيناقشان خلال لقائهما غدا الجمعة، مسألة رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، حيث أدرجت واشنطن السودان على تلك القائمة منذ عام 1993. ويشير متابعون في واشنطن إلى أن تطبيع العلاقات وتبادل السفراء ولقاء ترمب تصب جميعها، في اتجاه شطب اسم السودان من القائمة الأميركية السوداء. ولم يتضح بعد كم يستغرق من الوقت للحصول على موافقة مجلس الشيوخ على إرسال سفير أميركي جديد للخرطوم.
حمدوك، الذي وصل العاصمة الأميركية الأحد، التقى أبناء الجالية السودانية بواشنطن، ومن المقرر أن يلقي محاضرة اليوم بمركز أتلانتك كاونسل بواشنطن حول المستجدات الراهنة بالسودان.
وفي تصريحات سابقة، قال حمدوك إن «التغيير الذي حدث في السودان فاجأ الجميع»، مشيرا إلى أن ذلك التحرك كان يقوده في المقام الأول الشباب والنساء، وهذا ما أدى إلى التغيير الهائل. وأضاف في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأميركية، أول من أمس: «حين بدأنا في تشكيل الحكومة الانتقالية، وضعنا في الاعتبار ضرورة تمثيل نسائنا ليس لأننا نمنحهن هدية، بل لأن هذا هو العدل ولأنهن جديرات بالتمثيل، وقد كن جزءاً من هذا التغيير».
وأشار إلى أن النظام السابق سن قوانين مقيدة استمرت سنوات طويلة، «وهو ما أشعرنا بالحزن الشديد بسبب وجود تلك القوانين غير الإنسانية في بلادنا». وقال: «نحن مستعدون للتغيير وإجراء المزيد من الإصلاحات القانونية فيما كان مطبقا في ظل النظام القديم». وأضاف: «السماء هي الحد الأقصى لطموحنا في مراقبة حقوق الإنسان لشعبنا».
وأكد حمدوك أن «شطب السودان من القائمة الأميركية للدول راعية الإرهاب يحمل مفتاح كثير من الأمور، فبادئ ذي بدء، ورثنا ديونا متراكمة تصل لما يقرب من 60 مليار دولار، ولن نكون قادرين على بدء أي عملية لإعادة هيكلة الديون إذا لم يتم شطبنا، بسبب العقوبات المصاحبة والمفروضة على السودان والتي تأتي مع إدراجها في قائمة الدول الراعية للإرهاب».
وأشار إلى أن «التحدي الفوري الذي نواجهه في هذا السياق هو النقص في السلع، والتضخم المرتفع للغاية، كل هذا يؤدي لمصاعب خطيرة للغاية للمواطنين العاديين في الشوارع؛ لذلك أعتقد أننا نود أن نرى شركات محترمة من جميع أنحاء العالم، وخاصة من الولايات المتحدة، لتأتي وتستثمر في بلدنا مما سيخلق فرص عمل، وكل هذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا شطبنا من هذه القائمة».
وأعرب حمدوك عن اعتقاده أن السودان يقدم للولايات المتحدة فرصاً ضخمة للاستثمار في كل القطاعات، كما أن السودان يتمتع بموقع استراتيجي بسبب حدوده مع سبعة بلدان، وتحقيق التعاون بين السودان والولايات المتحدة له تأثير استراتيجي كبير في المنطقة بأسرها.
ونوه إلى أن هذا يتجاوز المصالح الاقتصادية للولايات المتحدة، مشيرا إلى أن المنطقة مليئة بالبؤس، ومن أمثلة ذلك ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا. ولفت إلى أن ما حدث في السودان كان تغييرا سلميا يمنح الأمل لتلك المنطقة من العالم، التي خلقت العديد من التحديات والمشاكل للسلم والأمن الدوليين، ومن ثم فإن مساعدة السودان، التي تسير في الاتجاه الصحيح، ستجلب الأمل إلى العالم.
وبشأن إمكانية تسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمته على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها، قال حمدوك إن البشير يخضع أيضاً للمحاكمة في السودان وقائمة القضايا طويلة جدا، سواء في دارفور أو غيرها، مشيرا إلى أن القضايا المعروضة على المحاكم يمكن أن تصل إلى 20 أو 30 أو 40 قضية بدءاً من اليوم الأول، للإطاحة بحكومة منتخبة، وصولا إلى الإبادة الجماعية في دارفور، من خلال أعمال وحشية أخرى. وقال إنها ليست دارفور وحدها، فهناك العديد من الفظائع التي ارتكبت في أجزاء كثيرة من البلاد، نحن نعمل على إنشاء هياكل قضائية مستقلة وذات مصداقية للتعامل مع مثل تلك القضايا.
ونفى حمدوك ما تردد عن أن محاكمة البشير ستستغرق عقودا من الزمن وقال إنه «فيما يتعلق بهذه القضية، يتمثل هدفنا الأساسي ومعيارنا في أنه يجب النظر إلى العدالة على أنها أفضل ما يرضي الضحايا، إنهم من سيرشدوننا في هذه العملية، ويسعدنا أن نفعل أي شيء يرضيهم».
وتعد زيارة حمدوك الحالية لواشنطن هي أول زيارة يقوم بها رئيس حكومة سودانية على مدى ثلاثة عقود، وهي الزيارة التي تستهدف إقناع الإدارة الأميركية بشطب اسم السودان من قائمة الدول راعية الإرهاب.
واشنطن والخرطوم لتبادل السفراء... ولقاء مرتقب بين ترمب وحمدوك
بومبيو يرحب بزيارة رئيس الوزراء السوداني
واشنطن والخرطوم لتبادل السفراء... ولقاء مرتقب بين ترمب وحمدوك
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة